بهار ديرك – الحسكة
تشتهر مناطق محافظة الحسكة القريبة من الحدود التركية والعراقية، بتربية النحل، وتتركز نقاط التربية الأكثر إنتاجًا للعسل في ريف مدينة المالكية، حيث يجتمع العشرات من مربي النحل داخل قراها.
وبينما غدت تربية النحل تجارة للعديد من العاملين في هذا المجال، تعتبر حتى اليوم مهنةً ومصدر رزقٍ وحيدٍ للعشرات من عوائل قرى وبلدات ريف الحسكة، وفق أهالي المنطقة التي استطلعت عنب بلدي آراء بعضهم.
تربية النحل مهنة متوارثة
وجيه عمو طي، أحد مربي النحل من ريف المالكية، ويعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 15 عامًا كما يقول، أوضح أن المنطقة التي يسكن فيها يعتمد فيها المربون على نوع من العشب يسمى “الخشيل”، والذي يعتبر جاذبًا للنحل، معتبرًا أن إنتاج المنطقة من العسل “جيد” نتيجة وجود مساحات كبيرة من تلك الأعشاب في الريف الشمالي الشرقي من المحافظة.
بدوره يقول بشير حجي حسين مربي من ريف القامشلي، إنه ورث المهنة عن آبائه “لما لها من فائدة، ورغبة ودافعًا مني كوني أراها إنسانية لما للعسل من فائدة”.
وقدّر حجي حسين “بحكم خبرته” إنتاج القامشلي وريفها من العسل سنويًا بنحو طن، ينتجها عشرات مربي النحل المنتشرين في المدينة والقرى المحيطة منها، متمنيًا أن يكون إنتاج العام الحالي “أفضل من ذلك”.
المنافسة بين التجار تتحكم بسعر العسل
وفي ظل التربية ينتشر تجار بيع العسل في الحسكة، ويتراوح سعر الكيلو في المحافظة بين سبعة وعشرة آلاف ليرة سورية، وفق الأهالي، بينما يقول بعضهم إنه “مغشوش”، إذ يصل سعر العسل الصافي إلى أكثر من 20 ألف ليرة، في ظل منافسة كبيرة بين التجار الذين يشترونه من المربين، إضافة إلى معوقات أخرى أبرزها مسلتزمات التربية.
جمشيد علي، تاجر عسل في الحسكة، يقول لعنب بلدي إنه يشتري العسل في كل موسم ويصدّره إلى إقليم كردستان العراق وتركيا، “لأن نوعية العسل الموجود في المنطقة ممتازة، وهناك طلب عليه في تلك الدول”، مضيفًا “هذا العام تواصلت مع مربي النحل ودفعت عربونًا لأكثر من شخص”.
تربية النحل مصدر للزرق عند البعض
أخذت تربية النحل في الحسكة طابعًا مهنيًا عند البعض هذا العام، ويرى مربو النحل أن تربيته لا تتطلب جهدًا أو تعبًا كبيرين، إذ تُربّى في بيوت خاصة وتعود بالنفع المادي على الذي يعمل بها، وفق بعض المربين.
عثمان كمال الدين، يملك 22 خلية نحل في ريف الحسكة، ويتوقع أن تنتج كل خلية منها العام الحالي قرابة 20 كيلوغرامًا من العسل، “وهذا ما يساعدنا في تأمين مستلزماتنا المعيشية لهذا العام من مردوده”.
خاشعة مروان رمضان، مربية نحل في ريف المالكية، تعمل مع زوجها وترعى النحل حسب الإمكانيات التي وصفتها بـ”المحدودة”، مشيرةً إلى أن “مصادر الرزق في المنطقة شبه معدومة، وبالتالي ننتفع من هذه المهنة التي تتطلب اهتمامًا مركزًا”.
وتوقّعت رمضان أن يبلغ إنتاجها لهذا العام حوالي 50 كيلو غرامًا، معتبرةً أنه “جيد بالنسبة لنا كعائلة لا تملك أي مردود آخر”.
ويرى المهندس الزراعي مجدل شيخ نبي، في حديثه إلى عنب بلدي، أن ريف الحسكة مناسب لتربية النحل، إلا أن توقف دعم المربين نتيجة خروج مديريات الزراعة التي كان النظام يديرها عن الخدمة، أثر سلبًا وخاصة في ظل نقص الدواء المضاد للحشرات التي تعيق تربية النحل، على حد وصفه.
ويضطر مربو النحل لتجهيز بيوتٍ بطرق بدائية، نظرًا لغياب خلايا النحل الصناعية المتطورة عن المنطقة، وفق شيخ نبي، بينما شجّع المهندس دلبرين موسى، على الاهتمام بهذه المهنة بشكل أكبر، مناشدًا في حديثه إلى عنب بلدي الجهات المشرفة على إدارة المنطقة، والمنظمات الإنسانية، لتقديم ما يلزم لمربي النحل، “وبالتالي سيتجاوز المواطن عقبات كثيرة تمنع من تربية النحل”.
تأثرت تربية النحل سلبًا في معظم المناطق السورية بسبب الحرب وظروفٍ أخرى أبرزها الحصار، الذي منع مربي النحل من التنقل بحرية والاهتمام بشكل جيد بالنحل، وهذه أساسيات تربيته، وفق المربين.