رحلة إلى الدوري الأضخم في العالم.. صفقات خيالية وعائدات ضخمة
يبدو أن الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، هو الأكثر إثارة بين كبرى البطولات الأوروبية للموسم المقبل، وتساهم في ذلك عوامل عديدة تبدأ باستقطاب عدد من كبار لاعبي العالم، ولا تنتهي بتكاليف حقوق البث الباهظة.
ويعتقد محللون رياضيون أنه ربما حان دور صعود البريميرليغ إلى الواجهة، لإزاحة الدوريات الأوروبية الأخرى بشكل عام، والدوري الإسباني الأفضل في السنوات الماضية بشكل خاص.
تبدأ المغريات التي يحتويها الدوري الموسم المقبل باللاعبين الكبار الذين تعاقدت معهم الأندية لتدعيم صفوفها، بعد أداء هزيل ظهرت عليه في الموسم الماضي، وأبرزهم بول بوغبا الفرنسي، الذي أضحى الأغلى في تاريخ كرة القدم، قادمًا من جوفنتوس إيطاليا إلى مانشستر يونايتد بصفقة خيالية بلغت 89 مليون جنيه إسترليني (120 مليون يورو)، متخطيًا الرقم القياسي للويليزي بيل في ريال مدريد بـ 85 مليون في 2013، والسلطان إبراهيموفيتش الذي تعتبره جماهير النادي إضافة كبيرة لتشكيلة الشياطين الحمر.
وسعت أندية مثل مانشستر يونايتد، خامس الترتيب في الموسم الماضي، وتشيلسي في المرتبة العاشرة إلى تدعيم صفوفها، لتعويض ما فاتها العام الماضي، فقد خرجت منه خالية الوفاض باستثناء كأس الاتحاد الإنكليزي الذي أرضى به “المان” جماهيره.
وبالرغم من غياب الناديين العريقين عن منافسات دوري الأبطال، فقد قاما ببناء تشكيلتين جماهريتين تحظيان بحضور إعلامي مميز.
وتتعدى عوامل الجذب والإغراء اللاعبين إلى المدربين، الذين يملكون جماهيرهم الخاصة، ولطالما اقترنت المواجهات القوية والمصيرية بأسمائهم، ليلتقوا مجددًا في بوتقة البريميرليغ، في كلاسيكو أوروبي، بين غوارديولا ومورينيو، ربما يخطف الأضواء الكروية متفوقًا على كلاسيكو الريال والبرسا. وبغض النظر عن أسماء الأندية، فمواجهة أسطورتي التدريب لها طابعها الخاص.
ويعتبر هذا غيض من فيض الصفقات الخيالية التي قامت بها الأندية الإنكليزية في سوق الميركاتو الصيفي، الذي انتهى مع نهاية آب الفائت، والتي بلغت حوالي مليار ونصف المليار دولار.
الدوري الإنكليزي جنة المستثمرين
يعتبر الدوري الإنكليزي حقلًا مربحًا وخصبًا للمستثمرين الأجانب، ولمنصات التسويق طويلة الأمد، والتي لا تعرف عوامل مشتركة سوى كرة القدم والأرقام متعددة الأصفار.
5% فقط من الأندية الإنكليزية بعهدة محلية، ويسيطر الأمريكيون على ملكية أندية أرسنال ومانشستر يونايتد وليفربول، وتايلاند على ليستر سيتي، وإماراتي على مانشستر سيتي، وروسي على تشيلسي، وإيراني على إيفرتون، وإيطالي على واتفورد، ومصري على فولهام، وإدارة ويلزية لسوانزي ووست هام، علمًا أن غالبية المستثمرين في كبرى الدوريات الأوروبية أجانب أيضًا، عدا ألمانيا التي تشذ عن القاعدة، ولا تمنح أنظمة الاستثمار أكثرية الأسهم للمستثمر الأجنبي.
ليستر سيتي ظاهرة تايلندية بطابع إنكليزي
تمكن التايلندي فيتشاي سريفادانابرابها، الذي أرغم جميع وسائل الإعلام الرياضية على حفظ اسمه الصعب بعد تتويج نادي ليستر سيتي بلقب الدوري الإنكليزي الموسم الفائت، من إزاحة كبار أندية بريطانيا عن زعامة الدوري الممتاز.
وبنيل فريقه لقب بطولة الدوري، يكون التايلندي صاحب 58 عامًا دخل ساحة رؤساء كبرى أندية أوروبا من الباب الواسع، وربما يُصنّف الأفضل على الإطلاق، وذلك لأنه قاد نادياً مغموراً وبلاعبين شُبّان وغير نجوم، فضلاً عن الميزانية الزهيدة التي يمتلكها النادي، إلى التتويج ببطولة كروية كبرى تصنف بأنها المسابقة الأقوى في عالم كرة القدم.
وبينت الإحصائيات التي نشرتها مجموعة “ديلوت”، المتخصصة في تدقيق ميزانيات الرياضة، الفارق الكبير بين رواتب فرق مثل ليستر سيتي، ووتفورد وبورنموث والفرق الكبرى في الدوري الإنكليزي أمثال تشيلسي واليونايتد والسيتي وليفربول.
وسيشارك ليستر في دوري أبطال أوروبا الموسم الجاري، ويبقى الرهان فيما إذا كانت الظاهرة الإنكليزية قادرة على مواجهة كبار القارة العجوز، أم أن حدودها لن تتجاوز عتبة البريميرليغ.
حقوق البث تضمن حقوق الأندية
يقول أليكس ثورب، المدير الأعلى للشؤون الرياضية في شركة “ديلويت” للتحليل المالي، إن السبب الكامن خلف الصفقات الضخمة، التي أبرمت في البريميرليغ، هو العوائد الضخمة المتوقعة من الإنفاق الجديد لحقوق البث التلفزيوني، والتي شجعت الأندية على مزيد من الاستثمارات في سوق الانتقالات.
ومن المتوقع أن تدخل نحو عشرة بلايين يورو إضافية من بدل حقوق البث الخارجي صناديق الأندية الإنكليزية، ما يشكل حالة مطمئنة رغم الحذر والترقب للمستقبل بعد انتهاء فترة الراحة وبداية الماكينة المحلية والقارية.
واشترت شبكة “سكاي سبورت” حقوق البث لـ 126 مباراة في الموسم الحالي بحوالي بليون ونصف يورو، كما اشترت قناة “بي تي” 42 مباراة بـ 370 مليونًا.
ويوفر هذا العقد للشبكتين مدخولاً مضمونًا عبر 12 مليون مشترك بخدمات التلفزة عبر الكابل والإنترنت لمشاهدة مباريات البريميرليغ، وهي ثروة بحد ذاتها إذا ما قورن بين الإنفاق الإسباني والفرنسي على هذا الصعيد.
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
لعب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دورًا أساسيًا في زيادة شراهة الأندية لإبرام صفقات كثيرة خلال سوق الانتقالات، إذ تتخوف الأندية الإنكليزية من فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم قوانين جديدة تخص استقدام اللاعبين الأوروبيين إلى البريميرليغ، بعد أن كان يعامل بمثابة اللاعب المحلي.
وأكدت تقارير رياضية أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن تكون له تبعات سياسية واقتصادية فحسب، بل له تبعات رياضية على أحد أفضل الدوريات في القارة العجوز، فقد كانت أبواب الدوري مفتوحة في السابق بلا قيود أمام اللاعبين الذين يحملون الجنسية الأوروبية وذلك وفقًا للاتفاقيات الأوروبية التي تسمح للمواطنين الأوروبيين بالتنقل والعمل بحرية داخل دول الاتحاد، بينما يضع الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم شروطًا معينة لانضمام لاعبين من خارج الاتحاد إلى “البريميرليغ”، وذلك من أجل حماية اللاعب المحلي.
وتنص الشروط “البريميرليغ” على ضرورة مشاركة اللاعب الذي يريد الانتقال للدوري الإنكليزي في 30% أو 45% من مباريات منتخب بلاده في العامين الأخيرين، وتختلف تلك النسبة باختلاف ترتيب المنتخبات. وكان اللاعبون الأوروبيون مستثنون من هذه الشروط، ولكن بعد انفصال بريطانيا ستصبح هذه القوانين سارية المفعول عليهم أيضًا، وهو ما يهدد وجودهم بالدوري الممتاز.
وحسب بيانات نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية “BBC” فإن ثلثي اللاعبين الأوروبيين في الدوري الإنكليزي الممتاز، والبالغ عددهم 160 لاعبًا، سيفقدون عملهم، إذا استمر تطبيق القانون القديم، فالكثير من الأندية ستجد نفسها مضطرة للتخلي عن أكثر من 11 لاعبًا.
وبناءً عليه، سارعت الأندية لإبرام الصفقات قبل تبدل القوانين بما يتوافق مع الانفصال، معتمدة على القانون القديم الساري إلى الآن في أروقة الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، الأمر الذي أدى إلى تجاوز عتبة البليون دولار ثمن الصفقات التي أبرمتها الأندية.
رفع قيمة معونة الهبوط في الدوري الإنكليزي
استحق الدوري الإنكليزي بجدارة لقب الأغنى في العالم، فقد رفع الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم مؤخرًا رفع قيمة معونة هبوط الأندية من الدوري الإنكليزي الممتاز، حيث ستحصل الأندية التي ستهبط على أكثر من 60 مليون جنيه إسترليني لمساعدتها على مواجهة الأعباء المالية جراء الهبوط.
وبداية من الموسم المقبل ستحصل الأندية على أموال على مدار أربعة أعوام، بعد أن كانت تحصل منذ عام 2010 على 16 مليون جنيه إسترليني في كل عام من العامين الأولين ثم ثمانية ملايين إسترليني في الموسمين التاليين.
وتهدف معونة الهبوط إلى تخفيف العبء عن كاهل الأندية التي غادرت دوري الشهرة والأضواء، إذ تفقد الأندية الهابطة حصة ضخمة من عائدات البث التلفزيوني، بينما لا تزال تتحمل أعباء مالية ضخمة بسبب مرتبات اللاعبين، وعلى هذا يحصل متذيل الترتيب في ختام موسم 2017 على 155 مليون يورو، أي أكثر من مجموع ما تجنيه أندية أوروبية عدة مجتمعة.
وكانت أرباح أرباح نادي ليستر سيتي بلغت 150 مليون جنيه إسترليني لقاء فوزه بلقب الدوري الموسم الماضي.
ويراهن محللون رياضيون على أن هذا الموسم هو موسم بريطاني، وأنه قد حان دور تسليط الضوء بشكل أكبر على البريميرليغ، وسرقة شيء من أسطورة السيطرة الإسبانية على كرة القدم، فقد تم جمع كل عناصر الإثارة الكروية والإعلامية ورميت في صندوق الدوري الإنكليزي، ليُصنَع برونق جديد ويحمل أسماء جديدة من شأنها أن تضخ دماء شابة في ملاعب الكرة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :