عشاق “الموتورات” في ريف دمشق.. أين كنا وأين صرنا؟
مجد عليان – عنب بلدي
“آخر تعريشة”.. هكذا علق أحمد مجاهد على صورة نشرها، عبر صفحته في “فيس بوك”، لمقاتل يقود دارجة نارية كـ “المحترفين” على عجلة واحدة، قبل خروج مقاتلي داريا نحو إدلب، في 26 آب الماضي.
تُذكّر الصورة بظاهرة كانت منشرة في ريف دمشق، ألفها السكان قبل الثورة السورية، وخاصةً أيام الجمعة، حين يجتمع أصحاب الدراجات جماعات متوجهين إلى نزهة بعيدة أو ضمن بلدتهم.
كان من الطبيعي أن يتجمهر عددٌ من الشباب حول دراجاتهم، يمعنون النظر فيها جيدًا ويتباحثون الفوارق بينها وأيها أفضل.
ورغم أن الظاهرة كانت تتلقى سيلًا من الانتقادات والاتهامات للشباب بـ “التلطيش” للفتيات وملاحقتهن، لا تكاد تخلو سهرة من سهرات الشباب إلا ويدور الحديث عن آخر المستجدات، فـ “فلان اشترى (مكنة) جديدة، وفلان باع، وفلان دراجته تهريب، وفلان…”.
أين أصبحت الأسواق والوكالات؟
ماتزال الدراجات النارية منتشرة في الريف الدمشقي، ولو على نحوٍ أقل مما كانت عليه قبل خمس سنوات، لكن الفارق هو تغير العادات وغياب كثير من المظاهر والأجواء التي اعتادت عليها هذه المناطق، فانخفضت نسبة البيع والشراء وفقاً للمنطقة إن كانت محاصرة أو تحولت إلى جبهات قتال، فالسوق كان يتركز في بلدات الغوطة الشرقية عربين وحرستا ودوما، وفي الغوطة الغربية كانت داريا والكسوة.
وتركزت أسواق الريف الغربي حاليًا في بلدات زاكية والكسوة كونها مناطق هادئة نسبيًا، وحركة تجارة الدراجات الجديدة والمستعملة تشهد نشاطاً وإقبالاً، مقارنة مع مدينة داريا التي انعدمت فيها حركة التجارة بشكل كامل، وبلدات الغوطة الشرقية التي اقتصرت على بيع وشراء الدراجات المستعملة، بسبب الحصار.
وبقيت أغلب ماركات الدراجات الجديدة منتشرة في الأسواق، كـ “PART”، و“LIFAN”، و“JIALING”، والتي يستوردها مجموعة من الوكلاء المعتمدون أبرزهم: شركة “صلاح الدين عيتاني”، و”أبو شعر” و”العقاد”.
كما يوجد أنواع توقف استيرادها النظامي، وأغلبها صناعة يابانية، كـ “YAMAHA”، و”HONDA”، لتقتصر عمليات البيع والشراء فيها على “المكنات” المستعملة.
ويتراوح سعر الدراجة الجديدة، حاليًا، بين 600 و800 دولار أمريكي، أما الدراجات المستعملة فتبدأ من 400 دولار، ويزداد السعر حسب حالة الدراجة.
إلا أن الأسعار تنخفض بالنسبة للدراجات المهربة (غير النظامية)، والتي لم تسجل لدى إدارات المرور، وهي تلقى إقبالًا أكثر من النظامية.
عشاق الدراجات يتحسّرون
تعتبر الدراجات النارية وسيلة نقل سهلة، ورخيصة الثمن، إذا قورنت بالسيارات، لذلك تعتبر وسيلة مفضلة للطبقة الوسطى والفقيرة في المجتمع، وكان لفئة الشباب على وجه التحديد النصيب الأكبر منها.
عدنان، الشاب العشريني الذي كان يتباهى أمام رفاقه أنه يستطيع القيادة على عجلة واحدة لمسافة تزيد عن كيلومتر، حسب قوله، هو الآن مقاتل في صفوف “الجيش الحر”.
ونزيه كان لديه دراجة طراز “RX 135”، واحدٌ من أكثر المولعين والمهتمين بدراجته من حيث النظافة والزينة، يعمل الآن في لبنان ولكن دون دراجته التي استولى عليها “الشبيحة”، كما يقول.
معن أبو نزار يجلس في تركيا بعد إصابته، ولا تكاد تمر دراجة من أمامه إلا ويتحسر على الأيام الماضية عندما كانت دراجته لا تفارقه ليل نهار، فالحال لا يسمح له بشراء دراجة نارية والجو الذي اعتاد عليه لن يجده إلا في بلده.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :