مراد عبد الله – عنب بلدي
يحل شهر أيلول الجاري ضيفًا ثقيلًا على المواطن السوري نتيجة تزامن قدوم عيد الأضحى المبارك مع افتتاح المدارس، إضافة إلى أنه شهر اعتاد فيه السوريون تخزين مؤونتهم إلى فصل الشتاء.
الشهر جاء حاملًا معه همومًا وأعباءً مالية كبيرة، أولّها مستلزمات عيد الأضحى، التي باتت رفاهية لكثير من الناس، وبعده بأيام قليلة يبدأ موسم الدراسة وحاجياته التي لا مفر منها.
موسم المدراس.. مصاريف لا بد منها
وبالرغم من أن التعليم الحكومي مازال مجانيًا في سوريا، إلا أن تجهيزات الطالب الواحد ستكون كارثية على أسرة لا يتعدى دخلها الشهري أكثر من 35 ألف ليرة سورية.
إيمان محمد، ربة منزل في ريف دمشق، تحتاج إلى أكثر من 50 ألف ليرة لتجهيز أولادها الأربعة، وتقتصر التجهيزات فقط على شراء الدفاتر والقرطاسية، دون شراء البدلات والحقائب المدرسية التي تحتاج مبالغ كبيرة، بحسب قولها.
وقالت إيمان لعنب بلدي، إن الأسعار ارتفعت بنسبة كبيرة هذا العام، فسعر الحقيبة التي كانت تباع العام الماضي وسطيًا بألفي ليرة سورية، يتراوح سعرها اليوم بين ثلاثة وستة آلاف، بحسب نوعها وحجمها، في حين لا يقل سعر البدلة المدرسية الواحدة عن ثمانية آلاف ليرة، الأمر الذي لا طاقة لها به.
راتب زوج إيمان الموظف لا يتعدى 35 آلف ليرة، لذلك لا تستطيع أن تشتري كل لوازم المدرسة في الوقت الراهن وستكتفي بالأقلام والدفاتر، أما الحقائب والبدلات المدرسية فيمكن استعمال بدلات السنوات السابقة وإصلاح العاطل منها، كما تقول.
الحل في شراء المستعمل والمقايضة
“حاجة لا بد منها ولا يمكن الاستغناء عنها، حتى لو اضطررت إلى اقتراض المال لشراء مستلزمات المدرسة”، بهذه الكلمات بدأ إياد علي، وهو أستاذ رياضة في بلدة معربا بريف دمشق، حديثه لعنب بلدي، موضحًا أن راتبه لا يتجاوز 30 ألف ليرة سورية، وهو بحاجة إلى ضعف راتبه إذا ما أراد تجهيز أولاده الخمسة للمدرسة.
علي أكد أن الحل الوحيد الذي اتبعه هو شراء المستعمل من البسطات التي انتشرت على الأرصفة والتي تكون أقل سعرًا من الجديد، مشيرًا إلى أن معظم العائلات التي تجمعها صلة قرابة اتبعت أسلوب المقايضة من بعضها، وخاصة البدلات المدرسية نتيجة ارتفاع سعرها إلى مستويات عالية.
جمعية المستهلك: كلفة الطالب 18 ألف ليرة
رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني، اعترف في حديث إلى صحيفة “الوطن” المقربة من النظام، في 31 آب الماضي، بارتفاع تكلفة تجهيزات الطالب الواحد في سوريا.
وأوضح دخاخني أن “طالب المرحلة الابتدائية بحاجة لتكاليف تجهيزات مدرسية تعادل 18 ألف ليرة سورية من بدلة وحقيبة وقرطاسية، بينما يحتاج طالب المرحلة الإعدادية والثانوية إلى 30 ألف ليرة لتأمين المتطلبات المدرسية”.
وأوضح رئيس الجمعية أن متوسط سعر الحقيبة المدرسية يقدر بثلاثة آلاف ليرة، والبدلة بين ثمانية آلاف و14 ألف ليرة، أما الأقلام فإن أرخص قلم ذي نوعية متوسطة يباع بـ 150 ليرة سورية.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، افتتحت الأسبوع الماضي، معرض القرطاسية واللوازم المدرسية في مجمع الأمويين الاستهلاكي في دمشق، بأسعار أقل من أسعار السوق من 40 إلى 60%، بحسب ما صرح به وزير التجارة عبد الله الغربي.
“ضربتين على الرأس بتوجع“
الموسم الدراسي تزامن مع قدوم عيد الأضحى الذي سيسبق الافتتاح بأسبوع، وبالرغم من أن مستلزمات العيد أصبحت من الرفاهيات لكثير من السوريين، إلا أن هناك طقوسًا معينة وحاجيات أساسية لا بد منها وإن قلّت في السنوات السابقة.
المدرس إياد علي وصف اجتماع المناسبتين بالكارثة المالية على العائلة، قائلًا “ضربتين على الرأس بتوجع”، فإضافة إلى تكلفة المدارس تأتي تجهيزات العيد ولوازمه، وبالرغم من انحسار الكثير من عادات الأعياد، إلا أن صناعة حلوى المنزل لابد منها، والتي تكلف أكثر من 15 ألف ليرة سورية، من أجل إدخال الفرح إلى نفوس الأطفال الذين لا ذنب لهم في هذه الحرب.
وأكد علي أن هذا الشهر سيكون صعبًا من الناحية المالية، فالموظف السوري الذي يبلغ متوسط راتبه 30 ألف ليرة، بحاجة إلى ثلاثة أضعافه لتأمين حاجيات المناسبات، خاصة وأن المناسبتين تزامنتا مع شهر المونة الذي يخزن فيه السوريون مؤونتهم إلى فصل الشتاء.
حكومة النظام.. “اعمل نفسك ميت“
حكومة النظام السوري ينطبق عليها القول المصري “اعمل نفسك ميت”، حسبما قاله علي، بسبب انفصالها عن الواقع تمامًا وعدم تقديمها أي مساعدة للمواطنين الذين أصبح 87% منهم تحت خط الفقر، سوى تصريحات لا تغني ولا تسمن عن جوع.
قبل الثورة السورية اعتاد السوريون على إشاعات بتقديم الحكومة منحًا مالية لشهر كامل، بسبب تخفيف الضغوطات المالية عن المواطن، كما حصل في 2010 عندما قدمت الحكومة منحة 50% لمرة واحدة. ويأمل السوريون أن تعيد أي من الأطراف المسيطرة والمتنازعة على إدارة سوريا أو المنظمات الإغاثية ذلك، وأن تعينهم على مواجهة شهر ربما سيكون الأصعب من بين أشهر السنة.