عمار زيادة
هذه الكلمات موجهةٌ لك فعلًا، أنت الذي تجهّز نفسك لشتمي قبل أن تقرأها، مستخدمًا عبارات “من تحت الزنار”، رغم أنك، في ذات الوقت، تقول إنك تسعى لتحكيم “شرع الله” في الأرض.
“شرع الله”، يا صديق، لا يحكم سوريا من أوروبا أو الأردن، ولا يحكم سوريا بالتحريض على قتل أبنائها، الذين تدمرهم أيضًا غارات السوري والروسي والأمريكي، وتذبحهم سكاكين الإيراني والأفغاني والعراقي واللبناني.
كلّ يومٍ يكفّر المقدسي والفلسطيني، أبناء حلب الذين يقاتلون “دولة الإسلام”، تحت هدفٍ واضحٍ ومعلنٍ، هو إيجاد منطقة آمنة من أرضٍ سورية لأبنائهم المذبوحين، وإيقاف تمدّد الأسود والأصفر اللذين طعنا ظهر الثورة. علّة التكفير هي التعاون مع الأتراك “العلمانيين”.
ستقول: أساسًا نحن لا نؤمن بسوريا، والأرض لله يورثها من يشاء. إن كنت كذلك فعلًا، فاتركها يا أخي واترك ثورتها، ولا تستثمر مضطهدين مظلومين ثاروا من أجل الحرية والعدالة، لتمرير مشروعك.
ابحث عن أرضٍ يورثها الله لك، لم يثر أهلها ولم يظنوا أنك جئت تنصرهم، خذ محبيك وأتباعك إليها، وأقم فيها “الشرع” من الصفر، على قدر فهمك القاصر للدين. حينها عد إلى الدرهم والدينار، اترك شرعييك يتحكمون في القضاء، لا تنشئ علاقاتٍ مع الغرب وكفّر كل من يتعامل معه، وأبح دماءهم لأنهم ركبوا “ستلايت” في منزلهم.
لحظة، كأنك تعيش في الأردن، أو لندن، أو أوروبا، هذه البلاد لا تتعامل مع الغرب، بل هي الغرب بذاته، كيف تتعامل معهم؟ من أين تأكل؟ هل تقود السيارة؟ تتكلم مع شرطة المرور؟ وتشاهد التلفاز؟ يوجد “مولات” للتسوق أليس كذلك؟ ومطاعم أيضًا؟ هنيئًا لك ولا عافية للسوريين.
قبل أيام كتبت نوال السباعي “من انحرف بهتاف الثورة من (الشعب يريد إسقاط النظام)، إلى (قائدنا إلى الأبد سيدنا محمد)، مجرمٌ ينبغي مساءلته ومحاكمته، أو غبيٌ ينبغي إقصاؤه”.
ورغم أنها أكّدت أن “محمد، نبينا وقدوتنا ورسول الله، يمكننا استلهام قدراته الفذة في القيادة والسلم والحرب والبناء والتأسيس… وليس في الشعارات”، إلا أن منتقديها أنزلوا فيها مسبّات لا تحملها ألسنة “أرذال” الغرب، كما تحبّ أن تسميهم، واتهامات بأنها تحاول تشويه إسلامنا وثورتنا.
وبعيدًا عن صواب ما قالته السباعي، كيف لك أن تضع هذه المسبات في خانة الدفاع عن الإسلام؟
لي صديقٌ بيني وبينه “خبز وملح”، عشت مع عائلته وأخيه الشهيد سنوات، قبل أن ينتمي إلى “دولة الخلافة الراشدة”، وبايع الخليفة قبل أشهر معلنًا ذلك عبر “فيس بوك” الذي يملكه كافرٌ أمريكي، ما علينا.
أرسلت له أسأل إن كنتُ مرتدًا بطبيعة الحال، جاء الردّ بأني “أخ عزيز”، لكنه أكّد أنه بيّن لجميع أصدقائه “ردّة” الجيش الحر، الجيش الذي قُتل أخوه، وعشراتٌ من أصدقائه، وهم يدافعون عن دينهم وبلدهم حاملين رايته.
أرجو أن يبقى ردّ فعلك في حدود الشتم، فأنا أتفّهمه بالمناسبة.