ما هي فرص دخول "أبي الفداء" في ظل إغلاق النظام مداخلها؟
المعارضة على أبواب حماة ومعركتها تكتسب زخمًا غير مسبوق
عنب بلدي- خاص
على مسافة ستة كيلومترات فقط من مركز مدينة حماة، تتموضع آليات المعارضة السورية من الشمال، في تقدم يعتبر الأول من نوعه على حساب النظام وميليشياته الرديفة في المحافظة. جاء ذلك في أعقاب هجوم واسع ومباغت في الوقت ذاته، بدأ صبيحة الاثنين 29 آب، ومازال ساريًا حتى ساعة إعداد التقرير، السبت 3 أيلول.
خمسة أيام انقضت على بدء المعركة، وحققت المعارضة من خلالها تقدمًا لافتًا جعلها على أبواب حماة فعليًا، الأمر الذي بات يطرح تساؤلًا جديًا حول إمكانية دخول المدينة وطرد قوات الأسد منها، والفرص المتوفرة لذلك، ومصير نحو مليوني مقيم فيها.
ثلاث غرف عمليات.. ماذا حققت؟
وكانت فصائل “جيش العزة” و”جيش النصر” و”جيش الفاروق” و”حركة أبناء الشام” و”جند الأقصى” أطلقت الاثنين الفائت ثلاث غرف عمليات في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي، وهي “في سبيل الله نمضي”، “حمم الغضب نصرة لحلب”، و”غزوة الشيخ مروان حديد”، ليشارك لاحقًا فصيلا “فيلق الشام” و”أجناد الشام” في المعركة.
وفي جرد سريع لمكتسبات المعركة بعد خمسة أيام على إطلاقها، سيطرت الفصائل المشاركة على مدن حلفايا وطيبة الإمام وصوران، إلى جانب قرى وبلدات معردس وبطيش والزلاقيات وزلين والناصرية والبويضة والمصاصنة، عدا عن نحو 15 حاجزًا ومركزًا عسكريًا لقوات الأسد.
على المحور الشمالي، تقف فصائل المعارضة اليوم على تخوم بلدة قمحانة التي لا تبعد عن مدينة حماة سوى خمسة كيلومترات، بعدما تجاوزت عقدة بلدة معردس، والتي دخلتها للمرة الأولى منذ العام 2011.
كذلك وصلت الفصائل إلى مشارف رحبة خطاب على المحور الشمالي الغربي، بعدما نجحت بتأمين مدينتي طيبة الإمام وحلفايا من المحور الجنوبي، بسيطرتها على منطقة “الزوار” وتل الناصرية، لتصبح على بعد نحو عشرة كيلومترات عن حماة من مدخلها الغربي.
أما عن خسائر النظام السوري في العملية، فلا إحصائية واضحة حتى اليوم، إلا أن مصدرًا مقربًا من غرف العلميات أكد لعنب بلدي مقتل حوالي 150 ضابطًا وعنصرًا لقوات الأسد، معظمهم في قرية البويضة وحاجزها العسكري وبلدة معردس ومحيطها، إذ شهدت المنطقتان معارك هي الأعنف خلال الأيام الفائتة.
لكن النظام السوري اعترف بمقتل أرفع ضباطه في الريف الشمالي، وهو اللواء علي خلوف، قائد الفرقة “87 ميكا” التابعة للفرقة الحادية عشرة دبابات، والقائد السابق لمعسكر “وادي الضيف” في ريف إدلب الجنوبي، كذلك اعترفت صفحات موالية بمقتل عميد ومقدم جراء تدمير مروحية في سماء رحبة خطاب، بصاروخ مضاد للدروع من طراز “تاو” أطلقه مقاتلو “جيش العزة” يوم الجمعة، لكن أكبر الخسائر البشرية تمثلت بمقتل الجنرال الإيراني “داريوش درستي” إلى جانب مجموعة من جنوده على يد مقاتلي “الجيش الحر” في تل الناصرية شمال غرب حماة.
ما هي فرص دخول المدينة؟
تعتبر مسألة “تحرير حماة” إشكالية قديمة ومتجددة، إذ سعى أبناء المحافظة إلى التقدم باتجاهها مرارًا دون جدوى، آخرها في العام 2014، عندما سيطرت الفصائل على بلدة خطاب ورحبتها، وأصبحت أحياء حماة تُرى بالعين المجردة، وقبل أن تستعيد قوات الأسد معظم مكتسبات المعركة التي سميت آنذاك “معركة بدر الشام الكبرى”.
وبعيدًا عن تداخلات المشهد السياسي، والنية المسبقة للحفاظ على مدينة حماة هادئة، استباقًا لأي حل سياسي متوقع في المستقبل، فإن جملة عوائق جغرافية وعسكرية تقف أمام المعارضة، ويتحتم عليها إزالتها قبل الشروع بدخول المدينة الرابعة في سوريا من حيث عدد السكان.
وعلى المحورين الشمالي والشمالي الغربي، ثمة موقعين استراتيجيين إن تمكنت الفصائل من السيطرة عليهما فإن أبواب حماة ستشرّع فعلًا أمام مقاتليها، وهو أمر ليس باليسير بل قد يكون مستحيلًا إن لم يُعدّ له جيدًا.
فهناك على المحور الغربي لحماة، يمتد مطارها العسكري في بقعة جغرافية تطل على عدة أحياء غربية في المدينة والقرى المجاورة، ويعتبر القاعدة الجوية الأكبر للنظام في المنطقة الوسطى والشمالية على حد سواء، ويعد فعليًا خط الدفاع الأكثر نجاعة عن المدينة، امتدادًا إلى الريف الغربي حيث تتناثر القرى الموالية للأسد.
من جهة أخرى، فإن جبل زين العابدين المتاخم للمدينة من المحور الشمالي يقف عثرة أيضًا أمام تقدّم المعارضة باتجاه بلدة قمحانة ومن ثم حماة، ويضم الجبل عشرات الآليات الثقيلة ومنصات المدفعية وراجمات الصواريخ، إضافة إلى مخازن أسلحة وقذائف وصواريخ متنوعة، والمستودعات “601” محروقات، ويتطلب دخول حماة السيطرة عليه أولًا، رغم صعوبة القتال في المناطق الجبلية في ظل القصف الجوي المتواصل.
عدا عن ذلك، فإن المعارضة أحدثت ثغرة ضيقة في مناطق النظام لا يتجاوز عرضها عشرة كيلومترات، استولت من خلالها على عدة مدن وقرى فيها، إلا أن ضيق الجبهة يجعل استهداف مقاتلي المعارضة أمرًا سهلًا، وإمكانية استرجاع ما فقده الأسد في غضون أيام سيكون معقولًا كما حدث في العام 2014، فيما لو لم يتسع النسق إلى الشرق باتجاه قريتي كوكب ومعان، والغرب باتجاه كرناز والحماميات.
تبقى مراكز قوات الأسد في البوابتين الجنوبية والشرقية لحماة مرتاحة إلى درجة كبيرة، لانعدام وجود أي مواجهات بقربها، ما قد يؤثر سلبًا أمام حركة مقاتلي المعارضة في الشمال والشمال غربي، ولا سيما في ظل وجود نحو مليوني مواطن ونازح في المدينة المكتظّة بالسكان، ما قد يعرّضهم للخطر فيما لو اندلعت حروب شوارع فيها.
غادرت العمليات العسكرية مدينة حماة في أيار 2013، عقب سيطرة قوات الأسد على حي “طريق حلب”، وهو آخر معاقل المعارضة فيها، لتخضع منذ ذلك الوقت إلى سيطرة النظام والميليشيات الموالية، ما عزز فيها الأمان النسبي وجعلها قبلة للنازحين الفارين من المعارك والقصف المتنوع.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :