أعمال شاقة للجامعيين السوريين في تركيا

  • 2016/09/25
  • 2:52 ص
عمال في مطعم سوري في مدينة اسطنبول - تشرين الثاني 2015 - (عنب بلدي)

عمال في مطعم سوري في مدينة اسطنبول - تشرين الثاني 2015 - (عنب بلدي)

عنب بلدي – ضياء عودة

هل أنت طالبٌ جامعي في سوريا وتريد العمل في تركيا، وصلت إليها وتبحث عن فرصة؟ لا تعتقد أن الأمور سهلةً جدًا.

خرج الطلاب من سوريا بسبب الحرب والملاحقات الأمنية وهاجس الالتحاق بخدمة العلم، ليستقبلهم سوق العمل في تركيا الذي بات محصورًا بأصحاب المهن والحرف، الأمر الذي انعكس على خبراتهم وقيمة شهاداتهم الجامعية، فقطعوا الأمل بفرص للعمل ضمن اختصاصاتهم.

رحلة البحث

يعاني كثير من الجامعيين السوريين في تركيا صعوبة في إيجاد العمل المناسب، الذي يتلاءم مع خبراتٍ وشهاداتٍ تعبوا في تحقيقها خلال سنوات الدراسة في سوريا، ما يدفعهم للعمل خارج إطار ما تعلموه ليؤمّنوا معيشتهم، متجهين للأعمال السائدة في تركيا كالمخابز والمعامل والورشات ومهن الخياطة وغيرها.

يقول محمد، وهو خريج كلية الهندسة المدنية بدمشق، “كان السفر إلى تركيا الفرصة الوحيدة أمامي بعد أن وصلت في سوريا إلى طريق مسدود، كنت أضع نصب عيني العمل ضمن شهادتي التي تعبت لكسبها خمس سنوات متواصلة، إلا أن الأمر اختلف هنا، فاللغة التركية تعد من الأساسيات للحصول على فرصة عمل وتحديدًا حملة الشهادات الجامعية، ناهيك عن العديد من الشركات والمؤسسات العربية التي راسلتها على مدى ثلاث سنوات لكن دون جدوى”.

يعمل محمد اليوم في مخبز على مدار 12 ساعة يوميًا، وأحيانًا أكثر من ذلك، ودون عطلة أسبوعية، وبنصف الأجر الذي يتقاضاه العامل التركي، لأنه لا يملك أوراقًا ثبوتية وليس له حقوقٌ أو أي تأمين، كما يقول. الشيء الوحيد الذي يدفعه للاستمرار هو الحاجة المادية وعدم توفر فرص عمل ضمن خبرته.

“أشعر بأنني لم أعد أميّز الأيام من بعضها، لأنني لا أحظى بأي عطلة…”، يضيف محمد، مردفًا “لم يعد يهمني أن أميّز الأيام، فليس بمقدوري تغيير شيء، وربما العمل ورغم تعبه ينسيني ولو بعض الشيء، الواقع المرير الذي فرض علينا”.

تكلفة إكمال التعليم

تقبل الجامعات الخاصة في تركيا الطلاب السوريين مقابل مبالغ مادية “باهظة” لا يحتملها الهارب من ويلات الحرب.

أما الجامعات الحكومية فلديها بعض المنح للطلاب السوريين، لكنها تأتي بشروطٍ لا تتوفر في معظم الطلاب، لأنهم دخلوا الأراضي التركية بطرق غير نظامية، أو لأنهم لم يتمكّنوا بعد من اللغة.

وكذلك الحال بالنسبة للأوراق الجامعية وكشوف التحصيل الدراسي، التي تحتاج أيامًا في دوائر الجامعات السورية لاستخراجها في الظروف الطبيعية.

وبحسب تصريحات لوزير مجلس التعليم العالي التركي، البروفسور ياكتا ساراج، في نيسان الماضي، فإن عشرة آلاف طالب سوري يدرسون ضمن الجامعات التابعة للمجلس، ما يشكل 9% فقط من الطلاب الأجانب في تركيا.

يقول محمد “لم أعد أضع في حسباني إكمال دراستي في تركيا، فالمعيشة هنا تحتاج إلى عمل متواصل، إضافة إلى أنني قطعت الأمل من الدراسة بشكل عام، ناهيك عن المبالغ الباهظة التي تحتاجها كلفة إكمال الدراسة في الجامعات التركية الخاصة والحكومية، أشعر باليأس وأخشى أن تكون دراستي قد صارت ذكرى من الماضي”.

بعض الطلاب تمكنوا من الحصول على منحٍ مدعومة من الحكومة التركية أو مدعومة من برامج الأمم المتحدة، لكنّ أعدادهم قليلة مقارنة بعدد الجامعيين في تركيا، ويتعّذر الحصول على نسبة دقيقة لهم، لغياب الإحصائيات الرسمية.

فرص عمل “وهمية”

ينتقد جامعيون سوريون كثر، فرص العمل التي تطرحها منظمات ومؤسسات سورية في تركيا، إذ يعتبرونها “فرصًا وهمية”، طالما أنهم لا يتلقون ردًا لقبول طلباتهم للتوظيف أو حتى رفضهم، في حين أن عشرات الأشخاص يتم توظيفهم ضمن أماكن العمل تلك.

يقول مناف، وهو خريج كلية الإعلام، “هربت من سوريا بسبب الحرب، لكنني وجدت نفسي في حرب أخرى مع ظروف الحياة الصعبة هنا، مقابل عدم توفر فرص عمل لائقة”، مضيفًا “منذ مجيئي إلى تركيا قبل سنتين، وأنا أقوم بإرسال سيرتي الذاتية إلى مؤسسات ومنظمات وحتى شركات ومعامل، ولكني لم أتلقّ أي رد، أغلب المنظمات والمؤسسات لا تعتمد أبدًا على الكفاءات، وإنما فقط الأقارب والمعارف، هي أقرب إلى مؤسسات عائلية منها إلى مؤسسات مهنية”.

ضمن هذه المعاناة التي يمر بها الجامعيون السوريون في تركيا، يتلمس الطلاب في الداخل السوري الحيرة والتخوف من الخروج إلى تركيا، بعد أن يئس العديد ممن سبقوهم ، بالحصول على فرص عمل ضمن اختصاصاتهم، واضعين في الحسبان ألا يجدوا سوى عمل في إحدى الورشات الصناعية، الأمر الذي يجعلهم بين نارين، النظام الذي يلاحقهم حال إنهاء الدراسة، أو البراميل التي تنهال فوق رؤوسهم، أو المستقبل الغامض والشاق الذي ينتظرهم في البلد الذي ينوون السفر إليه.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع