د. أكرم خولاني
هناك الكثير من الأمراض التي تصيب الأطفال وتؤدي إلى الألم البطني، معظم تلك الأمراض بسيط وعابر، لكن بعضها قد يكون خطيرًا يستوجب العلاج الجراحي، ولعل التهاب الزائدة الدودية هو أشيع سبب لإجراء الجراحة البطنية عند الأطفال، وإذا لم تعالج هذه الحالة سريعًا، قد يؤدي ذلك إلى انفجار الزائدة وتلوث بقية البطن ومن ثم الوفاة، لذلك لا بد أن يعرف الأهل أعراض التهاب الزائدة الدودية ليتمكنوا من مراجعة الطبيب في الوقت المناسب.
ما هي الزائدة الدودية؟
الزائدة الدودية هي نتوء صغير في الأمعاء، أنبوبي يشبه الإصبع، بطول 6-9 سم وعرض لا يتجاوز 7 ملم، يوجد عند منطقة التقاء الأمعاء الدقيقة بالغليظة في الجزء الأيمن من أسفل البطن.
ومع أنه إلى الآن لم تعرف وظيفة الزائدة الدودية بشكل واضح، إلا أنها تشكل جزءًا من النسج اللمفاوية ذات الدور الفعال في الجهاز المناعي ومقاومة الجراثيم والفيروسات، كما أن هناك دراسات تشير إلى دورها في مساعدة الجهاز الهضمي على الهضم.
كيف يحدث التهاب الزائدة الدودية؟
إن العامل الرئيسي للإصابة بالتهاب الزائدة مايزال مجهولًا، ولكن قد يحدث الالتهاب بسبب انغلاق لمعة الزائدة، والسبب الأكثر شيوعًا للانغلاق هو الحصيات البرازية، ثم فرط التنسج اللمفاوي، وانحشار بذور الفواكه والخضراوات والديدان المعوية أيضًا كالإسكارس في لمعة الزائدة.
ومع وجود الانسداد، واستمرار الغشاء المخاطي المبطن للزائدة بإفراز المخاط والسوائل، يحدث انتفاخ وتوسع في الزائدة، ويتفاقم الانسداد بالالتهاب، وهذا يزيد من فرصة تكاثر الجراثيم الموجودة ضمن تجويف الزائدة، كما أن زيادة الضغط داخل الزائدة تتسبب بانسداد الأوعية الدموية المغذية لها، مما يؤدي إلى حدوث نقص تروية دموية في الزائدة، وهذا يؤدي إلى تنخرها، وقد تنفجر في حال عدم استئصالها، ويتسبب ثقب الزائدة الدوديّة وانفجارها بإفراز السوائل الالتهابية والبكتيريا في التجويف البطني مما قد يؤدي للوفاة.
ما هي الأعمار الأكثر إصابة؟
لا يوجد أناس معرضون أكثر من غيرهم لالتهاب الزائدة الدودية، ولكن صغار السن يتعرضون لذلك أكثر من غيرهم، خاصة من كانت أعمارهم بين 11-20 عامًا، وتحدث أقل من 10 % من الحالات عند الأطفال دون عمر خمس سنوات، وتحدث الإصابة بشكل أشيع خلال أشهر فصل الشتاء ما بين تشرين الأول وشهر نيسان.
ما أعراض الإصابة؟
تظهر علامات وأعراض الاصابة بالتهاب الزائدة على النحو التالي:
- ألم البطن، أهم الأعراض، بداية يكون في منتصف البطن وحول السرة، قد يزداد بشكل نوبات ومن ثم يخف قليلًا، وبعد مرور 4-6 ساعات ينتقل مكان الألم لأسفل البطن بالأيمن، حيث يصبح الألم متواصلًا ومحددًا، يسوء بالحركة والتنفس العميق والسعال والمشي، لذلك نجد المريض يستلقي دون حراك.
- الغثيان والإقياء، وغالبا ما يكون الإقياء لمرة واحدة فقط.
- فقدان الشهية.
- الإمساك، مع عدم القدرة على التخلّص من الغازات المتجمعة في البطن.
- قد يحدث الإسهال في 10% من الحالات.
- انتفاخ البطن، وهو عرَض متأخر.
- القشعريرة و ارتفاع درجة الحرارة .
- الإرهاق والتعب.
وقد تظهر أعراض مرتبطة بالمجاري البولية، كعسر البول أو ظهور الدم في البول، إذا ما اقتربت الزائدة الدودية الملتهبة من المجاري البولية أو المثانة.
ويجب التنبيه إلى أنه في الطفولة المبكرة تشيع التظاهرات اللانموذجية، خاصة في الحالة المعروفة بالتهاب الزائدة خلف الأعور، فالتهاب الزائدة خلف الأعور لا يحرض عادة الألم في الربع السفلي الأيمن حتى بعد الانثقاب، إنما قد تتظاهر الحالة بالألم حول السرة و الإسهال.
كيف يتم التشخيص؟
يعتمد تشخيص الإصابة بالتهاب الزائدة إضافة للأعراض على الفحص السريري، حيث يلاحظ وجود دفاع بطني (البطن قاس بدل أن يكون لين)، مع ألم عند الضغط برفق على المنطقة السفلية اليمنى من البطن (علامة مكبورني)، ويزداد هذا الألم بشكل شديد عند رفع اليد بسرعة (علامة الارتداد)، ولتأكيد التشخيص يتم اللجوء إلى المخبر والأشعة:
- فحص الدم المخبري، والذي يوضح ارتفاعًا في تعداد الكريات البيضاء.
- تحليل البول، لاستبعاد وجود التهاب في الجهاز البولي والذي يشابه في أعراضه أعراض التهاب الزائدة الدودية.
- صورة البطن الشعاعية البسيطة، يمكن أن تظهر وجود حصاة برازية.
- إيكو البطن، قد يظهر وجود الزائدة الملتهبة.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT)، هو الاختبار الأكثر دقة ونوعية، إذ تصل دقته التشخيصيّة إلى 97 %، ويتم إجراؤه للمرضى البالغين عادة إذا ما كانت الأعراض غير واضحة أو تقليدية.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، يُجرى للنساء الحوامل إذا ما كان تصوير الإيكو سلبياً ورغم ذلك تُلائم الأعراض التهاب الزائدة الدودية.
كيف تتم المعالجة؟
الجراحة هي العلاج الوحيد لالتهاب الزائدة الدودية، فقد أظهرت الدراسات أنه لا يوجد وقت لاستخدام المضادات الحيوية لعلاج الالتهاب، ولأن التشخيص المؤكد قد يكون صعبًا فإن الجراحة لا يتم تأجيلها حتى تتطور الأعراض إلى درجة تسمح بتأكيد التشخيص، إنما يتم الأخذ بالشك الطبي، ويجرى التداخل الجراحي إسعافيًا لاستئصال الزائدة بالطرق التقليدية أو بالجراحة التنظيرية.
وننوه أن حوالي 25-30% من الحالات التي تعالج بالجراحة تكشف أن لا وجود لالتهاب في الزائدة الدودية، وهذا رقم مقبول ولا يحاسب الطبيب المعالج عن هذا الأمر، إذ إن إجراء الجراحة بشكل سريع خير من التأخر الذي قد ينجم عنه انفجار الزائدة داخل تجويف البطن.
كما يُوصى ببدء العلاج بالمضادات الحيوية فور تشخيص الإصابة بالتهاب الزائدة الدودية الحاد تجنبًا للمضاعفات، وفي حال عدم الكشف عن إصابة الزائدة بالتنخر أو الانثقاب فلا يوصى بالمضادات الحيوية بعد إجراء العملية الجراحية، أما عند إصابة الزائدة الدودية بالتنخر فيستمر العلاج بالمضادات الحيوية لمدة 24-72 ساعة بعد العملية الجراحية، وعند انثقابها يستمر العلاج بين 7-10 أيام بعد العملية الجراحية.