“الإدارة الذاتية” تُجهّز منهاجًا جديدًا للتلاميذ والطلاب في الحسكة

  • 2016/10/30
  • 3:08 ص
طفل يبيع "المكسرات" في الحسكة - تشرين الأول 2016 (عنب بلدي)

طفل يبيع "المكسرات" في الحسكة - تشرين الأول 2016 (عنب بلدي)

تطغى ظاهرة عمالة الأطفال وتسربهم من المدارس على حديث الشارع في محافظة الحسكة، وبينما تستمر مؤسسات “الإدارة الذاتية” بوضع مناهج جديدة تحددها بموجب سياساتها، تعاني المنطقة من تشتت في العملية التعليمية، الأمر الذي طال شريحة الطلاب بأكملها، وعلى رأسهم التلاميذ.

وتُشابه النشاطات في محافظة الحسكة إلى حد كبير، مثيلاتها في المدن السورية الأخرى، رغم الاختلاف الذي يراه البعض جذريًا في ظل فرض “الإدارة الذاتية” شروطها على المنظمات، لم تمنع عشرات المنظمات من رعاية فعاليات للفئات الأكثر ضعفًا من الأطفال.

عنب بلدي تواصلت مع هيئة التربية والتعليم التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، وأكد القائمون عليها أنها لا تملك إحصائيات حول المتسربين أو الأيتام، ولا حتى بأعداد الطلاب المتسربين من المدارس.

تولين محمد حسن، واحدة من أعضاء مركز “طفولتي” في القامشلي، تقول لعنب بلدي إن المركز يرعى مشاريع متنوعة أبرزها الروضة التي تستقبل الأطفال من عمر الحضانة وحتى خمس سنوات، وهي واحدة من بين العشرات التي تقدم الخدمات ذاتها.

ولا تهتم الروضة بالأطفال العاديين فقط، بل تعمل من خلال برنامج “قوس قزح” يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، على دمج الأطفال العاديين، والآخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة، “وأكثرهم نازحون وأطفال شهداء”، وفق حسن، وتشير إلى أن أكثر المدارس لا تستقبل أولئك الأطفال، “وهنا نحاول تعويضهم ونعلمهم اللغات الإنكليزية والعربية والرياضيات، ضمن إمكانياتنا المحدودة”.

“الإدارة الذاتية” تفرض منهاجًا وكتبًا

ويقول مالك حنا، نائب رئيس هيئة التربية والتعليم في مقاطعة الجزيرة، إن الهيئة تعمل منذ قرابة عام كامل داخل مقرها في الرميلان على تجهيز منهاج وكتب جديدة للطلاب والتلاميذ، مشيرًا في حديثه إلى عنب بلدي أنه “يجمع من أكثر من مصدر، بحيث تراعى ثقافة الأمة الديمقراطية وليست ثقافة معينة مفروضة على المكونات بأكملها”.

ويضم المنهاج المبادئ الأساسية والخصوصية لكل مكون ضمن الكتب، وفق حنا، الذي أوضح أن الصفوف الثلاثة الأولى يدرس كل تلميذ لغة مكونه، بينما يدخل بعد الصف الثالث لغات المكونات الأخرى ليتعرف عليها ضمن منهاجه.

وخلق فرض المناهج مشكلة، وفق ما رصدت عنب بلدي، فبعض التلاميذ توجهوا نحو المدارس الخاصة، وفضّل بعض الأهالي إبقاء أبنائهم دون تعليم، واصفين العام الدراسي الحالي بأنه الأسوأ منذ سنوات في المحافظة.

في الجانب الآخر لدى النظام السوري، لا يبدو الأمر أفضل حالًا، ويؤكد معظم من استطلعت عنب بلدي آراءهم من الأهالي أن بعض المدارس في مناطق سيطرة النظام المحدودة في الحسكة، خالية من التلاميذ بشكل كامل، ويقول مدرّس اللغة العربية، دحام بشير، “مدراؤها يرفعون قوائم وهمية بأسماء طلاب، كي لا تغلق المدرسة”، وفق تعبيره.

عمالة الأطفال تكتسح القامشلي

لا تتركز ظاهرة عمالة الأطفال في سوريا بمحافظة الحسكة على وجه الخصوص، إلا أن الأهالي يشتكون من زيادتها بشكل متواتر خلال الأشهر القليلة الماضية بشكل كبير، تبعًا لعوامل مختلفة، أهمها تدهور العملية التعليمية في المنطقة، في ظل غياب المتابعة من الجهات المعنية.

يقول محمد علي عثمان، الاختصاصي النفسي في مركز “سمارت” بالقامشلي، إن الأهالي في المدينة يرون أن التعليم السيئ حاليًا لا يُشجّعهم على الاهتمام بأطفالهم، لافتًا في حديثه لعنب بلدي أن الوضع الاقتصادي المتدني للأسر، جعل من الطفل عاملًا لجلب 400 ليرة سورية يوميًا ثمن الخبز، “وهذا يكون أفضل من تعليمه وفق وجهة نظرهم”.

وطرح عثمان عاملًا آخر يزيد من الظاهرة، وهو هجرة أرباب الأسرة إلى خارج سوريا، على أمل أن يلموا شمل عوائلهم، وهو ما يسبب عامل ضغط على الأسرة، وبالتالي يجبرون أطفالهم على العمل، الأمر الذي يزيد من ضغوطهم النفسية، وفق رؤيته.

ومما زاد ظاهرة العمالة هي “الهجرة الداخلية”، ووصول عدد من النازحين من أرياف حلب والرقة ودير الزور، ويؤكد الاختصاصي النفسي أن قسمًا كبيرًا منهم لم يدخل المدرسة نهائيًا، “بل عملوا بمجالات متنوعة وبما أن أعدادهم كبيرة، أثروا على تفكير باقي أهالي المنطقة، بعد أن تعرفوا على المردود الذي يجلبه الأطفال النازحون”.

ويرى معظم من استطلعت عنب بلدي آراءهم من أهالي الحسكة، أن الجمعيات والمنظمات المرخصة من “الإدارة الذاتية” وغير المرخصة، الدولية منها والمحلية، تعمل نظريًا إلا أنها لا تستطيع فعل شيء من خلال ما تعمل عليه حاليًا، فذلك يحتاج جهودًا كبيرة تتكفل بها جهات رسمية تضغط على أرباب العمل والأهالي للحد من العمالة، وتطرح مشاريع فعّالة تضمن إعادة تأهيل الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة بالشكل الأمثل بعيدًا عن التشتت وغياب التنظيم في العمل.

تابع قراءة ملف: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا

– أطفال مقاتلون في سوريا.. جميع الأطراف تنتهك القانون

– أرقام “مخيفة” عن واقع الأطفال في سوريا

– “يونيسف” لعنب بلدي: لا نستطيع الوصول لكل الأطفال وتحديد المجرم ليس مهمتنا

– المعاهد الشرعية للأطفال.. منهجٌ يلقى قبولًا في إدلب

– معلمون يعملون “آباءً” لأبناء الشهداء في إدلب

– الغوطة الشرقية.. المجالس المحلية ومديرية التربية ترعيان التعليم

– مكتب “أصدقاء اليتيم” يرعى نشاطاته في دوما

– “بيت العطاء” مدرسة داخلية لرعاية الأيتام في الغوطة الشرقية

– “لمسة عافية” يرعى ذوي الاحتياجات الخاصة

– روضة “البيان” تنفرد برعاية الصم والبكم في الغوطة

– إصلاحية للأطفال “الأحداث” تُعيد تأهيلهم في الغوطة الشرقية

– حوران.. “غصن زيتون” تجربة رائدة في العناية بالطفل

– أطفال أطلقوا شرارة الثورة ثم غطوها إعلاميًا

– نشاطات لإنقاذ أطفال حلب.. التسرب من التعليم طال نصفهم

– حمص.. المنظمات والهيئات تُخفف معاناة الأطفال والمشاكل مستمرة

– “الإدارة الذاتية” تُجهّز منهاجًا جديدًا للتلاميذ والطلاب في الحسكة

– أطفال سوريون أثارت مأساتهم الرأي العام العالمي

– الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.. معركة بعد المعركة

– المسرح والتمثيل طريقٌ للسلام في “بسمة وزيتونة”

– الطفل السوري ضحيةٌ لجميع الحروب

لقراءة الملف كاملًا: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا

مقالات متعلقة

تحقيقات

المزيد من تحقيقات