شيار عمر – الحسكة
تكتسب منطقة الجزيرة، في الشمال الشرقي من سوريا، موقعًا مهمًا يتحكم بالطرق التجارية الواصلة بين عدة مدن في حوض الخابور الجنوبي ووداي الفرات، إضافة إلى مخزونها الأثري من تماثيل ورقم مسمارية تعود إلى حضارات قبل الميلاد و العصور الآشورية قبل 900 عام من الميلاد.
تضم الجزيرة السورية مدن الحسكة والقامشلي ورأس العين، التي انطلقت منها أقدم الحضارات وخلفت أهم الأماكن الأثرية، كموقع أوركيش “تل موزان” الأثري، وتل حلف وتل بيدر وغيرها من المواقع التاريخية.
ياسر عبدو، خريج كلية الآثار وعضو في جمعية “سوبارتو” المعنية بالتراث والتاريخ الكردي، يقول لعنب بلدي إن الجزيرة السورية “جزء رئيسي من المنظومة الحضارية الرافدية وتوجد ضمن تلالها الاثرية، والتي يزيد عددها على الألف، العديد من الممالك الأثرية والإمبراطوريات التاريخية، وقد عملت البعثات الأثرية التي زادت على 30 بعثة قبل أحداث الثورة السورية في تنقيبها”.
“تل موزان” أهم التلال الأثرية في المنطقة، حيث عملت فيها البعثة الأمريكية برئاسة جورجيو بوتشلاتي، إضافًة إلى “تل بيدر” الذي عملت فيه البعثة السورية مع الجانب الأوروبي المشترك، و”تل عربيد” المستكشف من قبل البعثة البولونية التشيكية، إضافة إلى تل ليلان وتل محمد دياب.
سرقة ونهب ومحاولات مكافحة
مع سيطرة “تنظيم الدولة” على مناطق واسعة من محافظة الحسكة، أقدم على سرقة العديد من القطع الأثرية في المنطقة وبيعها خارج سوريا، إلى جانب التخريب وعمليات التنقيب التي قام بها في المناطق الأثرية الخاضعة لسيطرته في الجزيرة.
يوضح عبدو “تعرضت الآثار في الجزيرة السورية، إلى التخريب والتنقيب السري من قبل تنظيم الدولة، وحفرت الخنادق ورفعت سواتر ترابية وتم التنقيب بطبقاتها الأثرية بهدف الحصول على كنوزها، محدثة بهذه الأعمال تدميرًا واسعًا لتاريخ المنطقة بشكل عام”، وهو ما استدعى وضع دوريات متنقلة لحماية هذه المناطق وحراستها.
يقول عبدو “عملت هيئة السياحة وحماية الآثار في منطقة الجزيرة التابعة للإدارة الذاتية، على حماية الآثار المتبقية من خلال مسح وضبط كل الأضرار التي لحقت بها والقيام بالجولات الدورية لتنظيم البناء وتوعية المواطنين على أهمية الآثار وحثهم على المحافظة عليها، إضافة إلى البحث عن المروجين لسرقة وبيع هذه الآثار في المنطقة”.
شملت عمليات السرقة في مدينة الحسكة مواقع عدة كـ “تلّ حمو كار” وتلال أخرى متاخمة للحدود السورية- العراقية، إضافة إلى موقع “تل جولمة فوقاني” الذي يقع بعد 40 كم إلى الشمال من مدينة الحسكة و15 كم إلى الغرب من موقع “تل شاغر بازار”، الذي يتعرض أيضًا إلى عمليات حفر سرية.