أحمد الشامي
“بلا مؤاخذة.. أخطأنا والمسامح كريم..”، هكذا قال “أوباما” لصديقه “بوتين” حين قامت طائرات التحالف اﻷربعيني، بالخطأ، بقصف موقع قرب دير الزور تحتله قوات “زلمة” الرجلين في سوريا.
الأستراليون والدنماركيون سارعوا للتعزية بالضحايا وتعهد البيت اﻷبيض بدفع “دية” ﻷهالي القتلى.
باعتبار أن دم جنود اﻷسد غالٍ عليه، انتفض هذا اﻷخير متهمًا الولايات المتحدة وتحالفها الدولي بمساندة “داعش”؟ ثم انتقم الحليف الروسي لجنود نظام البراميل عبر قصف قافلة المساعدات اﻷممية اليتيمة التي حاولت الوصول إلى حلب، رغم “العيدية” المتمثلة بوقف إطلاق النار بمناسبة عيد اﻷضحى المبارك.
لم تقف المهزلة عند هذا الحد، بل استمرت على وسائل اﻹعلام والتواصل الاجتماعي على شكل “حفلة ردح” نسائية بين “صبية الكرملين” السيدة “زاخاروفا” ونظيرتها اﻷمريكية السيدة “سامنثا باور”، حيث تبادلت السيدتان الاتهامات “بقلة الحياء” وانعدام الخجل. لم يكن ينقص حفلة “شد الشعر” هذه سوى مشاركة السيدة “بثينة شعبان” ليكتمل “النقل بالزعرور”.
على خلاف السيدة “باور”، التي بنت سمعتها الدبلوماسية على جهودها في صالح المنظمات اﻹغاثية والتي تحاول، عن عبث، إعطاء قشرة أخلاقية للسياسة اللاأخلاقية التي يتبعها السفاح اﻷسمر، لا تضيع السيدة “زاخاروفا” وقتها في مثل هذه الترهات وتكتفي، كالببغاء، بترداد ما يقوله “معلمها” في “الكرملين”.
حسمًا للنقاش ولعدم إضاعة الوقت في تبيان من لديه حياء ومن ليس لديه ذرة من الخجل، دعنا نقول بصراحة أن السيدتين المذكورتين، حالهما كحال سيديهما في الكرملين والبيت اﻷبيض، ليس لديهما لا أخلاق ولا خجل وأن القاسم المشترك بين كل هؤلاء هو الحقارة وانعدام اﻹنسانية.
الاعتذاراﻷمريكي من نظام العصابة يؤكد ما ذكرناه على الدوام حول وجود علاقة تكاملية وتبادل للأدوار بين قتلة الشعب السوري والمشاركين في الهولوكوست “السني”.
لنتذكر أن العلاقة بين اﻷسد والعدو الصهيوني هي علاقة أكثر من أخوية، مع ذلك لم تعتذر إسرائيل ولو لمرة واحدة عن ضرباتها لنظام العصابة! التفسير العقلاني لهذا السلوك “غير المهذب” من قبل الدولة العبرية يكمن في أن الضربات اﻹسرائيلية للأسد هي ضربات “تأديبية” مقصودة، تمامًا كما يفعل البلطجي مع صعلوك “يلعب بذيله” وليس من المعقول أن تعطي صفعة ﻷزعر ثم تعتذر منه!
لماذا اعتذر اﻷمريكي من حليفيه الروسي واﻷسدي؟
على اﻷغلب تم الاعتذار ﻷن الضربة تمت وفق إحداثيات “مغشوشة”، قدمها الكرد لطيران التحالف اﻷربعيني، مما أدى لقصف تجمعات سكنية بحجة كونها “مواقع داعشية”. حينها، ورغم مئات الضحايا اﻷبرياء، لم يعتذر الصعلوك اﻷسمر وزبانيته ولو لمرة، ﻷن الدم “السني” أرخص من الماء.
ولماذا لا يكون هذا الدم رخيصًا على اﻷعداء، وهو أكثر من رخيص على المتحكمين برقاب السنة في سوريا وغيرها؟ ألم يذبح جزار “رابعة” المصريين بالآلاف دون أن يرمش جفن أي من “زعماء” العرب والمسلمين؟
بعد حوالي نصف مليون شهيد في سوريا وملايين الجرحى والمهجرين، هل تحرك واحد من زعماء “السنة” وتنطع للدفاع عن اﻷبرياء الذين يموتون لمجرد أنهم “سنة”؟
كيف نلوم العدو على بربريته ولا نلوم من يحسبون أنفسهم أشقاء وأصدقاء ويعتبرون أنفسهم “مسلمين” وهم أنصاف بل أرباع رجال؟
حين تعجز أمة المليار عن صنع أو “تهريب” صاروخ واحد مضاد للطائرات، فأي خير يرتجى من هكذا أمة؟
حصار ومجازر حلب تزامنا مع موسم الحج “اﻷكثر نجاحًا”. لكن، هل يجوز الحج ودماء المسلمين تراق بأرخص من الماء؟
في انتظار صحوة لن تأتي على اﻷرجح، سيستمر أوباما في الاعتذار لمن لديهم “أولياء دم” وأهل السنة ليس لديهم أولياء.