فيلم سوري ينال المرتبة الثالثة في “قمرة” ويواجه انتقادات “الفيسبوكيين”
فراس عقاد – عنب بلدي
حصل الفيلم السوري “آخر قطرة جمال” على المرتبة الثالثة من فئة الأفراد في مسابقة برنامج “قمرة” بعد منافسة مع 144 مُنتجًا عُرضوا خلال شهر رمضان الماضي.
الفيلم أخذ منهجًا يدعو لزرع الأمل والتفاؤل، من خلال مزيج صنعه مخرجو العمل، ربطوا فيه الكلام مع الموسيقى والرقص بين حطام الأبنية المدمرة وأعمدة دخان القذائف في مدينة حلب، لكنّه تلقّى ردود فعل غاضبةً من قبل ناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أنه ساوى بين الضحية والجلاد.
“نعمر من أجل أن نعمر، ونزرع من أجل أن نزرع، لا لأجل أن نقطف… فيك تركز على الحياة بوسط الموت، فيك تنوجع فتكون بلسم غيرك؟ أي فيك تشرب قبح وتزهر جمال”، كلمات حملتها مقدمة الفيلم، على إيقاع رقصات لشابٍ وسط دمار الأبنية في حلب.
“فليزرعها”
قمرة؟“قمرة” هي منصة لعرض أفلام ينتجها الجمهور، ويهدف القائمون على العمل إلى إثراء المحتوى الإعلامي عبر تشجيع الناس العاديين على إنتاج أفلام قصيرة، حول مواضيع اجتماعية مختلفة (اللاجئون، الزواج، العمل…) أطلق الإصدار الأول “قمرة 1” الإعلامي السعودي أحمد الشقيري في رمضان 2016، وتقدم للمشاركة فيه ثمانية آلاف مشارك،صوروا في أكثر من 70 دولة. |
مقدمة الفيلم رشا ناجح، التي لم تستطع المشاركة في حفل التكريم في دبي الأسبوع الماضي (30 أيلول)، توجهت للحضور برسالة تلتها أختها، وتقول فهيا “هدفي من الحياة إلهام الناس على الإنجاز والحياة حتى لو أحاطهم الموت من كل جانب، أقدم نموذج عملي لحديث إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليزرعها”.
ولناجح تجارب من داخل حلب، في الغناء للحب وبرنامج “مطلوب مجانين” الذي يتحدث عن سوريين عادوا إلى المدينة بعد اندلاع الثورة.
حنان الترك ممثلة مصرية، وعضو لجنة التحكيم اعتبرت الفيلم من الأفلام المؤثرة، وقالت خلال حفل توزيع الجوائز “طالما داخلك إنسان مصر على الصمود فسيقوم ويبتكر، اختيارها (مقدمة الفيلم) للرقص ضمن كل هذا الدمار شيء يدعو للإعجاب، إنّ داخل كل بني آدم إيجابية وسلبية، وعندما يحصل مكروه يظهر على حقيقته”.
كما اعتبرت الإعلامية السعودية منى أبو سلمان أن الفيلم حمل جرعة من التفاؤل عبر مزج رائع للفنون المختلفة، “نحن محتاجون لأناس يعطوننا التفاؤل، حقيقةً مشاهدة الفيلم غيرت من نظرتنا النفسية عن مدينة حلب”.
ماذا عن السوريين؟
الجمهور السوري اختلف في موقفه حول الدور الذي لعبه الفيلم عن تصوير الواقع الذي يعيشه السوريون، فمنهم من اعتبر العمل اختزالًا للواقع وتقليلًا من المأساة، وآخرون اعتبروه تجسيدًا حقيقيًا للأمل الذي نحن بحاجته بغض النظر عن الظروف المحيطة.
وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، على مدار الأسبوع الماضي، بالحديث عن الفيلم، واعتبره ناشطون حيادًا مبالغًا فيه، وتعميةً على المجرم ومجازره بحق الشعب السوري.
عبادة (20عامًا)، أحد المتقدمين لمسابقة قمرة لكن فيلمه لم يطرح للتصويت، اعتبر “آخر قطرة أمل” فيلمًا ممتازًا تقنيًا مقارنة بالإمكانيات المتوفرة في حلب، لكنه وجد أن هناك مشكلة في الرسالة التي وجهها، “ألمح إلى مواضيع الحرب والأزمة، وابتعد عن تصوير ما يجري في سوريا على أنه ثورة شعب، أظهر الفيلم الشعب السوري أنه في نزاع بين طرفين وأن الشعب متذمر من كليهما”.
وتساءل عبادة “هل يمكننا تشبيه طرف يرتكب المجازر يوميًا بطرف يتلقى الضربات؟”، مضيفًا “هذا الشعب رغم كل ما جرى معه بقي ثابتًا على هدفه، وهذا أمر بحد ذاته يستحقّ التقدير لماذا لم نركز على الأمل في الثورة السورية؟ كان يجب عليهم استغلال مشاركتهم في مسابقة كهذه ليعرف العالم مَن المجرم”.
في الطرف المقابل، اتفقت السيناريست ومخرجة الأفلام نادين اللحام مع عبادة من حيث جودة العمل، لكنها اختلفت معه من حيث رسالة الفيلم، “أحببت الفيلم، رسالته إيجابية لم تُخفَ فيه الحقيقة، أظهر فيه منتجوه رؤيتهم بأن شيئًا جميلًا سيخرج بعد كل هذا الدمار، الفيلم تناول وجهة نظر صانعيه وهو شيء طبيعي، العمل أقرب للوثائقي وهو ليس منتجًا إعلاميًا أو تقريرًا صحفيًا الغرض منه نقل وقائع”.
وفي حديثها عن تقبل الجمهور للعمل وردود فعله تقول اللحام “ربما لن يتقبل الجمهور السوري هذا النوع من الأفلام، ثقافتنا تعتمد على البكاء والقهر والدراما والحزن، وعدم حمل الفيلم لمثل هذا المحتوى أمر إيجابي، لأنه نمط متكرر ولا يجذب العالم نحو القضية السورية، بالتالي أي جمهور في العالم عندما يرى رسالة فيها تفاؤل ينجذب إليها، ليس على المخرج إجراء تسويق سياسي لأي طرف لأن على المخرج تصوير الواقع كما يراه هو”.
وفي رسالتها إلى الشباب الطامحين بدخول عالم الأفلام، تقول اللحام “يجب أن نكون منفتحين، لا أحد عنده العلم المطلق بكل شيء، المخرج يتعلم من كل شيء ربما من طفل، ربما من الأستاذ، ويجب عليه سماع الانتقادات وألا يهدف لتسويق جهة دينية أو سياسية لأن الفن وُجد للإنسان”.
السينما السورية هي من أولى الحركات السينمائية في العالم العربي، لكنها طوال العقود الماضية بقيت حبيسة لأروقة السلطة، لتشهد الساحة السينمائية بعد اندلاع الثورة نشاطًا طفيفًا عبر مبادرات شبابية فردية استطاع البعض منها المنافسة دوليًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :