ملهم الحمصي
2012 الأربعاء 22 أغسطس
الجريدة التي تصدر في داريا، ثاني كبريات مدن الريف الدمشقي، بصمت بسرعة في فضاء الإعلام الشبابي، وحققت حضوراً لافتاً جذب كبرى وسائل الإعلام العربية والدولية لحوارها ومحاولة توضيح هويتها وماهيتها.
“إيلاف” التقت رئيس تحرير الصحيفة، والذي يحمل لقب “الناطور”، في كرم “عنب بلدي”، وكان لها معه اللقاء الآتي…
– هلا حدثتنا عن مشروع جريدة “عنب بلدي” باختصار، وكيف كانت ظروف النشأة؟
عنب بلدي مشروع إعلامي أطلقه شباب وبنات داريا الناشطون في الثورة ضمن سلسلة نشاطات التغيير السلمية، التي قاموا بها منذ بداية الثورة السورية، هدفه إيصال صوت الثورة للجمهور على الأرض، من خلال وسيلة إعلام ورقية سهلة التداول والتأثير.
بدأت فكرته بعد أشهر من انطلاق الثورة السورية، ورأى النور في بداية العام 2012، بعدما اكتملت الرؤيا، وأصبح الفريق جاهزًا لخوض التجربة، وكان ذلك ضمن ظروف صعبة نسبيًا نظرًا إلى قلة الخبرة الإعلامية وضعف الإمكانات المهنية.
– ما هي أهم الموضوعات التي تتناولها الجريدة؟
الجريدة متنوعة بموضوعاتها وأفكارها واهتماماتها، ففيها مساحات مخصصة لأخبار الثورة، وأخرى للتحليل والتعليق السياسي على أبرز الأحداث والتطورات السياسية في ما يتعلق بالثورة السورية على الصعيدين الداخلي والخارجي. كما خصصت الجريدة مساحات خاصة بأخبار الحراك الثوري في مدينة داريا، تتضمن شؤون معتقليها وشهدائها، إضافة إلى نشاطاتها وفعالياتها الثورية.
الجريدة خصصت أيضًا صفحة للموضوعات والهموم الاقتصادية ذات الحضور الكبير في يوميات المجتمع السوري لكون الاقتصاد هو القطاع الأكثر تأثرًا بعمليات القمع اليومية، التي يقوم بها النظام السوري. وخصصنا أيضًا مساحات مختلفة تحوي موضوعات اجتماعية وفكرية وأدبية وتوعوية عديدة، إضافة إلى بعض الإرشادات التقنية لمستخدمي الانترنت من نشطاء الثورة.
– كيف ترى حجم التواصل والتفاعل بين أوساط المهتمين والمتابعين لجريدتكم؟
على الرغم من تواضع إمكانياتنا ومحدودية الوصول إلى جمهور كبير، فإننا نرى أن التفاعل جيد جدًا، حيث نتلقى رسائل كثيرة من قرّاء وكتّاب يرغبون في النشر على صفحاتنا، وأحيانًا يقدمون إلينا ملاحظاتهم ونصائحهم. كما إننا وجدنا اهتمامًا إعلاميًا فاق توقعاتنا، شكّل لنا دفعة قوية في المضي في تجربتنا، وقد كتبت مقالات عديدة عن جريدة “عنب بلدي” في أبرز المواقع الإخبارية.
– كيف تقومون بالتواصل مع الكتّاب والحصول على المعلومات وتوثيق الوقائع في ظل التعتيم الإعلامي الكبير الذي يفرضه النظام؟
بالنسبة إلى التوثيق، فنحن نعتمد على المواطن الصحافي، الموجود أساسًا ضمن الحدث، وينقل إلينا ملخص الأحداث، من خلال تقرير أسبوعي، هذا بالنسبة إلى مدينة داريا (مكان الصدور). أما بالنسبة إلى أخبار سوريا، فإننا نعتمد على التقارير الإخبارية، التي تعدها أشهر المؤسسات الإعلامية، كالـ الجزيرة نت والعربية نت والبي بي سي، ويقوم قسم الأخبار في الجريدة بتدقيقها ومطابقتها ومقاطعتها واستخلاص موجز منها.
التواصل مع الكتّاب البعيدين عنا جغرافيًا يكون عبر البريد الالكتروني وبرامج الدردشة. أما الكتّاب من أبناء داريا، فغالبًا ما يكون التواصل معهم مباشرًا، وإن كان ذلك محفوفًا بالمخاطر في معظم الأحيان!.
– كيف ترى دور الشباب في الأحداث الجارية في سوريا، وتحديدًا الناشطين الميدانيين والسياسيين والحقوقيين؟
الثورة السورية هي ثورة شباب بامتياز.. دورهم فيها محوري، وهم الأكثر تأثيرًا وفاعلية من بين بقية شرائح المجتمع السوري، بحكم ما يمتازون به من حيوية واندفاع وطموحات، إضافة إلى المعارف التقنية والإعلامية، التي تدار من خلالها الثورة. لكن وللأسف، فإن هذه الشريحة -على ما تملك من ميزات-
– ما تقييمك للإعلام السوري الرسمي والمعارض على حد سواء، وكيف ترى حضور الحدث السوري في الإعلام العربي؟
الإعلام الرسمي السوري لا شك أنه إعلام مسيّس، كاذب ومضلل، وربما كان أحد الأسباب التي دفعتنا إلى اقتحام الساحة الإعلامية، لنحاول نقل الحقائق التي يزيفها النظام بإعلامه الرسمي، وتصحيح الصورة المعاكسة التي ينقلها إلى العالم.
على الضفة الأخرى، كان الإعلام المعارض أكثر موضوعية وصدقًا في نقل حقائق الأحداث، وإن امتزجت في بعض الأحيان بعواطف وآلام الناس فبدت كأن فيها بعض المبالغات، إلا أنه رغم ذلك، ظل الإعلام المعارض غير قادر على الإحاطة بكل تفاصيل الثورة المؤلمة، التي يعيشها الناس في مختلف المناطق السورية، وذلك لضعف الإمكانيات المادية، وضعف القدرة على التواصل والحركة في ظل الضغط الشديد والتعقب الأمني للنشطاء والإعلاميين من قبل النظام.
أما عن حضور الحدث في الإعلام العربي، فلا شك أن الثورة السورية فاقت ثورات الربيع العربي الأخرى أهميةً وتأثيرًا بالرأي العام، وهي مادة يومية لكل قنوات الإعلام العربية والغربية لما تحتله سوريا من أهمية تاريخية وجغرافية وسياسية.
– كيف يمكن مساعدة التجارب الشبابية الإعلامية والناشطين السوريين لإيصال صوتهم ومعاناة شعبهم إلى العالم؟
المشاريع والنشاطات الشبابية في الداخل قائمة على العمل الطوعي ضمن الإمكانيات المادية المتوافرة بين الأيادي من تبرعات الأهالي. ما ينقص هذه المشاريع حقيقة هو الدعم المهني والتقني، الذي يمكن أن تقدمه منظمات وهيئات مختصة أو مؤسسات إعلامية كبيرة، حيث إن معظم النشطاء والثوار الإعلاميين قليلو الخبرة في المجال الصحافي والإعلامي، وهم في حاجة إلى تدريب وتطوير لإمكانياتهم المهنية، كما إنهم بحاجة إلى وسائل تقنية متطورة، تسهل عمليات نقل الأحداث وإيصالها إلى العالم الخارجي، وتجاوز الحظر التقني على الاتصالات، الذي فرضه النظام على حرية الإعلام.