على وقع الخسائر التي يمنى بها تنظيم “الدولة” في سوريا والعراق يوميًا، بفعل تشديد ضربات التحالف الدولي من الجو، وزحف المعارضة السورية من تركيا مدعومة بغطاء جوي وناري على الأرض، يحاول التنظيم التأقلم مع مستجدات الأوضاع على الأرض ويحاول التخفيف عن مقاتليه وقياداته باتباع تكتيكات جديدة تتماشى مع ضرورات المرحلة الراهنة.
يصرح أبرز قادة البنتاغون العسكريين وقادة التحالف العربي والدولي ضد “داعش” أن العام الحالي سيكون مفصليًا من حيث استمرار سيطرة التنظيم على أراضي في سوريا والعراق، واتخاذه من مدن كبيرة كالرقة والموصل حواضن شعبية وحصون منيعة تطيل عمره وتمنع انهيار دولته، ويؤكد هؤلاء أن تدهور التنظيم وانتهائه ما هو إلا مسألة وقت، بعد أن كثف التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضرباته على مناطق سيطرته.
منذ بداية العام الحالي خسر تنظيم “الدولة” حوالي 40% من مساحة الأراضي التي يسيطر عليها في العراق، وحوالي 22% من مساحة الأراضي التي يحكمها في سوريا، ويبدو أن وضع التنظيم آخذ في التدهور.
وما يثبت ذلك أن ما كينته الإعلامية بدأت تدور، لتحرض “المجاهدين” على القتال، وعلى “الصبر” في وجه قوات التحالف التي تستهدف “دولة الخلافة”، فقد أصدر التنظيم، الاثنين 29 آب شريطًا مسجلًا نشره عبر موقع “يوتيوب”، بعنوان “وليبلي المؤمنون منه بلاء حسنًا”، يتحدث فيه عدد من الأشخاص عن حال “دولة الخلافة” وتعدد “الأحزاب” التي تواجهها، مشبهين الوضع الراهن بما مر به الرسول (صلى الله عليه وسلم) عشية غزوة الخندق.
واعتبر أحد المتحدثين في الشريط أن هذا “ابتلاء الله للمؤمنين”، مؤكدًا أن “للباطل صولة وجولة، وللحق غلبة ودولة”، في إشارة إلى أن الصولة الأخيرة كانت لمصلحة خصوم التنظيم في سوريا والعراق.
وتضمن شريط الفيديو العديد من الآيات، والأحاديث، وأقوال السلف وأهل العلم التي تحث على “الصبر على الابتلاء”.
تكتيكات جديدة
يسعى التنظيم خلال هذه الفترة إلى التأقلم مع الوضع الجديد، وعلى وقع ضربات التحالف يسعى، وفق آراء خبراء، إلى اتباع “تكتيكات” جديدة تتركز على التفجيرات الانتحارية والمفخخات والعبوات الناسفة، لتشتيت تركيز أعدائه على الجبهات، ويحاول استغلال الفوضى في بلدان عديدة مثل اليمن لإيجاد موطئ قدم فيها يعوض بها الانحسارات والهزائم التي مني بها في سوريا والعراق وليبيا.
اليوم 29 آب، نفذ عناصر تابعون للتنظيم تفجيرات عديدة عبر أحزمة ناسفة ومفخخات في العراق واليمن، وقبل يومين شن التنظيم هجمات مماثلة في أفغانستان، وفق ما أعلنت وكالة “أعماق” التابعة للتنظيم، وهو ما يؤكد ما ذهب إليه الخبراء العسكريون على أن “تفخيخ وتفجير الأجساد” سيكون على أجندة عمليات التنظيم لتغطية عجزه وإرباك خصومه.
اليمن.. قتل 60 عنصرًا من الشرطة
أعلن تنظيم “الدولة”، اليوم الاثنين 29 آب، مسؤوليته عن التفجير الانتحاري الذي استهدف مجمعًا لمتطوعين للالتحاق بالجيش الوطني في عدن والذي أسفر عن سقوط حوالي 60 قتيلًا ومثلهم من المصابين.
وتخضع عدن لسيطرة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعوم من التحالف العربي والأمم المتحدة.
وقالت منظمة “أطباء بلا جدود” إن ما لا يقل عن 45 شخصًا في عدن جنوب اليمن بعد هجوم على مبنى يستخدمه مقاتلون محليون.
العراق.. هجمات دامية تقتل 18 عراقيًا في حفل زفاف
قتل نحو 18 شخصًا بمدينة عين تمر في محافظة كربلاء جنوب بغداد، بعد تنفيذ تنظيم “الدولة” هجمات انتحارية، اليوم الاثنين 29 آب.
كما شن خمسة انتحاريين في ساعة متأخرة من الليلة الماضية، هجمات على حفل زفاف في حي الحسين بقضاء عين تمر غرب كربلاء.
وقال عضو مجلس محافظة كربلاء، محفوظ التميمي، إن الانتحاريين هاجموا عين تمر بالمحافظة، موضحًا أن اثنين منهم فجرا نفسيهما فيما قتلت القوات الأمنية باقي الانتحاريين.
ويضم مركز محافظة، كربلاء، مزارات دينية شيعية عدة، يتوافد عليها الزوار من مختلف العراق والعالم خلال المناسبات الدينية.
وتبنى التنظيم الهجمات، وقالت وكالة أعماق في بيان “سقوط عشرات القتلى والجرحى بهجوم انغماسي نفذه أربعة مقاتلين من الدولة الإسلامية، على تجمع للشيعة في منطقة عين تمر جنوب غربي كربلاء”.
أفغانستان.. هجمات تستهدف الشيعة
قبل يومين، وتحديدًا السبت 27 آب الجاري، تبنى تنظيم “الدولة” هجومين في مدينة كابول، سقط إثرهما 87 شخصًا من الشيعة “الهزارة” في منطقة دهمزنك، وفجر أحدهما حزامه الناسف مباشرة، بينما رمى الآخر قنابل يدوية قبل أن يفجر حزامه الناسف.
تونس.. مقتل ثلاثة جنود في انفجار لغم
قتل ثلاثة جنود تونسيين وأصيب سبعة آخرين، الاثنين 29 آب، بسبب انفجار لغم أرضي بمركبتهم العسكرية في جبل سمامة بولاية القصرين.
وأعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع الوطني، العقيد بلحسن الوسلاتي، أن دورية عسكرية في جبل سمامة، تعرّضت لانفجار لغم، ما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود وجرح آخرين وفق حصيلة أولية.
ولم يتبنَ تنظيم “الدولة” هذا التفجير بعد، لكن تفجيرات سابقة وهجمات شهدتها المنطقة أعلن التنظيم مسؤوليته عنها.
وفي شهر آذار الماضي، هاجم مسلحون من التنظيم مقر شركة تدير الطريق السريعة شمال مدينة بنقردان التونسية القريبة من الحدود الليبية، وقال رئيس الوزراء التونسي، الحبيب الصيد، إن المسلحين المتطرفين حاولوا عبر هجومهم إقامة إمارة لتنظيم “داعش” في تونس.
وربما لا تهدف هذه العمليات للوصول إلى سيطرة ميدانية على الأرض، تكون بديلةً عن الانحسار في سوريا والعراق، لكنها تدفع دول التحالف وخصوم التنظيم إلى العمل للحفاظ على الأمن في بلادهم، الأمر الذي يرهقهم اقتصاديًا ويعقّد حساباتهم.