الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.. معركة بعد المعركة

  • 2016/10/30
  • 3:08 ص
طفلان يعملان في مغسل للسيارات بريف إدلب - تشرين الأول 2016 (عنب بلدي)

طفلان يعملان في مغسل للسيارات بريف إدلب - تشرين الأول 2016 (عنب بلدي)

يؤثر النزاع في سوريا على نمو الأطفال ويتسبب بمشاكل نفسية وأسرية لديهم، لذلك تعمل عددٌ من المنظمات على تقديم خدمات الصحة النفسية والحماية.

ومن هذه المنظمات “مستقبل سوريا الزاهر”، التي تأسست عام 2008 تحت اسم “المجموعة النفسية السورية”، وبدأت بالاهتمام بالصحة والعافية النفسية، ليستمر العمل مع بداية الثورة، بالانتقال إلى الأردن عام 2012، ثم إلى تركيا حيث حصلت على ترخيص في أيار 2014.

“مستقبل سوريا الزاهر” تتوجه إلى الصحة النفسية والحماية

ويقول الطبيب النفسي عمار بيطار، منسق الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في المنظمة، إن الصحة النفسية لم يكن يسلط الضوء عليها في سوريا، إذ توسم في مجتمعاتنا باسم المرض النفسي، والصحة النفسية هي تدخل اختصاصي، وممارستها في الأزمات ليست كما قبلها. لذلك حددت المنظمة وجهتها بالعمل بموضوع الصحة النفسية والحماية للأطفال وبالقطاع الدراسي.

الممارسة الطبية النفسية في سوريا كانت، تشبه مثيلاتها في كثير من دول العالم، إذ تعتمد على طبيب يقدم وصفات دوائية، وبعض الأطباء يحولون إلى المعالجة النفسية، لكنها غير مؤطرة بشكل صحيح، لغياب قانون ناظم لخدمات العلاج النفسي غير الطبي.

الخدمات التي تقدم بالأزمات هي دعم نفسي اجتماعي وصحة نفسية، وظهرت فكرة الدعم النفسي الاجتماعي كحاجة للسوريين، لأنهم أبناء أزمة، لذلك اتخذت “مستقبل سوريا الزاهر” هذا المنحى الأكثر توسعًا، وشمولية لمناحي الحياة، وفق الدكتور بيطار.

دورنا هو إنشاء مكان صديق للطفل

هرم الدعم النفسي الاجتماعي، يبدأ من احتياجات الإنسان الأساسية، كالمكان الآمن والمأوى والحاجات الغذائية وحاجات النظافة والمرافق الصحية والمياه الصحية، وخاصة في المخيمات، فإذا تأمنت هذه الجوانب، فإن قدرًا كبيرًا من مخاوف الناس تتلاشى، ويصلون إلى الاستقرار النفسي. وهذا ما يدفع المنظمة للتنسيق والتواصل والتشبيك مع منظمات أخرى إغاثية وطبية.

وبعد تأمين الحاجات الأساسية ينتقل الدعم الاجتماعي إلى العائلة والمجتمع، وخصوصًا عند الناس الذين تجمعوا في مناطق خلقت مجتمعات جديدة، لا تجمعهم هوية، يقول الدكتور بيطار “نحاول تشكيل هوية يشعر الموجودون (في المجتمعات الجديدة) بالانتماء لها، عن طريق نشاطات الدعم الاجتماعي، خاصة وأنه عند النزوح تغيب القيادات في المجتمع كالمختار وشيخ الجامع… إما لأنهم يفقدون التأثير بفقد الأدوات، أو لأنهم لم يخرجوا مع المجموعة”.

ويوضح “نعمل على تماسك الأسرة والمجتمع وخلق هوية لهذه المجتمعات، وهنا يأتي دورنا في إنشاء المكان الصديق للطفل، المكان الآمن للمرأة، ومركز الخدمة المجتمعية التي تعمل على بيئة مناسبة للناس لتعود إلى التشبيك مع بعضها، وتبني علاقات جديدة”.

زواج الأطفال أبرز مشاكل البنات

واستعرض بيطار مجموعة من المشاكل النفسية التي تواجه بجلسات توعية هادفة لتعزيز مرونة هذه المجموعة من الناس، كتدريبات مهنية للمرأة، وجلسات توعية بتأثير الأزمة النفسية على البيوت والنساء والرجال والأطفال، وشرح آليات التعامل مع الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية أو المنعزلين أو معدومي الشهية أو من فقدوا التواصل مع أقرانهم، في المكان الصديق للطفل، مؤكدًا “الطفل ينمو من خلال اللعب”.

وتابع في ذكر المشاكل التي تستند على أساسٍ نفسي، كزواج الأطفال الذي يسبّب إشكالًا أكبر للبنت لأنها ليست جاهزة لتربية الولد، وحتى جسديًا يمكن ألا تكون جاهزة للزواج والحمل والولادة، وقد يكون الشخص الذي ارتبطت به غير جاهز للزواج، ما يؤدي إلى الطلاق المبكر، والدخول في صعوبات أكبر. وهذا ما تعمل المنظمة عليه في الأماكن الآمنة للنساء، بتوضيح الخيارات الأخرى في هذه الحياة غير الزواج.

كيف تواجه مشاركة الأطفال في القتال

ظاهرة مشاركة الشباب المراهقين في القتال خطيرةٌ، بحسب الطبيب، خاصةً عندما يحمله شخص لم يكتمل نضجه للحياة، فيمكن توجيهه بسهولة، وهناك عمالة الأطفال بعد فقد المعيل لدعم الأسرة اقتصاديًا.

وتواجَه هذه الظواهر عبر حملات التوعية المجتمعية التي توجه للأهالي والشباب، من خلال إظهار فرص أخرى بالحياة، أو وسائل أخرى لخدمة الثورة السورية، وأنها ليست حمل سلاح فقط، فهناك إكمال التعليم والنشاطات المدنية. وتتم هذه الحملات بالتوجه لأشخاص مفتاحيين في المجتمع كقادة الكتائب والفصائل لتصل المنظمة إلى علاقة تفاهم، بحسب الطبيب الذي أكد أن هناك تجاوبًا من بعض الشخصيات بينما يطالب آخرون بتأمين الخدمات الأساسية وإيقاف القصف، قبل هذه الحملات.

ويلمّح الدكتور إلى صعوبة في قياس نجاح هذه الحملات، وسط غياب الأبحاث والدراسات المتخصصة، لكنه أوضح آليات التدقيق والمراقبة الداخلية والخارجية من بعض المنظمات الداعمة.

ويقول “نراقب الفرق داخل سوريا عن طريق الزيارات الميدانية، والتواصل مع الجهات الفاعلة في المجتمع، والإحصاءات والتقارير الدورية التي يرفعها مدراء الفرق، ثم نلجأ للاتصال بالمستفيدين عشوائيًا للسؤال عن خدمات المركز”.

تابع قراءة ملف: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا

– أطفال مقاتلون في سوريا.. جميع الأطراف تنتهك القانون

– أرقام “مخيفة” عن واقع الأطفال في سوريا

– “يونيسف” لعنب بلدي: لا نستطيع الوصول لكل الأطفال وتحديد المجرم ليس مهمتنا

– المعاهد الشرعية للأطفال.. منهجٌ يلقى قبولًا في إدلب

– معلمون يعملون “آباءً” لأبناء الشهداء في إدلب

– الغوطة الشرقية.. المجالس المحلية ومديرية التربية ترعيان التعليم

– مكتب “أصدقاء اليتيم” يرعى نشاطاته في دوما

– “بيت العطاء” مدرسة داخلية لرعاية الأيتام في الغوطة الشرقية

– “لمسة عافية” يرعى ذوي الاحتياجات الخاصة

– روضة “البيان” تنفرد برعاية الصم والبكم في الغوطة

– إصلاحية للأطفال “الأحداث” تُعيد تأهيلهم في الغوطة الشرقية

– حوران.. “غصن زيتون” تجربة رائدة في العناية بالطفل

– أطفال أطلقوا شرارة الثورة ثم غطوها إعلاميًا

– نشاطات لإنقاذ أطفال حلب.. التسرب من التعليم طال نصفهم

– حمص.. المنظمات والهيئات تُخفف معاناة الأطفال والمشاكل مستمرة

– “الإدارة الذاتية” تُجهّز منهاجًا جديدًا للتلاميذ والطلاب في الحسكة

– أطفال سوريون أثارت مأساتهم الرأي العام العالمي

– الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.. معركة بعد المعركة

– المسرح والتمثيل طريقٌ للسلام في “بسمة وزيتونة”

– الطفل السوري ضحيةٌ لجميع الحروب

لقراءة الملف كاملًا: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا

مقالات متعلقة

تحقيقات

المزيد من تحقيقات