ارتفاع معدلات البطالة في سوريا خطر محدق بمستقبل البلاد
عبد الرحمن مالك – عنب بلدي
يعتبر ارتفاع نسبة البطالة من أكثر الأزمات الهيكلية في انهيار الاقتصاد، فبعد عامين ونصف على الثورة السورية شهد الاقتصاد السوري ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات البطالة ارتبط بشكل كبير بالتضخم الحاد الذي يعيشه، مما أدخله في حالة من الموت السريري، والتي على ما يبدو أنها لن تتوقف مع انتهاء الأزمة، لما يتبعها من نتائج كارثية على الاقتصاد والمجتمع في المستقبل.
فقد كشف «المركز السوري لبحوث السياسات» في تقريره عن الربع الأول من العام الحالي أن 2.3 مليون سوري خسروا أعمالهم منذ بداية «الأزمة» وحتى الآن، مشيرًا إلى أن نسبة البطالة ارتفعت إلى 48.8%، وبيّن التقرير الذي أعده المركز بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، أن «عدد العاطلين عن العمل الكلي بلغ 2.965 مليون».
ومما يفاقم أزمة البطالة، قيام أرباب العمل في القطاع الخاص بتسريح أعداد كبيرة من العمال، لا سيما في قطاع السياحة والمصارف والفنادق ومكاتب السفر وشركات الطيران، وأشارت تقارير صادرة عن مؤسسة التأمينات الاجتماعية في سوريا إلى ارتفاع عدد العمال المسرحين من القطاع الخاص من 70 ألف عامل خلال العام 2012، إلى ما يقارب من 130 ألف عامل حتى منتصف العام 2013. وقد تم تسريح هؤلاء العمال دون حصولهم على تعويض مناسب، لأن القانون الرقم 17 للعام 2010 الناظم لعلاقات العمل في القطاع الخاص، قد أجاز لرب العمل فصل العمال بشكل تعسفي ودون أسباب.
محمد، وهو لاجئ سوري في لبنان، كان يعمل في إحدى شركات المقاولات في القطاع الخاص، ذكر لنا أنه سرّح منذ حوالي ستة أشهر من الشركة التي يعمل بها، دون أن يحصل على أي تعويض عن العشر سنوات التي قضاها في الشركة، وهو لا يزال منذ تسريحه بدون عمل، وحاله هذه كحال الكثير من الشباب الذين لجأوا إلى دول الجوار، أو الذين ما زالوا في الداخل بعد أن فصلوا من وظائفهم. يقول محمد «أن تبقى في وظفتك إلى الآن فأنت إنسان محظوظ، فالوظيفة اليوم نعمة في هذا الغلاء».
وقد قامت الحكومة السورية لإدراكها بمدى تأثير ارتفاع نسبة البطالة في تسريع انهيار الاقتصاد السوري، بإيهام العاطلين عن العمل أنها تبذل جهدها في توفير فرص جديدة لهم، وذلك عبر طرحها لمشروع «تشغيل الشباب»، والذي يهدف إلى توفير 25 ألف فرصة عمل، ولكن سرعان ما تبين زيف هذا المشروع وذلك بعد إعلان وزارة العمل بأن هذا البرنامج تدريبي وليس تشغيلي، وأن الهدف منه فقط تهيئة الشباب لدخول سوق العمل عبر تدريبهم في أجهزة الدولة والتي يعود لها الحق في فسخ العقود متى تشاء.
ويعاني الاقتصاد السوري اليوم من أزمات عدة، يعتبر أخطرها ارتفاع معدلات البطالة، والتي يبدو أن من المستحيل حلها في الوقت الحالي في ظل الأزمة المستمرة في البلاد، وهو ما سيترك تداعيات خطيرة في واقع السوريين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :