د. أكرم خولاني
الشقيقة، أو الصداع النصفي، تشكل مأساة حقيقية يعاني منها بعض الناس حول العالم، فهي تصيب 12-28% منهم في مرحلة ما من حياتهم، وتسبب ألمًا شديدًا قد يؤدي إلى عدم القدرة على أداء المهام اليومية.
لأن سبب الشقيقة الرئيسي غير مفهوم بشكل كامل لحد الآن، فليس هناك علاج حتمي للشقيقة، ولكن هناك اتجاهين للعلاج، الأول وهو تقليل حدّة الصداع والأعراض عند حدوث النوبة، والثاني هو خفض مرات تكرار نوبة الصداع بحيث لا تزيد عن مرّتين شهريًا.
كيف يمكن تخفيض حدة الصداع والأعراض عند حدوث نوبة الشقيقة؟
عادة ما يتم أخذ الأدوية للتخفيف من الصداع، ولكن هناك طرق منزلية مثبتة يمكن أن تساعد على تخفيف الألم، منها:
- جلوس المريض في غرفة مظلمة وهادئة، وأن يحاول النوم.
- تدليك منطقة الرأس، وخصوصًا الجبهة والصدغ، للتخلص من الألم، ويفضل التدليك بالزيوت المعالجة، مثل النعناع، فالاحتكاك يولد حرارة صغيرة تعمل على تخفيف الألم، والزيوت تحفز توزيع الدم في المناطق المختلفة.
- تدفئة الجسم وتبريد الرأس عن طريق الجلوس في حوض الاستحمام المليء بالماء الدافئ، مع وضع كيس ثلج بارد على الرأس. الدفء يوسع الأوعية الدموية في الجسم، بينما يسبب كيس الثلج انكماش الأوعية الدموية في الرأس، مما يخفف الأحاسيس المؤلمة.
- تجنب أي شيء يزيد من حدة الصداع كالقهوة والكحول والتوتر وغيرها.
يتبع ذلك تناول الأدوية تبعًا لشدة الصداع والأعراض:
فمرضى الصداع الخفيف يستجيبون للباراسيتامول أو خليط الباراسيتامول والأسبرين والكافيين.
فيما يحتاج مرضى آخرون إلى أدوية أقوى مثل: مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (كالبروفين والديكلوفيناك)، ويعطى مع هذه الأدوية مضادات القيء(ميتوكلوبرومايد لوحده أو مخلوط مع باراسيتامول).
أما المرضى الّذين يتعرضون لموجات حادة من الألم فيمكن إعطاؤهم كيتورولاك على شكل حقن وريدية، كما يوصف لهم الإرجوتامين أو السوماتريبتان، إذ تقوم هذه الأدوية بقبض جميع الأوعية في الجسم (لذلك لا تعطى في حالة أمراض القلب والشرايين، وكذلك لا تعطى للحوامل).
كما يمكن إضافة جرعة واحدة في الوريد من ديكساميثازون إلى العلاج الأساسي لنوبة الشقيقة، مما يخفض من تكرار الصداع خلال الساعات الـ 72 التالية.
ولكن يجب التنبه إلى أن الاستعمال الدائم للأدوية قد يؤدي إلى الصداع الناتج عن الاستعمال المفرط للأدوية، والذي يكون فيه الصداع أكثر حدة وأكثر تواترًا، وقد يحدث هذا مع التريبتانات وإرجوتامين والمسكنات.
كيف يمكن تخفيض مرات تكرار نوبة الصداع؟
تتضمن الوقاية من تكرار نوب الصداع كلًا من تغيير نمط الحياة، واستخدام الأدوية، والجراحة.
تغير نمط الحياة عن طريق التحكم بالعصبية، والقيام بالنشاطات التي تقلل من التوتر، وتجنب الأمور الّتي تحفز الألم كالحبوب المضادة للحمل، والهرمونات الّتي تحتوي على الأستروجين، وكذلك تجنب التوتر وتناول الكحول والدّخان والقهوة، كما أن هناك أطعمة تزيد من تكرار نوبات هذا المرض كالجبنة والشوكولا والفستق وغيرها، لذا ينصح المريض بالابتعاد عنها خاصة في فترة النوبات، وينصح أيضًا بعمل جدول في الأمور التي يعتقد المريض بأنها تزيد من تكرار النوبات محاولًا الابتعاد عنها، ويجب الانتباه إلى طرق النوم وعدد ساعاته فالنوم لفترة كافية وفي مواعيد منظّمة يقلل من أعراض الشقيقة بشكل ملحوظ.
أما الأدوية فتستخدم لمدة تستمر من 3-6 أشهر، وتتضمن كلًا من توبيرامات وفالبروات الصوديوم وبروبرانولول وميتوبرولول وتيمولول والفيراباميل، كما أن الغابابنتين والأميتربتيلين والفنلافاكسين قد تكون فعالة، في حين يعد فروفاتريبتان فعالًا للوقاية من الصداع النصفي الذي يصاحب الطمث، وقد تم اكتشاف فائدة حقن شد الوجه (بوتوكس) في حالات الصداع المزمن غير أنه غير مفيد في حالات الصداع الذي يحدث على شكل نوبات.
كذلك تستعمل طريقة التنبيه العصبي بواسطة المنبه العصبي القابل للزرع (يشبه الناظمة القلبية)، ويلجأ إلى هذه الطريقة لعلاج الصداع النصفي المعند المزمن.
ويمكن للحجامة في قبة الرأس وأسفل النقرة وتحت الأذنين أن تخفف من تكرار نوب الشقيقة، وقد يكون الوخز بالإبر فعالًا في العلاج.
أما جراحة الشقيقة (إزالة الضغط عن بعض الأعصاب في منطقة الرأس والعنق) فقد تكون الخيار العلاجي لدى بعض الأشخاص الذين لا يتحسنون باستخدام الأدوية.