تعرف المونة بأنها ما يدخره المواطنون من قوت ومواد غذائية، ويسمى المكان الذي يتم حفظ المواد الغذائية بداخله بهدف التخزين “بيت المونة”.
والتموين في المنازل السورية ثقافة قديمة، تتعلق بأنواع من المأكولات المرتبطة بالتراث السوري، وتقوم على تخزين مواد غذائية موسمية بكميات كبيرة بهدف استخدامها خلال فترات أخرى من السنة.
ويشير خبراء ومحللون، إلى أنّ ثقافة المونة ارتبطت بفترات الحروب التي تعرضت لها البلاد عبر التاريخ، إذ اعتاد السكان على تخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية تحسبًا لحالات الحصار وصعوبة وصول الأغذية.
وتتميز البيوت الدمشقية القديمة بوجود غرف مخصصة لتخزين المونة، أما المنازل التي بنيت في عشرينيات القرن الماضي، فغالبًا ما تحتوي سقيفة واسعة ملحقة بالمطبخ كمكان لحفظ الأغذية.
وتأخذ المونة أكثر من شكل في سوريا، الأول هو حفظ المواد الأولية كالرز والبقوليات والحبوب والسكر والزيت والسمن، لاستخدامها على مدار السنة، لأهداف اقتصادية وكنوع من الأمن الغذائي على مستوى العائلة الواحدة، كما ترتبط بكثرة عدد أفراد العائلة في المنزل الواحد، ما يتطلب توفيرًا دائمًا لهذه المواد.
الشكل الآخر يتعلّق بتموين الخضراوات، كالبازلاء والباذنجان والبامية والجزر والفستق والملوخية وغيرها، بهدف استخدامها في الطبخ، ونتيجة زراعتها في مواسم محددة، وتتم إما بالحفظ عن طريق التبريد، أو بوسائل أخرى كالتجفيف.
ويموّن السوريون أيضًا أصنافًا من المأكولات عبر إعدادها بكميات كبيرة في مواسم موادها الأولية، وحفظها، مثل صناعة المربيات التي غالبًا ما تكون في فصل الصيف، لاعتمادها على أنواع من الفاكهة الصيفية، فضلًا عن المخللات وأنواع الزيتون، والمكدوس.
وبالحديث عن التموين كنظام على مستوى الدولة، فيعني الأمر كل ما يتعلق بتخزين المواد الغذائية المخصصة للتجارة، ويرتبط بشروط معينة وآليات تخضع للرقابة الحكومية.
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حاليًا، كانت تسمى لمدة طويلة في سوريا وزارة التموين، وهي المسؤولة عن كل ما يتعلق بتجارة المواد الغذائية وتخزينها ومواصفاتها، وتحديد ضوابط البيع ومراقبته.
وتمّ إحداث وزارة التموين في سوريا بالقانون رقم 122 لعام 1960، وتشمل مهامها وضع الخطط ورسم الاستراتيجيات لتأمين حاجـة الدولة من المواد الأساسية وتحديد المخزون الاستراتيجي وإدارته، فضلًا عن تنفـيذ سياسة الدولة في شؤون الأسعار وتنظيم وتعزيـز قوى السوق وبيئة المنافسة ومكافحة الاحتكار وغيرها من الممارسات التجارية الضارة.
وتقوم رؤيتها على تحقيق الأمن الغذائي مع القضاء على أشكال الاحتكار وتلبية احتياجات السوق المحلية من المنتجات المختلفة سواء المحلية أو المستوردة، وتسعير المواد الأساسية الغذائية وغير الغذائية وفق آلية السوق المتبعة، إلى جانب متابعة ورقابة المواد المطروحة بالأسواق من ناحية الجودة والسعر.
التموين في سوريا، تراجع بشكل كبير خلال أعوام الثورة السورية، لارتباطه بشكل مباشر بالوضع الاقتصادي، وتأثره بتراجع الإنتاج الزراعي، وضعف الاستيراد والتصدير وحركة التجارة.
وتؤشّر معدلات التموين للعائلة السورية، على المستوى الاقتصادي الفردي، الذي تدهور بشكل كبير ليصل بـ 80% من السوريين إلى خط الفقر، وفق دراسة أعدتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة “الأسكوا”، ونشرتها في أيلول الماضي.