من المفارقات التراجيدية السوداء في الثورة السورية، اغتيال مسؤول رفيع في المعارضة أمام صرح أمني ثوري في حوران، وهو ما يدل على الإسهاب في “الإرهاب” وتعميق فجوة الفوضى في المحافظة الجنوبية.
سعى يعقوب العمار، وهو ابن بلدة نمر في محافظة درعا، إلى إنجاح فكرة المجالس المحلية في حوران، ونجح، إلى حد ما، في تطوير تجربة المجالس وضبطها، لتسهم في سد الفراغ الحكومي، وهو ما دعا وجهاء حوران لانتخابه مرتين كرئيس لمجلس المحافظة، آخرها كانت قبل اختطافه، أواخر العام الماضي.
وهي الفترة ذاتها التي طالت يد “الإرهاب” أعلى سلطة قضائية في المحافظة، ممثلة بالشيخ أسامة اليتيم، في تفجير قيل إنه استهدف عدل حوران وأمنها.
لم ترق فكرة إضفاء الطابع المدني على المناطق “المحررة” في درعا، لفصائل محسوبة على التيار “الأسود” بالراية والفكر، كما تتهم من قبل شريحة “الثوار”، فاختطفه مسلحو “حركة المثنى”، قبل أن يحرره “الجيش الحر” من قبضتهم.
وهو ما دعا “المثنى” آنذاك لـ “اللعب على المكشوف”، فانضوت مع جماعة “شهداء اليرموك”، واتهم الجانبان بتبعيتهما المطلقة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
حاز العمار على ثقة “الجيش الحر” وباقي المكونات الثورية في حوران خلال فترة قصيرة من الزمن، فرغم عمره الذي لم يتجاوز 35 عامًا، استفاد الشاب من إمكانياته التعليمية كونه حائز على ماجستير في “الإرشاد والعلاج النفسي”، في محاولة إرشاد أبناء المحافظة لقولبة التجربة الثورية نحو المدنية، وعلاج أمراض السلاح وآفاته، لكنه أخفق في ذلك، فصوت الرصاص كان أكثر تأثيرًا.
قبل سبعين يومًا، اختير العمار ليشغل منصب وزير الإدارة المحلية في حكومة جواد أبو حطب “المؤقتة”، في حكومة قيل إنها تجمع كفاءات الداخل السوري، وتعزز السلطة المدنية في المناطق “المحررة”، وهي الفترة ذاتها التي شهدت حوران أعنف عمليات اغتيال بحق قادة وناشطين وقياديين في “الجيش الحر”، لتصبح المحافظة نموذجًا للفوضى، بعدما كانت مثالًا لانضباط العمل الثوري قبل أعوام.
تقول “الهيئة السورية للإعلام” إن طفلًا لا يتعدى الخامسة عشر من عمره، فجر نفسه أمام مخفر أمني في مدينة إنخل، حينما كان العمار ورفاقه يهمّون لافتتاحه. فاغتيل الرجل وضرب أمن حوران مجددًا.