حمص – أمير الحمصي
استطاع نظام الأسد خلال الفترة السابقة تحقيق مكاسب عسكرية في مدينة حمص، فصل من خلالها العديد من المناطق التي كانت محاصرة بمجملها، وحولها ـكل منها على حدةـ إلى منطقة محاصرة جديدة.
إذ سقطت منطقة «بساتين الغوطة» في الأيام التي سبقت عيد الفطر بيد قوات الأسد، كما أعلن الأخير عبر إعلامه الرسمي، بعد معارك طاحنة خاضها الجيش الحر مع ميليشيات «شيعية» موالية لنظام الأسد.
وتكمن أهمية بساتين الغوطة كونها تصل بين أحياء القرابيص والقصور الخاضعيْن لسيطرة الجيش الحر، ومنطقة بساتين الوعر الملاصقة لحي الوعر الذي يسيطر الحر عليه أيضًا، وبذلك قُطع شريان الحياة الوحيد عن حمص المحاصرة وأصبحت مغلقة بشكل كامل؛ كما دخل حي الوعر في حصار مطبق من جميع الجهات وهو الحي الذي يضم آلاف العائلات التي بدأت منذ فترة قريبة بالنزوح عنه عبر ممرٍ وحيد تسيطر عليه قوات الأسد ويسمى حاجز المزرعة.
أمّا حمص المحاصرة بشقيها: أحياءها القديمة وأحياء جورة الشياح والقرابيص والقصور، فإن مصيرها تحدده بضع مئات من الأمتار، فبعد أن سيطرت قوات الأسد ومقاتلو حزب الله على حي الخالدية، أصبح طريق حماة-حمص في مرمى نيران الأسد، امتدادًا من الساعة القديمة إلى دوار الجوية (في شمال حمص) وحتى الريف، بينما الجزء المتبقي تحت سيطرة الحر يمتد فقط من الساعة القديمة إلى الشمال بمسافة بضع مئات من الأمتار قبل الوصول لجامع الصحابي خالد بن الوليد.
على الضفة الشرقية لهذا الطريق تمتد أحياء حمص القديمة، فيما يقع حي جورة الشياح على ضفته الغربية، وبذلك فإن هذا الطريق هو الممر الوحيد المتبقي -بعد سقوط الخالدية-، الذي يربط حمص القديمة بحي جورة الشياح ومنه إلى حيي القرابيص والقصور، وهو الطريق الوحيد الآن الذي يستخدمه الجيش الحر في تحركاته، لكنه أصبح مكشوفًا من قبل قوات الأسد المتمركزة في حي الخالدية، لتستحيل بذلك حركة السيارات فيه، فيما يتمكن المشاة من العبور فقط.
إن سقوط هذه الأمتار المتبقية بيد قوات الأسد سيعني في المقام الأول محاصرة عشرات الأسر القاطنة في الأحياء القديمة، وتعريض مصيرها لخطر الثأر والتصفية المباشرة، كما سيعني محاصرة عناصر الجيش الحر في قسمين منفصلين عن بعضهما، القسم الأول في أحياء حمص القديمة، والقسم الثاني في أحياء جورة الشياح والقرابيص والقصور، وهذا أيضًا يشكل خطرًا بالغًا على مصير مقاتلي الحر إذا لم تتم مساندتهم من قبل الريف الحمصي -وهذا ما يُستبعد حتى الآن- إذ ينفصل هذان القسمان المحاصران عن أية منطقة مجاورة.
مئات الأمتار إذًا ستحول حمص إلى كنتونات محاصرة ومعزولة كل منها عن الآخر، وستعلن تفوقًا عسكريًا كبيرًا لقوات الأسد، ومعاناة كبيرة لأهالي وثوار مدينة حمص، فيما يتمسك مقاتلو الحر -حتى الآن- بأرضهم رغم التهديد الكبير على مصيرهم.