عنب بلدي – خاص
لا يُفرّق القصف بين إنسان وآخر ولا حتى بينه وبين الحيوانات، والتي خسرت الغوطة الشرقية، وباقي المناطق في سوريا الآلاف منها، مع استمرار استهدافها وحصار بعضها من قبل النظام السوري، إلا أن هيئات ومؤسسات وضعت على عاتقها حماية الثروة الحيوانية من الانقراض من خلال مشاريع حثّت على تربيتها.
يتنقّل الفلاح الخميسني ومربي الأبقار محمد علي الخولي، بين مدن وبلدات الغوطة الشرقية، باحثًا عن أعلاف لبقرة تسلّم سند تمليكها من الهيئة الإغاثة الإنسانية الدولية (IHR)، من ضمن ثماني أبقار بكاكير (في طور الولادة الأولى)، وزعت خلال حفل حضره مجلس محافظة ريف دمشق والهيئات الإنسانية في بلدة مسرابا الثلاثاء 6 أيلول الجاري.
الخولي عبّر في حديثه إلى عنب بلدي عن سعادته بتملّك البقرة، ووجد فيها جزءًا يسيرًا من التعويض عن خسارته التي وصفها بـ”القاسية” عندما فقد 30 بقرة وعددًا من الأغنام إثر القصف، بينما “أكل بعضها الآخر بسبب نقص الأعلاف وغلاء أسعاره” كما يقول.
لم يكن الخولي وحده المستفيد من سلسلة مشاريع “تربية البكاكير”، والتي ترعاها الهيئة الإنسانية منذ عام 2015، إذ حصل ثمانية من أقرانه على البقرة التي قدّر فلاحو الغوطة سعرها في ظل الوضع الحالي بـ 550 ألف ليرة سورية.
بدأ المشروع الأول للتربية مطلع العام الماضي، وفق فراس المرحوم، مدير مكتب الهيئة في الغوطة، ووزع مركزها في مسرابا 31 بقرة حلوب على الفلاحين في مدينة دوما، مع علفٍ يكفيها لثلاثة أشهر، ثم انطلقت المرحلة الثانية بالتنسيق مع شركة “راف” القطرية، ووزعت قبل أيام على المستفيدين.
شهادة أرض “طابو”، وبراءة ذمة، هما أهم ما يجب على المستفيد تقديمه للاستفادة من “المنح البيطرية”، كما أسماها المرحوم، وجاءت المشاريع بعد أن اضطر الفلاح لذبح الحيوانات التي كان يربيها للاستفادة من لحمها في ظل الحصار.
ليست “IHR” الوحيدة التي تحاول الحفاظ على الأبقار التي تناقصت بشكل كبير، إلا أن مديرها في الغوطة، اعتبرها جزءًا مهمًا في هذا المجال، بعد أن ساهم الحصار بتخفيض عدد رؤوس الأبقار من 120 ألف رأس، إلى ثلاثة آلاف فقط، على حد وصفه.
المشروع الأخير كلّف 30 ألف دولار أمريكي، بحسب تقديرات المرحوم، وقال إن كادرًا بيطريًا مختصًا يديره، معتبرًا أن المشاريع أوجدت فرص عمل، وزادت الحركة الشرائية للأعلاف.
وشاركت الهيئة بدعم البحث العملي من خلال مشاريع أخرى رعتها، واطلعت عنب بلدي عليها منذ البداية، وأبرزها مشروع “محطة أمهات الأرانب” الذي بدأ مطلع نيسان 2015، ووزعت المواليد الأرانب على قسم العلوم في المعاهد المتوسطة المنتشرة ضمن الغوطة.
قبل سبعة أشهر وزعت الهيئة في قريتي الريحان والشيفونية أغنامًا على 79 أرملة، حصلت كلٌ منهن على ثلاثة أغنام مع علف يكفيها ستة أشهر، ويطمح القائمون عليها لتوزيع 50 بقرة ضمن مشاريع المنح، ضمن خمس مناطق داخل الغوطة الشرقية، في المستقبل القريب.
وبينما تهدف “IHR”، إلى التوجه من النمط التقليدي للعمل الإغاثي، إلى العمل التنموي الفعّال بتقديم أمثال هذه المشاريع،لا يبتغي الخولي، سوى تأمين رزقه وزوجته وأطفاله السبعة، كما أقرانه من الفلاحين في الغوطة، من خلال الاستفادة من حليب البقرة التي تسلمها ومن المولود الذي ستنجبه بعد ثلاثة أشهر.