جريدة عنب بلدي – العد14 – الأحد – 6-5-2012
مضى أكثر من عام على انطلاق الثورة السورية المباركة، الآلاف من الشهداء سقطوا،، وتم اعتقال أكثر من ذلك.. الكثيرون انشقوا عن النظام والأكثر هجروا من منازلهم ليصبحوا لاجئين،، وما زالت الثورة مستمرة،،،
وما زال النظام يمارس حله الأمني العقيم الغبي، والذي يقضي بتقسيم الشعب إلى قسمين، موالين مرعوبون من إحساسهم بالخطر ومدفوعون إلى حمل السلاح والانخراط في التشبيح والقتل ظنًا منهم بأنهم محاصرون ولا مفر لهم من هذا (البعبع) الذي يهدد بابتلاعهم إلا بمحاربته بأقسى درجات العنف واللارحمة، قاطعين بذلك خط اللارجعة حيث أنهم وصلوا لقناعة أن الحياة مع أغلبية السوريين لم تعد قابلة للاستمرار إلا من خلال فرض القوة والعنف قبل أن تفرض عليهم (أو كما يظنون).
وبالمقابل إلى أغلبية ثورجية خرجت تطالب بحقها الطبيعي فكان هذا ذنبًا لا يغتفر أدى بها لأن تصبح مستهدفة من مليشيات مسلحة متمثلة بالأمن والشبيحة تريد إخضاعها بالقوة، هذه الفئة تحملت الكثير من القتل والذبح والاعتقال اللا مبرر والاغتصاب والسرقة والذل مقابل أن تبقى ثورتها سملية. ولكن الضغط لا بد أن يولد الانفجار، فكان لابد لها من طريقة تحمي بها نفسها من ضرر المعتدي وبنفس الوقت تحافظ على سلمية ثورتها،، فولد الجيش الحر، ومع ولادته،، زاد النظام وأتباعه من حدة القصف والقتل، ورفعوا وتيرة وعدد الشهداء اليومية قاطعين بذلك كل طرق الرجعة، وقاتلين بذلك أي أمل بالسلم الأهلي وعلى نفسها جنت براقش، فهم من وضعوا ظهورهم للحائط وهم من سيسقطون توسلاً للقصاص الرحيم، عقابًا على جرائمهم عندما يخونهم رأس النظام ويهرب في ليلة لا قمر فيها.
هذا الوضع الحاصل الآن في الساحة السورية،، بينما القطار الدولي يتحرك ببطء شديد تجاه خط النهاية لكن يبدو أنه سيقف في محطات كثيرة قبل أن يصل بمحطته الأخيرة، فمن التحدث عن أن هذه المشكلة يجب أن تحل إقليميًا ورمي الكرة في ملعب الجامعة العربية التي استنفذت كل ما في جعبتها من حيل دون فائدة، من مراقبين ومبادرة وشروط وموافقة فرفض فتقرير ظالم، فتحويل الموضوع لسلطة أعلى، كل ما سبق يصب في إطار إعطاء النظام مهلاً للقضاء على الثورة لكنه فشل فيها شلاً ذريعًا، فلا النظام قضى على الثورة، ولا هو كسب أصدقاء دوليين، فتراه كل يوم يفقد حليفًا مهمًا دوليًا واقليميًا ولولا دعم إيران وروسيا له من واقع مصالحهم وأهدافهم الشخصية لوجد نفسه في عزلة تامة عن كل العالم.
ونفس الأمر يتكرر بحذافيره مع الأمم المتحدة، مراقبين ومبادرة وشروط وموافقة ورفض، أيضًا في إطار المهلة شبه الأخيرة للنظام للقضاء على الثورة. ولنفرض جدلاً أن النظام قضى على الثورة وانتصر،،
ماذا سيفعل؟؟ كيف سيعيش في مجتمع يعلم تمامًا أنه يكرهه ويتمنى قتله وسيقتله عندما تسنح له الفرصة!!
كيف سيقوم بإرضاء أهالي الشهداء والمعتقلين والمهجرين؟؟ هل سيجرؤ على محاكمة الفاعل الحقيقي؟؟
بالطبع لا،،
وعندما تهدأ الأوضاع ،، ويسحب قوات الجيش من المدن، هل سيضمن أن الثورة لن تتحرك مجددًا؟
وكيف سيضمن أن المجندين الجدد الملتحقين بالخدمة العسكرية لن يكونوا سوى قنابل موقوتة تنتظر أن تنفجر في القادة العسكريين الذين قتلوا أهاليهم بل وأبسط من ذلك،، كيف سيضمن أحد أفراد النظام أن يأكل من يد شخص موتور بمقتل أهله؟؟ وكيف وكيف وكيف،،
إذًا لا حل للنظام ولا مهرب سواء الآن أو بعد انتصاره المزعوم (في حال أنه انتصر) إلا أن يقوم بقتل الثورة أو تهدئتها للمفاوضة على شروط رحيله فقط وأظن أن النظام يعلم ذلك، لذا هو يوغل في القتل والتدمير عله يسكت الثوار ليدخل المفاوضات كطرف أقوى ويفرض شروطه الخاصة للرحيل
إذًا فالثورة منتصرة من أول يوم سقط فيه شهيد في سوريا، ولو غلا ثمن الحرية،، فهذا ما يجعل الثورة السورية هي الثورة