كتاب الشعلة الزرقاء.. جبران خليل جبران
لا يُشبه كتاب الشعلة الزرقاء أي كتاب آخر لجبران خليل جبران، فهو يضم رسائل حبّه للكاتبة ميّ زيادة، وعددها سبعٌ وثلاثون رسالة فريدة في كلماتها، فرادة حبّ جبران وميّ، والذي دام قرابة عشرين عامًا دونما لقاء إلا في عالم الفكر والروح.
أُعجبت ميّ بمقالات جبران فراسلته بعد قراءتها رواية “الأجنحة المتكسّرة” عام 1912 تعرب عن إعجابها بقلمه، لتبدأ المراسلات بينهما وتستمر لعقدين متتاليين.
كان جبران مقيمًا في أمريكا، في حين كانت ميّ في مصر، يفصل بينهما “سبعة آلاف ميل”، حسب تعبير جبران، و”البحار المنبسطة” كما قالت ميّ.
سنقرأ في هذه الرسائل تطور العلاقة من التحفّظ إلى التودد، ومن الإعجاب إلى الصداقة الحميمة، ومنها إلى الحب عام 1919، ومن وراء لغة المراسلة الراقية والناضجة سنلمح تأرجح الصلة بين الحب والفتور، وبين التفاهم وعدمه، ما كان يدعوهما للقطيعة أحيانًا، والتصالح من جديد، وإلى هذا يُشير جبران في إحدى رسائله:
“لنتخاصم ما شئنا وشاء الخصام، فأنت من إهدن وأنا من بشرّي، ويبدو لي أن المسألة إرثية… أنت أقرب الناس إلى روحي، وأنتِ أقرب الناس إلى قلبي، ونحن لم نتخاصم قط بروحينا أو بقلبينا، لم نتخاصم بغير الفكر والفكر شيءٌ مكتسب”.
تكشف رسائل جبران لميّ جوانب خفيّة من شخصيته، إذ يشاركها ذكرياته وطفولته وأحلامه بعفويّة ودونما تكلّف، علاوة على النقاشات المضمّنة فيها كتعقيبه على “الأزمات” والمظاهرات، كما تقيّم ميّ، آراءه بفناني الغرب الكبار، والبطاقات الفنيّة المرفقة مع الرسائل، والرسوم التي كان يخطها بريشته على هوامش صفحات رسائله أو في نهايتها.
من الملاحظ أن جبران لم يخاطب ميّ بلغة العشاق المألوفة، بل كان بليغًا كما يليق به ككاتب، وكما يليق بحبّه لها وبتفرّد شخصيتها، فهي صلة الوصل بينه وبين وطنه، وهي المرأة الذكية التي أحبّ فيها، أكثر ما أحب، عقلها ومقالاتها وكتبها.
استمرّت المراسلات بين زيادة وجبران حتى وفاة الأخير عام 1931، وهو ما سبب معاناة شديدة لميّ زيادة أمضت نتيجتها فترة في مشفى للأمراض النفسية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :