محمد جغيف
قد تتنوع الأسباب الدافعة لدمج الطلبة السوريين في المدارس التركية، وقد تختفي، وقد تظهر جلية ببساطة. ويمكن أن نختصر الأسباب الظاهرة لنا بحسب وجهة النظر التركية بالتالي:
غرس اللغة والثقافة التركية في نفوس التلاميذ لتسهيل اندماجهم وتأمين شهادات معترف بها، وتدني المستوى التعليمي في المدارس السورية بسبب اقتحام أصحاب الشهادات المزورة حقل التعليم. وربما وجد الأتراك في أنفسهم عجزًا عن إدارة هذه المدارس وتقييم أدائها، لا سيما أن هناك مشكلة متمثلة باللغة.
كما أنه في كل الدول المضيفة يدرس اللاجئون في مدارس تلك الدول وينهلون من ثقافتها، وتركيا أحق من غيرها في هذا، لوجود قواسم مشتركة بين الشعبين.
أما بالنسبة لرد الفعل السوري على هذه الخطوة، فالعاملون في المجال التعليمي يرون فيها خطوة أولى لسلخ التلاميذ عن هويتهم القومية وثقافتهم العربية، إلى جانب التخوف من أن تصبح اللغة العربية لغة ثانوية، كما أن المدارس تشكل باب رزق لكثير من السوريين في تركيا، ويشارك الأهالي العاملين في المجال التعليمي وجهة نظرهم.
أما الإيجابيات المرجوة من هذا الدمج فتتمثل بتقوية اللغة التركية عند التلاميذ، واكتساب العادات التركية الإيجابية، والتعرف على التاريخ المشترك من وجهة نظر تركية، ودخول التلاميذ في المجتمع بشكل أكبر، وحصولهم على تعليم منظم ومعترف به، والتخلص من بعض الأسباب التي ذكرت أعلاه.
وتكمن السلبيات بفقدان اللغة الأم إن لم يحافظ الأهل عليها بشكل منظم، وفقدان التعمق بالثقافة العربية، وفقدان بعض العاملين في المجال التعليمي لمصدر رزقهم إن لم تسوّ أوضاعهم، كما ظهرت مشكلة، قد تكون آنية، وهي عدم تقبل الأتراك الكامل للطلبة السوريين في المدارس التركية.
ولكي يكلل هذا الاندماج بالنجاح يحتاج لمتابعة من قبل الأتراك والسوريين لكي ينشأ جيل محافظ على شخصيته وهويته، كما أنه يجمع في الوقت نفسه بين الثقافتين العربية والتركية، ويزيد ترابطهما، وكل شيء ممكن.