ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بأغنية “حلب شيعية” التي رافقت تقريرًا لزيارة أحد أبرز قادة الميليشيات الطائفية العراقية إلى حلب قبل ثلاثة أيام، لتطرح تساؤلًا طفى على السطح مجددًا: ما أهمية حلب لإيران والميليشيات التابعة لها؟.
وبعيدًا عن إرادة النظام السوري في استعادة الأحياء الشرقية لحلب، وسيطرته المطلقة على المدينة مجددًا، وما يعنيه الأمر من انتصار عسكري سيحرج المعارضة ويجعل موقف ساستها أضعف في المفاوضات المتعثرة أصلًا، فإن لحلب أهمية لا تقل عن دمشق بالنسبة لإيران وأتباعها.
يقول مقاتل شيعي تابع لحركة “النجباء” التي يترأسها أكرم الكعبي، المقرب من دوائر القرار الإيرانية، إن حلب ستعود شيعية كما كانت، وهو ما جاء في كلمات الأغنية التي رافقت تقرير زيارة الكعبي إلى المدينة، وعرض على قناة “النجباء”، وربما كانت إشارة غير مباشرة إلى أن حلب كانت مركزًا للدولة الحمدانية التي حكمت منذ أواخر القرن التاسع الميلادي وحتى مطلع القرن الحادي عشر.
والعائلة الحمدانية الشيعية تنتمي إلى قبيلة تغلب العربية، وتركز وجودها في منطقة الجزيرة السورية، قبل أن تؤسس دولتها وتكون حلب عاصمتها، ولمع نجم أميرها سيف الدولة، وشاعرها وفارسها أبو فراس الحمداني، وقضى الفاطميون عليها عام 1003 ميلادي.
يتغنّى السوريون بالحمدانيين، ويفاخرون بأن حلب كانت عاصمتهم يومًا ما، لما شهدت في تلك الآونة من ازدهار اقتصادي وعلمي لافت، وأطلقوا على المدينة لقب “عاصمة الحمدانيين”، حتى أن معظمهم لم يكن على دراية بأن هذه العائلة شيعية الطائفة والمذهب، قبل أن تستثمر إيران والميليشيات المتطرفة الإرث التاريخي والديني وتطويعه لأغراض طائفية.
وأبدت إيران خلال الأعوام الخمسة الماضية تأييدها العلني الواضح لنظام الأسد، ورفدت قواته بميليشيات شيعية من خمسة دول على الأقل، وهي لبنان والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان، بذرائع دينية تاريخية أججت احتدام الصراع الطائفي، كـ “الدفاع عن مقام زينب، الانتقام من قتلة الحسين، محاربة أحفاد الأمويين، وغيرها”، وهو ما تتبعه حاليًا في حلب، معتبرة أن المدينة إرث شيعي وجب استرداده.
أوردت صحيفة الغارديان البريطانية خبرًا، الخميس، مفاده أن خمسة آلاف مقاتل شيعي من جنسيات وميليشيات مختلفة يتجهزون لمعركة الحسم في حلب، وسط معلومات حصلت عليها عنب بلدي تؤكد مشاركة ميليشيا “النجباء” في محاولة اقتحام حي بستان الباشا صباحًا.
لا وجود لمؤشرات تهدئة في حلب، ويبدو أن النظام وإيران والروس ماضون في تدمير الأحياء الشرقية وسحق وجود المعارضة فيها، دون توفر إرادة دولية توقف معاركها غير المتكافئة، فهل ستصبح حلب “شيعية” كما غنّى مطرب “النجباء”؟