تعهدات وحركة إعمار في إدلب.. و”النازحون” يشترون
مراد عبد الجليل
مشاريع وتعهدات وحركة إعمار شهدتها مناطق ريف إدلب الغربي، وخاصة بلدات حارم وسلقين وسرمدا وكفرتخاريم، الآمنة نسبيًا، إذا ما قورنت مع بقية المناطق في المحافظة التي تشهد قصفًا مستمرًا من طيران النظام السوري والروسي.
عوامل كثيرة دفعت المتعهدين والجمعيات إلى الشروع في الإعمار، يعدّ “عامل الأمان” من أهمها، كونها قريبة من الحدود التركية وبعيدة عن مناطق النزاع المسلح، إضافة إلى ازدياد أعداد النازحين فيها من المناطق الأخرى.
على الصعيد الاقتصادي تكمن أهمية هذه المشاريع بالمردود المالي الذي يكسبه المتعهد، إضافة إلى أنها تسهم في إنعاش اقتصاد المنطقة، وتوفر فرص عمل لمعظم العمال الذين أصبحت تركيا الملجأ الوحيد لهم من أجل البحث عن فرصة عمل.
تركيا.. الشريان الوحيد
يعتبر معبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا الشريان الوحيد للمشاريع، فجميع أدوات البناء (إسمنت وحديد ورمل) تدخل إلى ريف إدلب الغربي من تركيا عبر المعبر، بحسب المتعهد إياد فطومة في حارم، الذي أكد أن جميع أدوات البناء تدخل عن طريق حركة “أحرار الشام” إذ تدير المعبر الذي يغلقه الجانب التركي أحيانًا، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار مواد البناء.
وأوضح فطومة لعنب بلدي أن بناء 200 متر مربع تحتاج إلى “أساسات” بقيمة مليون و350 ألف ليرة سورية (2500 دولار بحساب سعر الصرف 540)، وطنين من الحديد بسعر 486 ألف ليرة (900 دولار)، وعشرة أطنان من الإسمنت بقيمة 405 آلاف ليرة (750 دولارًا)، وخمس سيارات رمل 200 ألف ليرة (370 دولارًا)، إضافة إلى أدوات أخرى مثل “البلوك والماء ومصاريف العمال” والتي تقدر بـمليون و300 ألف ليرة سورية (2400 دولار). ليبلغ سعر المتر الواحد (على العظم) نحو 12800 ليرة سورية، في حين يختلف هذا السعر من منطقة لأخرى كما يختلف بتنوع الإكساء.
الأرض ومشكلات الفراغ
الخطوة الأولى للمشروع هي كيفية الحصول على الأرض التي سيتم البناء عليها، حسبما أفاد فطومة، إذ أكد أن جميع الأراضي يتم شراؤها والتوافق عليها بين الطرفين (البائع والمشتري)، وهي إما زراعية أو ملك أو إصلاح، لكن الأهم أن تكون صالحة للبناء، مشيرًا إلى أن أراضي الملك تكون ذات قيمة مرتفعة أكثر.
ويتم التوافق بين الطرفين عن طريق عقد بحضور شاهدين اثنين، ليتم تثبيت العقد في دار القضاء أو المحكمة التي تتبع لفصيل جبهة “فتح الشام” ويتم التصديق عليه.
وعن الوضع القانوني لعمليات البناء والشراء قال القاضي في “مجلس القضاة السوري الحر المستقل”، إبراهيم حسين، إنه نتيجة غياب المحاكم والدوائر الرسمية عن بعض المناطق، يقوم الناس بالاكتفاء بالعقود فيما بينهم لنقل الملكية.
وأكد أنه يمكن تنظيم عقود بيع عبر مكاتب مختصة يقوم عليها أناس مشهود لهم بالنزاهة، أو أن تقوم الكتائب المسيطرة على الأرض والمجالس المحلية، التي نشأت في ظل الثورة، بدورها في تنظيم عمليات البيع والشراء ومنع التجاوزات وعمليات الاحتيال، ولعل الأنسب هو مسك سجلات تشبه سجلات الكاتب بالعدل بإدارة مختصين وذوي خبرة تدوّن فيها الوقوعات الطارئة عقاريًا ليتم استخدامها لاحقًا في تثبيت حقوق المتعاقدين.
حسين وصف، في حديثٍ إلى عنب بلدي، تثبيت العقود عند محام تابعة لجبهة “فتح الشام” بالأمر الجيد، معتبرًا أن أفضل الحلول حاليًا في ظل غياب غياب الدوائر الرسمية هو وضع حد للتجاوزات غير المشروعة على العقارات، وهذه مسؤولية قوى الأمر الواقع التي تسيطر عسكريًا على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
لكنه أوضح أن هذه المحاكم يمكن أن تقصف بأي لحظة ما يؤدي إلى ضياع وثائقها، أو تتغير السيطرة على الأرض من فصيل إلى آخر، الأمر الذي يعيدنا إلى نطقة الصفر، إضافة إلى وجود محاكم مختلفة باختلاف الفصائل، وغالبًا لا تعترف كل محكمة بوثائق المحاكم الأخرى.
النازحون الأكثر شراء
بعد ازدياد أعداد النازحين في المنطقة وخاصة القادمين من مدينة حلب وحمص، شهدت أسعار بيع وإيجار الشقق السكنية ارتفاعًا ملحوظًا.
معظم القاطنين توجهوا إلى شراء الشقق بدل الإيجارات بسبب ارتفاعها، حسبما قال مصطفى عمر، نازح من حمص، وأكد أنه اشترى شقة سكنية “مكسية” مساحتها 78 مترًا مربعًا في حارم بسعر مليون و600 ألف ليرة سورية، ما يعني أن المتر الواحد يعادل نحو 20 ليرة سورية، في حين يبلغ سعر المتر الواحد دون إكساء بين 11 و15 ألف ليرة سورية، بحسب الموقع والقرب من مركز المدينة.
الدافع وراء الشراء هو ارتفاع إيجارات المنازل، بحسب عمر، فقد وصل سعر إيجار شقة صغيرة إلى ما يقارب 150 دولارًا شهريًا (81 ألف ليرة سورية) إضافة إلى طلب صاحب المنزل الإيجار لستة أشهر مقدمًا.
وعن كيفية العقد بينه وبين صاحب الشقة، أكد أنه تم توقيع عقد مع الطرف الثاني بحضور شهود، وتم تثبيته في محكمة تابعة لجبهة “فتح الشام”.
وفي ظل استمرار المصالحات بين قوات الأسد والمعارضة في ضواحي دمشق وحمص واتفاقهما على خروج المقاتلين مع عائلاتهم إلى ريف إدلب، إضافة إلى استمرار النزوح من المناطق التي تتعرض لقصف مستمر إلى المحافظة وازدياد حركة الإعمار فيها، يرى محللون اقتصاديون أن إدلب تتحول شيئًا فشيئًا إلى عاصمة الشمال السوري، خاصةً مع الأوضاع المتدهورة في حلب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :