من الأم تيريزا إلى ملهم.. اليوم الدوليّ للعمل الخيريّ
حنين النقري
يوافق اليوم الخامس من أيلول اليوم الدولي للعمل الخيريّ، وتم تعيينه عام 1997، تخليدًا لذكرى وفاة آغنيس غونكزا بوجاكسيو أو كما سمّت نفسها بعد الرهبانية “الأم تيريزا”، والتي عاشت 87 عامًا أمضتها في رعاية المجذومين والمرضى والمشرّدين، بإيمان راسخ بأنها رسالتها في الحياة وأن الله اختارها لتكون معهم.
لكل مرضٍ هناك عدد كبير من الأدوية والعلاجات، ولكن إذا لم يكن هناك يد ناعمة وحاضرة للخدمة، وقلب كريم حاضر للحب، فإنني لا أعتقد أنّه بالإمكان شفاء ما يسمّى بنقص الحب
|
ولعلّ هذا الإيمان هو ما يجمع كل من وجد في العمل الخيريّ سبيلًا ورسالة له على الأرض، وهو ما زادت الثورة السورية الحاجة له، فظهرت بيننا نماذج كثيرة تشبه في عطائها وتضحياتها الأم تيريزا، ولو لم تكن بشهرتها، ومن بينهم الشهيد ملهم فائز طريفي، وهو من يحمل اسمه اليوم “فريق ملهم التطوعيّ”.
مُلهم في سطور
ملهم شابٌّ جامعيّ من ريف اللاذقية، اعتُقل من قبل النظام بعد مشاركته بالمظاهرات، وسافر بعد إطلاق سراحه إلى الأردن ومنها إلى السعوديّة، لكنه لم يتحمّل أن تكون مشاركته بالثورة محصورة وراء الشاشة فعاد إلى سوريا مجددًا، وشارك بمعارك تحرير ريف إدلب وريف اللاذقية، إلى أن قتل في منتصف عام 2012، فكان بحياته ومماته مُلهمًا لمن حملوا رايته وساروا بدربه.
عن فريق ملهم التطوعيّ
بدأ فريق ملهم التطوعي في الأردن عام 2012 بهمة مجموعة شبابية تطوعية لتقديم المساعدة للاجئين السوريين، ومع تزايد أعداد اللاجئين في دول الجوار، وازدياد عدد المدن المنكوبة والمحاصرة في سوريا نظّمت هذه المجموعة الشبابية عملها وفق أسس مؤسساتية، لتدير عمل 100 متطوّع حول العالم إضافة لفرق تطوعيّة ميدانية داخل وخارج سوريا.
تغيّر مفهوم العمل الخيريّ
نُلهم إنسانيتك أن تكون مُلهماً يعني أن تزرعَ بذورك في السماء، تصنع من الأمل غطاء يمحو المحن، تبني من التفاؤل جسراً لا يعرفُ الوهن، تخطّ من العلم طريقاً لمن جهِلَ من يحميه. ذلك نهجنا؛ وإليه نغذّ الخطى من كلّ اتجاه.
|
يرى المهندس زين الدين العطّار، أحد متطوعي فريق ملهم، أن مفهوم العمل الخيريّ قبل الثورة كان محصورًا بالعمل الفرديّ، ويوضّح “كان الشكل السائد هو العمل الفرديّ من فرد إلى فرد، وهناك بعض الجمعيات التي تقوم بالعمل الخيري (جماعة لفرد)”. الأمر الذي تغيّر بعد الثورة، إذ طرحتْ مفهومًا جديدًا للعمل الخيريّ “وهو التحوّل من إعانة الفرد للفرد لنصبح أمام إعانة فرد لمجتمعٍ كامل”، حسب العطّار.
ويشير العطّار إلى تطوّر آليات وأساليب العمل الخيريّ منذ بداية الثورة وحتى اللحظة “كانت التبرعات من الأشخاص ضمن الحيّ، لكن اليوم نحن نجمع الأموال خارج سوريّا لنرسلها للداخل، وهو ما حتّم علينا الانتقال للعمل المنظم فظهرت المؤسسات والمنظمات ما يحتاج لتطوير مهارات التواصل لفهم آليات العمل الخيري خارج سوريا والبحث عن قنوات لدعم العمل الخيري”.
عمل حرّ.. عطاء حرّ
يرى المهندس زين أن قوّة العمل الخيريّ تكمن في عدم تقييده، ويوضّح مقصده ” العمل الخيري والإنساني من خلال المؤسسات غير المقيدة يسهم في بناء المجتمع، للأسف نجد اليوم أن جزءا كبيرا من العمل الخيري بات مقيدا وفق أجندات الممولين سواء المنظمات الدولية أو حتى المحلية التي بات العمل الخيري منفذا لنشر فكرها”.
المشاريع المستدامة.. لدوام العطاء
لم يتوقّف عنف الأسد تجاه المدنييّن، وهو ما يعني تزايد أعداد المحتاجين والمنكوبين والجرحى، وتزايد الحاجة للعمل الخيريّ لإعانتهم، “وهنا أصبح العمل الخيري القائم على العطاء المستمرّ عبئًا على الممولين”، بحسب المهندس زين “وذلك بسبب تزايد أعداد المحتاجين بشكل تعجز ميزانيات دولية منفردة عن القيام به، لذا كان السعي لإنشاء بعض المشاريع الصغيرة للحصول على تمويل ذاتي منها، ويكون لها استدامة خلال فترة زمنية تزامنًا مع تأدية الغرض من العمل الخيريّ”.
ومن المشاريع الخيريّة المستدامة يطرح العطّار أمثلة “ورشات الخياطة التي أُنشئت لتأمين العمل لزوجات الشهداء والمعتقلين، إذ استطعنا الاستغناء عن المعونات بنسبة 50% مما أتاح للمنظمات التوجه لشرائح أخرى”.
يستدرك العطّار بأن المشاريع المستدامة تواجه عقبات في سوريا “وأبرزها العقبات الأمنية كالقصف، ونفاد الموارد نتيجة الحصار”.
مشاريع مُلهميّة
يشاركنا العطّار آلية تنظيم عمل فريق ملهم، في أربعة أقسام وهي “قسم الحالات للحالات المرضية والعاجلة، قسم الحملات لتنظيم الحملات الإغاثية والمشاريع، قسم الكفالات لكفالة الأيتام، وأخيرًا قسم التعليم لدعم الطلبة السوريين”.
ويشير المهندس زين إلى عدد من المشاريع المستدامة التابعة لفريق ملهم، ومن بينها “مشروع زراعي لتأمين 14 طن من الخضراوات توزّع على العائلات المحاصرة، ومشروع تأمين المياه الصالحة للشرب، ومركز ملهم للأشعّة”.
ويتابع “هذا هو عملنا، نسعى أن نكون ملهمين للعمل الخيري والإنساني للتخفيف قدر المستطاع عن أهلنا، هذا ما نعنيه بشعار “نُلهم إنسانيتك”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :