جريدة عنب بلدي – العد14 – الأحد – 6-5-2012
عندما تكون مضيئًا يكون خطرك كبيرًا على سدنة هياكل الظلمة .. وعلى قدر شدة إثارتك يكون أذاك لعيونهم.. وإذ يقررون الخلاص منك بالقتل يكون قرارهم شهادةً لك … وشهادةً عليهم… وفي دنيا الخفافيش لا شافع للمضيء..
لقد كان النّور المضيء يشق طريقه مع انحسار ظلمة اليأس، فكشف ذاك النور صورته التي بدت للوهلة الأولى أنه هو من يرتدي ملابسهُ ويربط ربطة عُنقه وكأنه عريس في يوم زفافه تساءلتُ ما هذا الذي أراه ؟!
ولماذا يجلس بينهن؟! وهن نسوةٌ !! يخيمُ الصمتُ عليهن لا تكاد الواحدة منهن تتنفس، فقد بدا لي المشهدُ غريبًا.. لماذا هذا الحزن البادي على وجوههنّ؟ فهنّ جالساتٍ وأمامهنّ عريسٌ يلبسُ ثوب فرحه، سرقتُ النظر مرةً أخرى لأرى الشاب الجالسُ بيننا فوقع نظري على عينيه فرأيتُ فيهما الورع والتقى، فخجلتُ من نفسي وأبعدتُ ناظري عنه، و إذا بأمه جالسةٌ والدموع تأبى أن تنزل أو تقطر من عينيها؛ ففي هذه اللحظة أدركتُ أنها لم تعد حياتها كما كانت، زحف الحزنُ وألم الفراق على قلبها، فامتلأت حياتها بالفراغ والحنين لرؤيته ولسماع صوته وللمس يده، فلن تفرط في أيّ شيء من بقاياه: كتبهُ، ثيابهُ، حتى فرشاة أسنانه، كل شيء كان يحمل شيئًا منه، فقررت أن تعلق ثياب عرسه أو الذي كانت تحلم أن يلبسها يوم عرسه؛ في غرفة الجلوس وتضع صورته فوق ربطة عنقه من أجل أن يخيل لها أنه هو من يجالسها ويشاطرها الأحاديث التي يجلي بها الحزن والألم عن قلبها، ويدخل إليها البهجة والسرور.. ذلك الفتى الرّيان، المدلل المنّعم، كأنه لؤلؤة في عقدٍ فريدٍ من نوعه …
اسأل عنه زوايا المسجد يجيبك عن زهده وورعه، اسأل عنه رفاق دربه فتتلعثم ألسنتهم عند البدء في ذكر صفاته و أخلاقه الحميدة، كأنه رجلٌ من عصر الصحابة؛ حمل صفاتهم وإيمانهم وعقيدتهم السليمة الواضحة التي لا لبس فيها.. فيا ألم الفراق والرحيل فهو يترك جروحًا لا تندمل وفراغًا كبيرًا لا يملأ مكانه أحد.. فهنيئًا لك أيّها الشهيد علاء حمدوني… وصبرًا لك يا أماه…