قرآن من أجل الثّورة 77
خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
مستبدّ يسكننا
الغريب في قصة طالوت أن الثوار هم الذين طالبوا بالقائد لكنّهم سموه «ملكًا» لأن فكرة العبودية كانت قد استحوذت عليهم إلى درجة لم يتصوروا قائدًا لا يملكهم. والغريب أيضًا أنهم سموا ثورتهم جهادًا في سبيل الله بحجة الدفاع عن أهلهم وديارهم، ومن ثم شككوا بالقائد المناسب للمنصب بالقوة المادية والفكرية لأنه {لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ} (سورة البقرة، 247) فقد تعوّدوا أن يحكمهم الأثرياء وأصحاب السلطة -قد تعتبر هذه السلطة اليوم عدد سنين السجن والتاريخ النضالي أو الطائفة … الخ- ومع أنهم دعوا إلى الجهاد في سبيل الله بحجة الدفاع عن أعراضهم وأرضهم إلا أنّ المستبد الذي يسكنهم جعل أكثرهم يشرب من نهر البلاء الذي هو أشبه بالشجرة التي أكل منها آدم فسقط عنهم لباس التقوى وبدت لهم وللعالمين عوراتهم. ويبقى الأمل في ثلّة تقول: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (سورة البقرة، 249) يدعون الله الثبات ويبحثون عن تصحيح أخطائهم والاستغفار.
تفاصيل البحث عن البقرة
التعامل مع القرآن على أنه عبارة عن خطوط عامة ومبادئ تربي الانسان، ووضع القصص والتفاصيل المطروحة كأمثلة لتوضيح الفكرة وإخراجها من هلامية التنظير إلى صلابة الواقع يخرج القرآن من حدود الزمن ويربي جيلاً تنتظره البشرية يزاوج بين الإتقان والأخلاق، أخلاقًا تتجاوز حدود الدول والقوميات. أما التعامل مع الأمثلة على أنها نهائية وأبدية فيضعنا في سجن التفاصيل، ويجعل ثمن الالتزام باهظًا جدًا، قد يكون على حساب قبول المجتمع لنا وقيادتنا له وتقدمنا به، وقد يحولنا إلى أناس أشبه برجال من التاريخ ركبوا آلة الزمن وسافروا إلى عصر لا ينتمون إليه، غربة الشذوذ والاستهجان لا غربة الالتزام والأخلاق، فالتفتوا إلى استنكار الذبح ولا تضيعوا في تفاصيل البحث عن البقرة!
رحمة للعالمين
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (سورة الأنبياء، 107) كلّ تطبيق لشرع الرسول يؤدي إلى ضيق الناس وشقائهم ليس من دين الله في شيء، مهما كانت المظاهر والطقوس رنانة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :