خلال أعوام الثورة، كان الطفل السوري أكبر الخاسرين، بحسب أرقام مؤسسات محلية ودولية ترصد واقع الطفل والجهات المسؤولة عن حرمانه من حقوقه، وأولها الحق في الحياة.
من يقتلهم؟
قتل 19 ألف طفلًا على يد القوات الحكومية (النظام السوري)، وهم يمثلون نسبة 90% من عدد الأطفال الضحايا في سوريا، بحسب آخر إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في آذار 2016.
وأضافت الشبكة، في تقرير يستعرض حصيلة خمس سنوات، أن فصائل المعارضة قتلت 668 طفلًا، والقوات الروسية 443، وتنظيم داعش 307، والتحالف الدولي97، والإدارة الذاتية 61، وجبهة النصرة (فتح الشام حاليًا) 47 طفلًا.
جيلٌ مهددٌ بالجهل
أثناء إعداد هذا التحقيق، نشرت منظمة “يونيسيف” تقريرًا في 21 تشرين الأول 2016، قدّرت فيه أنه مايزال أكثر من 1.7 مليون طفل خارج المدرسة في سوريا، و1.3 مليون طفل آخرين معرضون لخطر التسرب.
وهو ما اعتبرته مديرة الإعلام في المكتب الإقليمي لمنظمة “يونيسيف” في عمان، جولييت توما، انخفاضًا طفيفًا في الرقم، الذي كان بداية السنة الماضية أكثر من 2.1، مؤكدةً في حديثٍ إلى عنب بلدي، أن “الرقم مايزال كبيرًا، والصورة بشكل عامٍ ليست جيدة”.
وتقف عدّة عوامل وراء إجبار الأطفال على البقاء خارج المدرسة، منها تصاعد العنف، والنّزوح، وتفاقم الفقر، إلى جانب النّقص في الموارد التي يحتاجها نظام التعليم.
واحدة من بين ثلاث مدارس في أنحاء سوريا غير صالحة للاستخدام، بحسب تقرير “يونيسيف”، إما بسبب الأضرار الّتي تعرّضت لها أو دمارها الكامل، أو بسبب استخدامها لأغراض أخرى مثل إيواء النّازحين من مناطق أخرى أو لأغراض عسكرية.
وبحسب التقرير فإن المدارس تعرضت لأكثر من أربعة آلاف اعتداء منذ بداية الثورة عام 2011، وهو ما يتوافق مع أرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
يكبرون في المعتقلات
من بين أكثر من 215 ألف معتقل لدى القوات الحكومية، فإن عدد الأطفال المحتجزين لا يقل عن 1400 طفل، بحسب تقريرٍ لـ”هيوين رايتس ووتش” في تموز 2016.
وتتراوح أعمار المحتجزين بين 13 و17 عامًا، في حين قال بعض المنشقين والشهود إن بعض الأطفال المحتجزين لا تتجاوز أعمارهم ثماني سنوات.
ودون غذاء
1.3 مليون طفل، هو الرقم الذي تهدف “يونيسيف” لتوصيل الرعاية التغذوية إليهم في سوريا، وفق تقرير نشر في أيلول 2015.
ووجد تقييم أجري للوضع التغذوي للأطفال المهجرين سنة 2014، وهو الأول من نوعه، أن مستوى سوء التغذية الحاد في محافظات حلب وحماة ودير الزور “خطير”، وأن الوضع التغذوي بشكل عام “سيئ”.
وأسهمت آثار خمس سنوات من النزاع، وأعداد المهجّرين الكبيرة، ونظام الرعاية الصحية المعطل، وسبل العيش المتراجعة، ونقص المياه المأمونة ومرافق الصرف الصحي المناسبة، في إيجاد وضع تغذوي سيئ جدًا بين الأطفال، بحسب “يونيسيف”.
مقاتلون صغار
منذ انتقال الثورة إلى العمل المسلح أواخر عام 2011، وقعت انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، تتحمل القوات الحكومية النظامية بالأساس المسؤولية عنها، بحسب تقرير لمنظمة “العفو الدولية” في تموز 2014.
لكنّ الجماعات المسلحة التي تقاتل الحكومة ارتكبت بدورها انتهاكات جسيمة أيضًا، ومنها تجنيد واستخدام الأطفال تحت سن 18 عامًا في القتال وفي الاضطلاع بأدوار دعم مباشر للقتال، بحسب توصيف المنظمة.
ووثقت “هيومن رايتس ووتش” هذه الممارسة للمرة الأولى في تشرين الثاني 2012، إذ وجدت أن فتية تبلغ أعمار أصغرهم نحو الرابعة عشر ساعدوا في أدوار داعمة لـ “الجيش السوري الحر”. ومنذ ذلك التوقيت، زاد عدد الجماعات المسلحة في سوريا، وأصبح منها جماعات إسلامية متطرفة، والتي لجأت بشكل ممنهج إلى تجنيد الأطفال.
لا يوجد تقدير دقيق لعدد الأطفال الذين شاركوا في النزاع، لكن حتى أيار 2014، وثق مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، مقتل 194 طفلًا “غير مدنيين” من الذكور.
ولم يقتصر استخدام الأطفال في صفوف جماعات المعارضة المسلحة على جماعة واحدة، أو عقيدة أو عرق واحد. فقد قابلت “هيومن رايتس ووتش” أطفالًا أفادوا بخدمتهم في كتائب وفصائل على صلة بـ “الجيش الحر”، وجبهة “النصرة” وتنظيم “الدولة الإسلامية”، وفي “وحدات حماية الشعب” وقوات شرطة “آسايش” بالمناطق الخاضعة للسيطرة الكردية شمال سوريا.
وعملًا بالقانون الإنساني الدولي العرفي ونظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، يعتبر تجنيد عناصر تابعين لقوات مسلحة غير حكومية لأطفال دون 15 سنة، أو استخدامهم في أعمال عدائية، “جريمة حرب”.
من هي الجهة الأكثر تهديدًا لمستقبل الأطفال في سوريا؟
في استطلاع رأي أجرته عنب بلدي عبر موقعها ومنصاتها الإلكترونية، وشارك فيه أكثر من 1200 مشارك، تحت عنوان “برأيك: من هي الجهة الأكثر تهديدًا لمستقبل الأطفال في سوريا”، جاءت الإجابات على الشكل التالي:
45% النظام السوري، 10% التنظيمات المتطرفة، 7% المعارضة والجيش الحر، 2% الفصائل الكردية.
إلا أن النسبة الباقية، وهي 36%، اعتبرت أن جميع الأطراف السابقة تهدّد مستقبل أطفال البلد.
تابع قراءة ملف: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا
– أطفال مقاتلون في سوريا.. جميع الأطراف تنتهك القانون
– أرقام “مخيفة” عن واقع الأطفال في سوريا
– “يونيسف” لعنب بلدي: لا نستطيع الوصول لكل الأطفال وتحديد المجرم ليس مهمتنا
– المعاهد الشرعية للأطفال.. منهجٌ يلقى قبولًا في إدلب
– معلمون يعملون “آباءً” لأبناء الشهداء في إدلب
– الغوطة الشرقية.. المجالس المحلية ومديرية التربية ترعيان التعليم
– مكتب “أصدقاء اليتيم” يرعى نشاطاته في دوما
– “بيت العطاء” مدرسة داخلية لرعاية الأيتام في الغوطة الشرقية
– “لمسة عافية” يرعى ذوي الاحتياجات الخاصة
– روضة “البيان” تنفرد برعاية الصم والبكم في الغوطة
– إصلاحية للأطفال “الأحداث” تُعيد تأهيلهم في الغوطة الشرقية
– حوران.. “غصن زيتون” تجربة رائدة في العناية بالطفل
– أطفال أطلقوا شرارة الثورة ثم غطوها إعلاميًا
– نشاطات لإنقاذ أطفال حلب.. التسرب من التعليم طال نصفهم
– حمص.. المنظمات والهيئات تُخفف معاناة الأطفال والمشاكل مستمرة
– “الإدارة الذاتية” تُجهّز منهاجًا جديدًا للتلاميذ والطلاب في الحسكة
– أطفال سوريون أثارت مأساتهم الرأي العام العالمي
– الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.. معركة بعد المعركة
– المسرح والتمثيل طريقٌ للسلام في “بسمة وزيتونة”
– الطفل السوري ضحيةٌ لجميع الحروب
لقراءة الملف كاملًا: من المهد إلى الحرب.. أطفال سوريا كبروا