دخل فلاديمير بوتين عامه العسكري الثاني في سوريا، وعامه السادس في استخدام الفيتو، ولم يحسم شيئا. دمر حلب وجزءا كبيرا من سوريا مثل درسدن أو هيروشيما، وما زال عليه أن يعيد تدمير حلب مرة أخرى، كما فعل الحلفاء في درسدن. من الفيتو الأول في جنيف إلى اللقاءات الثنائية بين كيري ولافروف، كل ما فعلته روسيا أنها راوغت في السياسة وأجرمت في الحرب. وهذه نتائج كان على الأميركيين أن يقرأوها سلفا، لكن أوباما وجد في المماطلة الروسية مخرجا صوريا لقراره باللامبالاة حيال الرماد السوري وأطفال الركام.
تصرف بوتين – عكس أوباما – انطلاقا من قراءة جيدة لبلادة الند الأميركي. قبل ثلاث سنوات تقريبا قال الوزير السابق غسان سلامة، إن سوريا في المرتبة الخامسة من اهتمامات أميركا.
طبعا، فقد كان من المستحيل أن نصدق أن كل هذه الحرائق في الشرق الأوسط لا يقابلها سوى سفرات جون كيري. وكلما مضى شهر آخر من ولاية أوباما، ودمر جزء آخر من هيكل سوريا ووحدتها وأمنها وبشرها، أتذكر كلام الدكتور غسان سلامة، أستاذ العلوم السياسية ومؤلف كتاب «أميركا والعالم: إغراء القوة ومداها».
في قراءتنا للسياستين، الأميركية والروسية، لم نخرج من عالم التمنيات وحسن النوايا. وطبعا سوء النوايا شديدة السوء، لكن كان يجب التمييز، على الأقل، بين بيانات كيري وطائرات بوتين.
كلما حولت السوخوي بيوت حلب إلى حصى ومقابر، هدد كيري بوقف الحوار مع الروس. يا رجل، أليس لديك شغل آخر في الأسابيع الأخيرة من طمر سوريا بالفراغ ولقاءات لافروف؟
الخميس الماضي اصطدم قطار بجوار المحطة في نيوجيرسي. كان الخبر الأول في نشرة «سي إن إن» طوال نصف ساعة، ثم حان وقت مدينة من الحصى تدعى حلب. يا رجل، 500 قتيل في أربعة أيام، وقتيل في حادث قطار، أي عالم هو هذا العالم؟ هل كانت «بي بي سي» أفضل؟ لا. لا. كان قلبها على محطة نيوجيرسي. سئم الغرب الإحصاءات في سوريا.
ما بين لغة البيانات الرسمية الروسية الفظة في الأيام الأخيرة، وثأثأة اللهجة الأميركية، تدور في سوريا أفظع مآسي هذا العصر. ويطلب المستر كيري موعدا للقاء الرئيس الإيراني في الأمم المتحدة، فلا يعطى موعدا، لأن إيران منهمكة في حشد القوة البرية في حلب. وفي أي حال لا فائدة من لقاء شريك الاتفاق النووي وقد تم ما تم. سوف يدخل أوباما التاريخ على أنه الرجل الذي لم يعرف خصومه ولا حلفاءه.