قبل أقل من 216 ساعة على الحدث الأبرز عالميًا “الانتخابات الأمريكية”، نظمت “مبادرة مناظرة” مناظرة حية مساء السبت الفائت، 29 تشرين الأول، في مدينة اسطنبول التركية، حول أطروحة جدلية حملت عنوان “ترامب الأفضل للعالم العربي”.
وبينما يترقب العالم مَن سيكون الساكن الجديد للبيت الأبيض، هل هي “السيدة” أم “الملياردير”، اللذان يخوضان ماراثون السباق الانتخابي الرئاسي لبلادٍ تكاد تتحكم سياستها الخارجية بشؤون معظم دول العالم عمومًا ومنطقة الشرق الأوسط تحديدًا، تعقد على وقع السباق “المثير” المناظرات والنقاشات وتخصص العديد من وسائل الإعلام العالمية حيزًا كبيرًا لتغطية هذا الحدث.
عنب بلدي، كانت شريكًا إعلاميًا في نقل المناظرة الحية، التي شارك فيها أربعة متحدثين، اثنان من الشباب وآخران من قادة الرأي العرب، للمناقشة والمحاججة حول أطروحة “ترامب الأفضل للعالم العربي”.
على الطرف المؤيد للأطروحة، جلس الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور مازن الأشيقر، مستشار سابق للحكومة العراقية، تسانده الشابة الليبية نهال فتحي الدهماني (19 سنة). بينما جلس على الضفة الرافضة للأطروحة، المعارضة السورية نغم الغادري، عضو الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري، ومعها الشاب المغربي أسامة لخضر (18 سنة)، ليقول إن ترامب هو “الأخطر” بالنسبة للعرب.
ترامب الأفضل، ترامب الأخطر
أدار المذيع والإعلامي التونسي مكي هلال المناظرة، باللغة العربية، وبثها الرعاة الإعلاميون على الهواء مباشرة عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعي، واستمرت لساعة كاملة، قدم خلالها الطرفان حججهم حول جدلية هل ترامب أفضل للعرب أم لا؟ ولماذا؟، كما تخللها تصويت للجمهور الحضور في بداية المناظرة وفي نهايتها على الموضوع المطروح.
اللافت أن نتائج تصويت الجمهور، الذي ملأ مقاعد الاستوديو، بقيت ثابتة في التصويتين، إذ ساند 33% منهم الأطروحة، بينما عارضها 67%.
ودافع مازن الأشيقر عن ترامب باعتباره “الأفضل للعرب”، واتهم، في بداية المناظرة، خصوم ترامب الديمقراطيين بالمراوغة، محملًا أوباما ووزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون مسؤولية نشوب الحروب والصراعات في الشرق الأوسط، لأنهم حرضوا شعوب المنطقة لتثور على الحكام ووعدوها بالديمقراطية، “وما جنينا إلا الربيع العربي لا بل الكابوس العربي”، على حد وصف الأشيقر.
على الرغم من أن المنافس الجمهوري دونالد ترامب يعتبر شخصية مثيرة للجدل نتيجة اعتماده على مبدأ الصدمة في إطلاق تصريحاته، يصرّ الخبير العراقي على أفضلية ترامب، ويبرر ذلك في حديثه لعنب بلدي، بأن الفساد السياسي في واشنطن وصل لمستوى عالٍ، مشددًا على أن فوز ترامب هو لصالح أمريكا والعرب، لوضوحه وبراغماتيته المعلنة.
في الجهة المقابلة، رأت نغم الغادري أن ترامب ليس في صالح قضايا شعوب المنطقة. وتستنكر كيف لمرشح يعلن بأنه سيقف مع بشار الأسد في حال فوزه، أن يكون الأفضل؟ وقالت الغادري لعنب بلدي “من حسن حظنا أننا لسنا أمريكيين، والمرشحان لكرسي الرئاسة سيئان، ولكن إذا خُيرنا بين أفضل السيئين نختار هيلاري كلينتون”، لافتة إلى أن ترامب ليس من صالح الثورة السورية.
أما بالنسبة لجيل الشباب المشارك في هذا الحدث، جنبًا إلى جنب مع قادة الرأي، والذين تستهدفهم مبادرة مناظرة “لإنشاء جيل عربي قادر على التناظر ونشر ثقافة الحوار”. دافع كل من أسامة ونهال، اللذين يقفان على طرفي نقيض، عن رأيهما بشدة وقدما الحجج، كما وجها الأسئلة الصارمة للخبير الاقتصادي العراقي وللمعارضة السورية.
أسامة، طالب في المدرسة الوطنية للتجارة بالمغرب، يحذر من فوز المنافس الجمهوري، ويقول لعنب بلدي “ترامب يشكل خطرًا حقيقيًا لأنه يسعى إلى تحالف مع أطراف تعادي الأطراف المتضررة في الشرق الأوسط”.
أما نهال، الطالبة في كلية حقوق بجامعة طرابلس، فتدافع عن رأيها بأن فوز ترامب يعني القضاء على تنظيم “داعش” وتقليم أظافر إيران، الدولة التي انتشت في ظل حكم الديمقراطيين للبيت الأبيض.
وعن مشاركتها في هذه المناظرة، تقول نهال “المناظرة كانت رائعة وكانت فرصة لأعبر من خلالها عن رأيي”.
ولكن على الرغم من إصرارها، هي والخبير العراقي، على موقفهما بتأييد أطروحة “ترامب الأفضل للعالم العربي”، إلا أن الجمهور الذي صوّت ثلثاه ضد الأطروحة في بداية الحلقة لم يغير رأيه في نهايتها.
الهدف شباب قادر على التناظر
بدوره المذيع والإعلامي التونسي مكي هلال، الذي قاد المناظرة، ووزع الوقت بالتساوي على المتنافسين، يرى أن المناظرة كانت واعدة، ويقول لعنب بلدي “دارت بشكل جيد، وكان فيها تناظر حقيقي وكان فيها أفكار جيلين”، ويضيف “لقد أبهرت بمشاركة الشباب وأسلوبهم بالتناظر وبمهاراتهم”.
“مبادرة مناظرة” هي مبادرة عربية مفتوحة تهدف إلى إنشاء منتدى مستقل ونزيه يمثل ويهتم بالعالم العربي وقضاياه من أجل تعزيز الفضاء العام العربي. ولكن لماذا اختار المنظمون هذا العنوان “ترامب الأفضل للعالم العربي”؟ تقول براءة زيدي، مديرة قسم التوعية والبرامج التدريبية في المبادرة “الانتخابات الأمريكية موضوع الساعة ولها تأثير على المشهد العالمي والعربي ولا بد للعرب أن يكون لهم رأي في هذا الحدث”.
–