جريدة عنب بلدي – العدد الثالث عشر – الأحد – 29/4/2012
مجلس الشعب، الذي لم يكن للشعب يوماً طيلة عقود مضت في ظل الأسد الأب ولم يتغير الحال قط في عهد الأسد الابن، فمجلس الخُشُب المسنّدة، الذي درجت العادة أن ينتقيه نظام الأسد وفقاً لمنظومة «المصالح الشخصية» التي تقررها «الجبهة الوطنية التقدمية»، اقتصرت مهمته على عقد عروض مسرحية داخل المجلس، يتخللها تصفيق ومهرجانات خطابية تمجد بالقائد وإنجازاته «العظيمة».
وداخل أروقة البرلمان، مع بداية الثورة السورية، كان أن دعا الأسد دُماه كي يلقي على مسامعهم إحدى خطبه «الطنانة» معلناً عن «المؤامرة الكونية» ضد شخصه «الكريم».. وبالطبع، كانت كافة الدمى حاضرة، كلما فتح الأسد فاه بكلمة، قاطعه مجلس «المصفقون» بالتصفيق وألقيت عليه بعض القصائد «العصماء» وكان أن قالوا فيه العبارة الشهيرة: «إنت الوطن العربي قليل عليك يا سيادة الرئيس ولازم تقود العالم!!» وبينما كان «المصفقون» داخل البرلمان، مشغولون بالتصفيق، كان «شبيحته» منشغلون أيضاً في ممارسة طقوس التشبيح على الشعب الثائر في المسيرات المؤيدة وعلى شاشات التلفزة، يستعرضون دناءتهم ووقاحتهم… ويعزفون على وتر «المؤامرة» و»ما في شي» ويتغنون بأفضال الأسد وإصلاحات الأسد حتى «نفخوا» رؤوسنا بالمؤامرة الكونية وتحليلاتهم الفذّة لها..
وبعد عام ونيف من استمرار نزيف الجرح السوري، انتهت دورة «التصفيق» السابقة ليأتي دور «التشبيح» هذه المرة وتعم شوارع دمشق صور المرشحين الجدد!! وللمفاجأة، أذناب النظام الإعلاميين والأمنيين الذين لطالما أبدعوا في الكذب والتضليل والتشبيح، سارعوا لدخول سباق ترشيح أنفسهم ليمثلونا نحن الشعب، فشريف شحاطة، «المشرشح المستقل» عن دمشق، ويا لحظ العاصمة!! فبوق النظام سيطبل ويزمر ليس على شاشات التلفزة فقط، بل داخل أروقة البرلمان، وسيمارس تشبيحه غداً بكل أريحية، فنجاحه مؤكد، مكافأة له على جهوده «التشبيحية» ومواقفه «المشرفة» على شاشات الإعلام وهو يشتم ويسب ويكذب وينافق، وبالتالي، سلطات البوق ستكبر وصلاحياته كذلك، وسيمثل دور «ممثل» الشعب داخل البرلمان ويستميت في إبراز عضلاته التشبيحية على الشعب وعلى المجلس أيضاً، وسيتحول البرلمان إلى ثكنة عسكرية يتم من خلالها شن حملات عسكرية وأمنية على المدن الثائرة بغطاء قانوني وباسم الشعب، فهو الإعلامي «الحر»، والإعلام السوري في ظل الحكومة الأسدية لا ينقصه إلا شحاطة لتتضح الصورة الكاملة. وبوجود خالد «مربع» العبود، مرشح مستقل عن دمشق لا عن مسقط رأسه درعا، الذي دخل هو الآخر سباق الانتخابات «المحموم» ويريد إسقاط نظرية مربعاته على سوريا، وسيرتقي مقامه بكل تأكيد، فمن شبيح على الأرض إلى شبيح أعلى في البرلمان، لن تتغير الصورة كثيراً، فزي الشبيح الأمني الذي ارتداه منذ فترة سيستبدله ببذلة سوداء مقيتة لتمويه حقده وجرائمه.
ولتكتمل الرواية، رشح «الشيخ» أحمد شلاش نفسه للمجلس، أفجر لسان إعلامي شهده العصر والزمان، كفر وتجديف وبذاءة منقطعة النظير، فهو كالحرباء متعدد الألوان والأقنعة، فمن ثوب الدين تارة إلى ثوب المحلل السياسي والباحث الاجتماعي تارة أخرى، من طالب «بشار» بإسقاط الرحمة من قلبه وطلب منه المزيد من القتل والذبح، وكان صرح بأنه على استعداد لقتل نفسه إن شاء الأسد، فإن كان قد سمح لنفسه بأن يتطاول ويتكلم بلسان أهلنا في دير الزور «شروي غروي» قبل أن يمثل الشعب ودعا إلى إسقاط الصفة العربية عن الجمهورية السورية، بالتأكيد لن يتوانى عن بذل قصارى جهده خالصة لخدمة آل الأسد..
ومجلس الدمى، بانتقاله من مرحلة «التصفيق» إلى «التشبيح» إن ضم بين جدرانه حثالة القوم ممن تسابقوا لنيل رضا الحكومة الأسدية بتقبيل الأيدي والأرجل، سيعمل على سن قرارات تقضي بكل تأكيد على أية مظاهر ثورية وتضخ المزيد من الأموال لقتل المتظاهرين وتشديد الطوق الأمني والمزيد من الانغلاق الإعلامي، وتتفانى تلك القرارات في القضاء على «العصابات الإرهابية المسلحة» وتدمير البنية التحتية بحجة الإصلاح والقضاء على الإرهاب في الوقت الذي يتسابق الشعب السوري الحر ليدفع كل يوم من دمه مداداً يسطر فيه حروف المجد على جبين الوطن ويسترجع الحرية والكرامة السلبية، وحينها فقط سيعود مجلس الشعب إلى الشعب.