هل يعيد "تحرش" النظام بإبطع فصائل الجنوب لقيادة معاركها؟
قوات الأسد تتجهز لاقتحام إبطع.. وأحلى خيارات البلدة مرّ
محمد إبراهيم – درعا
شهدت بلدة إبطع خلال الأسبوع الماضي تصعيدًا متسارعًا من قبل قوات الأسد، التي تمكنت من استعادة السيطرة على كتيبة الدفاع الجوي، المعروفة باسم “الكتيبة المهجورة” بالقرب من البلدة، بعد أن انسحبت منها قبل ثلاثة أعوام تقريبًا.
تقع بلدة إبطع في ريف درعا الأوسط، تمتاز بموقعها على أوتوستراد دمشق– درعا القديم، وتعتبر عقدة الربط بين مدينتي الشيخ مسكين وداعل. استطاعت فصائل المعارضة السيطرة على البلدة آواخر عام 2013، وتقدر الهيئات المحلية عدد سكانها بثلاثين ألف نسمة، بينما تجاوز عدد أبنائها الذين قتلوا حتى اليوم، حاجز 200 قتيل، وفق إحصائيات حصلت عليها عنب بلدي من “مكتب توثيق الشهداء” في درعا. |
وأكملت قوات الأسد التقدم قرب إبطع في ريف درعا، بالسيطرة على عدد من المزارع المحيطة بـ”الكتيبة المهجورة”، ما جعلها بعيدة عن البلدة مسافة كيلومترين فقط، وبالتالي حاصرتها من ثلاث جهات.
هذا التصعيد رافقه استهداف البلدة بغارات الطيران الحربي ومئات قذائف المدفعية، وعشرات الصواريخ الثقيلة، ما تسبب بموجة نزوح كبيرة للأهالي، ودمار واسع في الممتلكات.
المصالحة الهشة
تصعيد النظام الأخير، أعاد إبطع إلى واجهة الأخبار في درعا، فقد أسهم تقدمه وسيطرته على جارتها الشيخ مسكين مطلع العام الحالي بحالة ارتباك في البلدة، وتخوف من مصير مشابه، بعد أن هجّر النظام أهلها بالكامل، ما دفع فعاليات البلدة إلى عقد “مصالحة” مع قوات النظام، كانت في تفاصيلها التي تمت أقرب للهدنة المؤقتة.
ولم يلتزم النظام بوعوده بالإفراج عن المعتقلين وإدخال المساعدات وفتح الطرق إلى إبطع، بينما التزم بإيقاف المعارك، لتحمي البلدة نفسها من التهجير على وقع التقدم العسكري للنظام، وهو ما جرى فعلًا واستمر طوال الأشهر الماضية، قبل أن يستفيق الأهالي على الهجوم العسكري المفاجئ للنظام معلنًا انهيار “المصالحة” بشكل كامل.
خيارات مرّة
عودة القصف المكثف للنظام، والحشد العسكري المرافق له على أكثر من محور لإبطع، رسم عدة سيناريوهات لمستقبل البلدة وأهلها، ولعل ملامح هذا المستقبل بدأت بالظهور مع موجة نزوح لأكثر من 1500 عائلة نحو السهول والبلدات القريبة.
عنب بلدي التقت محمد النصيرات، أحد أهالي إبطع الذي مازال يقطن في البلدة حتى اليوم، ووصف النزوح عن البلدة بـ”الهروب من الموت إلى الموت”، موضحًا أن محافظة درعا تعاني حاليًا من ضغط سكاني كبير بسبب النزوح الداخلي، ومثلها المخيمات إن وجد فيها مكان، إضافة إلى المستوى المعيشي الصعب.
واعتبر النصيرات أن “النزوح من جحيم الغارات والقصف لن يكون إلا نزوحًا نحو المخيمات ومشاكلها”، ويرى أن “البقاء والصمود” في البلدة برفقة عائلته هو خياره، إلى أن يرى ما يحمله المستقبل القريب، غير مستبعد أن تتعرض لاجتياح عسكري وتهجير جماعي، على حد وصفه.
لا مفاوضات حتى اليوم
لم يطرح النظام على البلدة خيارًا مشابهًا لما حصل في داريا أو ما يجري التفاوض عليه في معضمية الشام، ويرى النصيرات أن البلدة ليست محاصرة وبإمكان أي شخص مغادرتها حين يرغب.
ونفى الشاب الدرعاوي أي مفاوضات لتسليم البلدة للنظام في ظل وجود أهلها، كما حدث سابقًا، موضحًا “هذا القرار ليس بيد شخص أو مجموعة، بل هو قرار أهل البلدة بأكملها، ولن نسمح لأحد أن يسلم رقاب أهلها للنظام”.
خيار آخر طرحه النصيرات قال إنه متوفر لأهالي البلدة، وهو الحل العسكري مع النظام، في حال واصل الأخير إصراره على التقدم، مضيفًا “إذا حاول النظام جعل إبطع ساحة حرب وتقدم فيها لا قدر الله، لن يكون أمامنا إلا الدفاع عن حوران كلها وليس إبطع فقط”.
حديث النصيرات يأتي في ظل “خطورة” تقدم قوات الأسد إلى إبطع، وبالتالي تطويقه لمدينة داعل الاستراتيجية من ثلاث جهات، مع احتمالية إحداث خرق في الجهة الرابعة وحصار المدينة بالكامل، وهو ما يضع أكثر من خمسين ألف نسمة يعيشون في داعل تحت خطر الحصار.
كما يضع هذا الخيار آخر معاقل المعارضة المطلة على أوتوستراد دمشق– درعا القديم على قائمة التقدم العسكري للنظام، وفي حال سيطرة النظام على إبطع فهذا يعني اقترابه من عمق ريف درعا الغربي، وهو ما يؤكد على الأهمية الكبيرة للبلدة لدى فصائل المعارضة.
جهوزية دون المطلوب
تصعيد النظام وحشده العسكري قرب إبطع ينذر بمعركة قريبة، إلا أن الأمر لم يجد الصدى المطلوب في الطرف المقابل، فقد انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، مناشدات عدة أطلقها ناشطون وفعاليات محلية من البلدة، طالبت فصائل المعارضة بمؤازرتها، وسط حديث عن مشاركة عسكرية ضعيفة.
كما وجه المجلس المحلي في بلدة إبطع بيانًا ناشد فيه الهيئات الإغاثية والمجالس المحلية في البلدات الأخرى برفع جهوزيتها لاستقبال آلاف النازحين من البلدة، في الوقت الذي قُدر عدد النازحين من البلدة حتى اليوم بأكثر من ستة آلاف نسمة.
ومع عودة زمام المبادرة العسكرية في درعا إلى قوات الأسد، وبالتزامن مع إطلاق فصائل المعارضة معركة “قادسية الجنوب” بهدف “تحرير المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري في محافظتي درعا والقنيطرة”، تبقى المناشدات من معظم المحافظات السورية لفصائل درعا مستمرة، بينما يتساءل بعض الأهالي: هل يكون “تحرش” النظام بإبطع، الصرخة التي تعيد فصائل الجنوب لقيادة معاركها؟
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :