أكثر المدن خطورة في العالم، كما صنفتها منظمات دولية عديدة، يشكو أطفال ضفتها الشرقية كم الموت والدمار اليومي، وتنهمك المنظمات المعنية بالطفولة فيها بالحفاظ على العجلة التعليمية والصحة النفسية في ظل الظروف المعقدة.
أرقام تعكس حجم المأساة
إلا أن أرقامًا كشفها مدير التربية في حلب المحررة لعنب بلدي، أوضحت أن نسبة التسرب فاقت 50% من المقاعد الدراسية، وتعكس بالتالي الواقع المرير فيها.
وقال محمد مصطفى، مدير التربية، إن عدد الطلاب فاق 32 ألفًا للعام الدراسي الماضي في حلب المحررة، بينما سيكون العدد خلال العام الدراسي الحالي بين 25 و27 ألف طالب فقط.
وأشار مصطفى في حوار مع عنب بلدي، أن نسبة الطلاب في الحلقة الأولى هي 60% من الطلاب عمومًا، وترتفع إلى 80% فيما لو أضيف لهم طلاب الصفين الخامس والسادس، بينما تبلغ نسبة الطلاب دون المرحلة الثانوية 15%، و5% فقط هم طلاب المرحلة الثانوية.
ووفق أرقام، قال المصطفى إنها “تقريبية”، قدّر نسبة التسرب من المدارس في حلب الشرقية بنحو 50% لجميع المراحل بشكل وسطي، واستطرد “نسبة التسرب تختلف من مرحلة إلى أخرى، من الصف الأول إلى الرابع 25%، ترتفع إلى 70% في الصفين الخامس والسادس، وترتفع إلى 85% في السابع والثامن والتاسع، وترتفع إلى 95% في المرحلة الثانوية”.
أمنت مديرية التربية والتعليم، الكتاب المدرسي للطلاب في مدينة حلب في العام الماضي بشكل جيد، كما أوضح مديرها، وأضاف أن الكتب المدرسية متوفرة هذا العام بنسبة 30%، يضاف إليها الكتب المدورة من العام الماضي لتسد بذلك احتياجات الطلاب.
تبدو النسب التي سردناها واقعية بالنظر إلى الأوضاع الأمنية والمعيشية في حلب الشرقية، والتي تعيش في حصار مستمر منذ قرابة شهرين، بالتزامن مع قصف وتصعيد جوي أجبر معظم الأهالي (البالغ عددهم قرابة 275 ألف نسمة)، على العيش في أقبية وملاجئ تحت الأبنية المدمرة.
المجلس المحلي يركز على الدعم النفسي
عمد مكتب الشؤون التعليمية والاجتماعية في المجلس المحلي إلى التركيز بشكل كبير على الدعم النفسي للطفل في حلب المحررة، وهو ما أوضحه مدير المكتب، محمد بدوي، مشيرًا إلى أن المكتب وقع في الآونة الأخيرة مذكرات تفاهم مع بعض منظمات المجتمع المدني، المتخصصة في هذا المجال.
وأشار بدوي إلى أن حصار مدينة حلب دعا المكتب للتواصل مع بعض منظمات المجتمع المدني، وتوقيع مذكرات تفاهم وتجهيز مراكز، باشرت عملها في أقبية تحت الأرض. وأضاف أن المكتب يشرف بشكل مباشر على مركز “بلقيس” في مدينة حلب، والذي يختص بتقديم دعم نفسي للأطفال، وتنفيذ برامج توعية وتدريب على الحاسوب والألعاب الحركية، وقال “إن الأوضاع الراهنة تسببت بتراجع نفسي للأطفال، فاهتممنا بهذا الجانب، إلى جانب تنمية المساحات الصديقة”.
اهتمام فريد بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
لم تمنع الحرب والأوضاع الأمنية المعقدة في حلب الشرقية، السيدة نور الهدى حفار، من إنشاء مركز متخصص للأطفال المعوقين من ذوي الاحتياجات الخاصة، أطلقت عليه اسم “مدرسة الجسر الذهبي”، كان ذلك في أيار 2015.
زارت عنب بلدي المدرسة، واطلعت على الواقع التعليمي الخاص بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، من صم وبكم ومصابين بالتوحد ومتلازمة داون، والتقت بالسيدة نور الهدى، وأوضحت بدورها أن المدرسة تستضيف اليوم 35 طفلًا من ذوي الاحتياجات الخاصة، دون أي دعم حقيقي توفره منظمات محلية أو دولية.
وقالت حفار “كان هذا النوع من الطلاب مهمشين في حلب الحرة، لكن المدرسة جعلت لهم أملًا في الحياة، ووصلنا إلى مراحل متقدمة في تقديم التعليم لهم من قبل أخصائيين، ووفق مناهج الحياة الخاصة بهم، من نشاطات متعددة تتيح لهم التعرف على الناس من حولهم”.
أمنت المدرسة قبيل حصار حلب وجبة طعام يومية ومستلزمات التعليم المتعددة، وألعاب وألبسة تدخل الفرحة إلى قلوب الأطفال، بحسب مديرتها، موضحة أن الحصار جعل الأمر مختلفًا، إذ قلّ الدعم الغذائي، وتضاءلت نسبة المستلزمات اليومية، وهو ما أثر على العملية التعليمية برمّتها، موجهةً نداءً للمنظمات المهتمة، بضرورة تأمين بعض احتياجات هؤلاء الأطفال المعوقين “هم جزء من هذا المجتمع، ووجب وضعهم بعين الاعتبار”.
تابع قراءة ملف: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا
– أطفال مقاتلون في سوريا.. جميع الأطراف تنتهك القانون
– أرقام “مخيفة” عن واقع الأطفال في سوريا
– “يونيسف” لعنب بلدي: لا نستطيع الوصول لكل الأطفال وتحديد المجرم ليس مهمتنا
– المعاهد الشرعية للأطفال.. منهجٌ يلقى قبولًا في إدلب
– معلمون يعملون “آباءً” لأبناء الشهداء في إدلب
– الغوطة الشرقية.. المجالس المحلية ومديرية التربية ترعيان التعليم
– مكتب “أصدقاء اليتيم” يرعى نشاطاته في دوما
– “بيت العطاء” مدرسة داخلية لرعاية الأيتام في الغوطة الشرقية
– “لمسة عافية” يرعى ذوي الاحتياجات الخاصة
– روضة “البيان” تنفرد برعاية الصم والبكم في الغوطة
– إصلاحية للأطفال “الأحداث” تُعيد تأهيلهم في الغوطة الشرقية
– حوران.. “غصن زيتون” تجربة رائدة في العناية بالطفل
– أطفال أطلقوا شرارة الثورة ثم غطوها إعلاميًا
– نشاطات لإنقاذ أطفال حلب.. التسرب من التعليم طال نصفهم
– حمص.. المنظمات والهيئات تُخفف معاناة الأطفال والمشاكل مستمرة
– “الإدارة الذاتية” تُجهّز منهاجًا جديدًا للتلاميذ والطلاب في الحسكة
– أطفال سوريون أثارت مأساتهم الرأي العام العالمي
– الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.. معركة بعد المعركة
– المسرح والتمثيل طريقٌ للسلام في “بسمة وزيتونة”
– الطفل السوري ضحيةٌ لجميع الحروب
لقراءة الملف كاملًا: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا