عام في غياهب السجن..
جريدة عنب بلدي – العدد الثالث عشر – الأحد – 29/4/2012
مذ خرج شباب داريا الأحرار في مظاهراتهم السلمية، وقد أدركوا أن السجن سيكون مثوىً لهم، ومع ذلك استمروا في مطالبهم، فالسجن أحب إليهم مما يدعوننا إليه النظام من استمراء الظلم والقتل والتشريد وكذا التهجير، فكان يظن أنه إن اعتقل شبابنا الأحرار وأوصد الأبواب عليهم، فإنه بذلك يدفن حريتنا في عتمة الظلمات، ولكن جهل الطاغية قد أغشى على بصره وبصيرته، فلم ير نور الحرية الذي بات يضيء مساءات داريا التي تنتظر أبناءها الأحرار.
مر عام كامل على بعض معتقلي داريا الأحرار وهم في غياهب السجن، ينتظرون ضوء الشمس ليستمدوا منه الطاقة، فيكملوا مشوار الحرية، ويحلمون بأنهار وطنهم السليبب ليلهمهم المضي قدمًا لتحقيق هدفهم، بعد أن استقوا حكمة وحرية من نبع الحياة، وكذا كل واحد يرسم في مخيلته أجمل الصور لزوجته أو لحورية أحلامه، ينتظر عتمة الليل ليهمس في أذنها كلمات عن الحب، ليقبّلها ألف قبلة وقبلة قبل أن يناما، وهما يرددان كلمات يتضرعن بها إلى الله أن يبث الحياة في روحيهما من جديد ليريا نور الحقيقة، وليساهما في البحث عن الحق، والدفاع عن المظلومين في الأرض، وصورة أمه لا تفارق مخيلته، يتخيل نفسه جاثيًا أمام قدمي أمه يقبلهما ويتوسل إليها أن تسامحه على دموعها التي ذرفتها حزنًا على فراقه، وضحكات أولاده تملأ ذاكرته كما كانت تملأ أركان الدار، وكذا جلساته مع رفاقه وإخوته وحوارهم عن الحرية وسوريا المستقبل، عن نصرة المظلوم ومساعدة المحتاجين من أبناء أمهم، عن تحرر المدن المنكوبة وفك الحصار عن أخرى قيدها المستبد بسلاسله الحديدية، فقتل من قتل من أبنائها، وشرد من نجا من آلة القتل.
مر عام كامل على بعض معتقلي داريا الأحرار، ولم يروا من الثورة إلا خيوطها الأولى، وقد حالت القضبان الحديدية بينهم وبين مصابيح الحرية أن يغمسوا فتيلها في زيت الحق لتنير درب السوريين جميعًا.
عام كامل مر على اعتقال أحرارنا، ولسان حالنا لم يتوقف عن الدعاء لهم، فقد استودعناهم أمانة عند الذي لا تضيع عنده الودائع، فأكرمهم اللهم بمدد من عندك، وألهمنا الصبر على فراقهم، فشوقنا لهم قد بلغ المدى، وقد حار في الأفق لا يدري أيعانق غيوم السما فتتحد دموعنا مع قطيرات المطر لنطلب منها أن تنهمر فتغسل قلوبنا الملتاعة، أم نحبس تلك الدموع فنتركها للحظات استقبالهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :