عنب بلدي – الغوطة الشرقية
تتنوع قصص سرقة الدراجات النارية في الغوطة الشرقية بتنوع نسيجها الاجتماعي، وبينما تروي هذه القصص نماذج عن حوادث السرقات، التي تفشت في الغوطة خلال السنوات القليلة الماضية، تطرح الهيئات الرسمية المسؤولة عن أمن المنطقة حلولًا لإنهائها.
لم تسلم مدينة أو بلدة في الغوطة الشرقية من توثيق حوادث سرقة لدراجات نارية فقدها أصحابها، بينما استطاع آخرون استعادتها بعد عناء وجهد طويلين، ويقول الأهالي إن قصصهم تنوعت بين الحوادث الطريفة والغريبة.
حوادث من واقع الغوطة
رياض آغا، أحد أبناء مدينة دوما حمل قصته إلى عنب بلدي، وقال إنه فقد دراجته النارية بعد أن تركها لإنقاذ ثلاثة أطفال عالقين بين أنقاض منزل تعرض للقصف، موضحًا أنه لم يجدها بعد عودته من إسعاف الأطفال.
ولم يشتكِ آغا للشرطة “لعلمه أن لا جدوى من شكواه”، على حد وصفه، مضيفًا “اكتفيت بشكوى من سرقها لله، لأني لا أعتبره سارقًا فقط بل مجرمًا لأنه لم يسعف الأطفال واستغل المصيبة والكارثة التي أضحت مشهدًا يوميًا في مدينتنا”.
بدوره تحدث الشاب سليم كيلاني من أهالي الغوطة، عن قصة استعادة دراجته التي سرقها أحد الأشخاص، خلال زيارته لمنزل أخيه، ما دعاه للذهاب إلى قسم الشرطة وتقديم بلاغٍ بالسرقة، كونه يملك أوراقًا رسمية تتضمن مواصفات دراجته.
“لم أعتمد على الشرطة وبدأت البحث عنها في محال بيع الدراجات في الغوطة، إلى أن شككت بأحد المحال بعد رؤيتي قطعة من دراجتي أعرفها جيدًا”، يوضح كيلاني، الذي توجه مباشرة إلى الشرطة، وعاد إلى المحل مع دورية، استطاعت ضبط بقية قطع دراجته وتبين أن صاحب المحل سرقها بالتنسيق مع شريكه، كما قال.
الظاهرة منتشرة قبل الثورة
ظاهرة سرقة الدراجات ليست دخيلة على مجتمع الغوطة، ويرى هيثم عبد الغني، مدير قسم العلاقات العامة في قيادة شرطة الغوطة، أنها “إرث من الفساد الثقيل الذي تركه النظام”، مشيرًا إلى أن التحقيق في عشرات القصص “أظهر أن معظم لصوص الدراجات امتهنوا العمل قبل الثورة واستمروا إلى يومنا هذا، إلا بعض من سوّلت نفسه السرقة بسبب الحاجة المادية في ظل ثقل الحياة ووطأة الحصار”.
توجه عناصر الشرطة مرات عدة بعد تبليغهم من قبل الأهالي، إلى “أوكار” خبأ فيها اللصوص مسروقاتهم في مزارع الغوطة، وفق عبد الغني، وقال لعنب بلدي إن البلاغ عن سرقة دراجة فردية يوجب إرسال دورية مرفقة بعنصر نسائي، مضيفًا “عادة ما يسلم المتهم نفسه عند محاصرة منزله دون الحاجة لدخول عناصر الشرطة، التي تحمل أمرًا قضائيًا من رئيس النيابة يخولها توقيف ومداهمة منزل المتهم”.
وشرح مدير قسم العلاقات في شرطة الغوطة، آلية محاسبة المتهم، موضحًا أن الشرطة تحول المتهم إلى القضاء، بعد التحقيق معه وثبوت تورطه بالسرقة، “وهنا يعتمد في اتخاذ الحكم على وضع المتهم وعدد مرات تكرار جرمه”.
الأهالي يشتكون من بطء التسليم
ورغم أن الشرطة ضبطت عشرات الدراجات النارية وأعادتها إلى أصحابها، إلا أن بعض من تحدثت عنب بلدي إليهم اشتكوا من بطء تسليم دراجاتهم، وامتدت فترة إعادة تسليمها عدة أشهر.
وعزا عبد الغني سبب تأخير إعادة بعض الدراجات، “لأن بعض الدراجات لا تحمل أرقامًا، لذلك نضطر لتكثيف الإجراءات للتأكد من هوية مالكيها، ومطابقة أوصافها”، مؤكدًا أن الأمر “سيحل قريبًا من خلال مشروع تنمير الدراجات وتسجيلها لدى الشرطة، والذي أطلق الأسبوع الماضي.
الشرطة تنشئ مكتبًا لتسجيل الدراجات
أوراق تنمير الدراجة النارية– أوراق الدراجة النظامية – صورة عن الهوية الشخصية أو إخراج قيد لصاحبها – سند إقامة – ورقة غير محكوم من فرع الأمن الجنائي – دفع ثلاثة آلاف ليرة سورية تشمل تكاليف اللوحة ورسوم التسجيل |
بدأت قيادة شرطة الغوطة في 10 أيلول الجاري، بتسجيل جميع الدراجات النارية في الغوطة، ضمن مكتب داخل إدارة النقل المشكلة حديثًا، والتي ستكون أولى مهامها تثبيت ملكية الدراجات، وتزويد مالكيها بلوحات رقمية ودفاتر للميكانيك، ورقم لمراقبة المركبة، وفق عبد الغني، الأمر الذي يسهل متابعتها في حال سرقتها.
وستتعاون الشرطة مع أصحاب محال بيع الدراجات المعتمدين في الغوطة، لمساعدتهم في البحث عن الدراجة، في حال الاشتباه بسرقتها، وفق مدير قسم العلاقات في الشرطة، الذي أكد متابعة عمل العناصر في مراقبة بعض القطاعات التي كثرت فيها حوادث السرقة، لافتًا إلى أن هذه الطريقة “أثبتت فعاليتها وساعدت في القبض على الكثير من السارقين”.
ويستطيع من يرغب بتسجيل دراجته التوجه إلى مكتب الديوان في قسم تسجيل الآليات، التابع لإدارة النقل في الغوطة، وهناك يسلم الأوراق المطلوبة ودفع رسوم التسجيل، وأشار عبد الغني إلى أن القسم يضم مكتب مراقبة فنيًا، وهو عبارة عن لجنة مهمتها فحص الآلية والتأكد من سلامة أرقامها ومواصفاتها.
وفي حال كانت الدراجة غير نظامية، وهي منتشرة بكثرة، ينظم قسم التسجيل محضر ضبط في مخفر الشرطة، بوجود شهود، ويكتب صاحبها تعهدًا، وتعتبر هذه الأوراق بمثابة وثائق يعتمد عليها في تسجيل الآلية، إن كانت مسروقة، وفق عبد الغني، الذي قدر عدد الدراجات في الغوطة بعشرة آلاف دراجة.
بدأت الشرطة في الغوطة بالتخطيط لبناء قسم مرور يعمل على ضبط السير وتغريم المخالفين، بحسب عبد الغني، وبينما تواجه الشرطة صعوبات خلال عملها، كغيرها من الهيئات العاملة في الغوطة، وأبرزها القصف واستهداف بعض مراكزها ووحداتها، يرى معظم الأهالي أنها أثبتت حضورها خلال الفترة الماضية.
مئات من القصص توثق حوادث سرقات لدراجات نارية مازال أصحابها يحتفظون بها لأنفسهم، بعضها ضُبطت وأعيدت لهم، وأخرى بقيت حتى اليوم مجهولة المكان، بينما يتمنى الأهالي، الذين استمعت عنب بلدي إلى قصصهم، أن يستفيدوا من مشروع تسجيل وتنمير الدراجات علّه يحد من تلك السرقات.