د. أكرم خولاني
يلاحظ الأهل في بعض الأحيان أن حركة إحدى ذراعي طفلهم المولود حديثًا قليلة أو ضعيفة مقارنة بالذراع الأخرى، وعادة ما يكون سبب ذلك إصابة الضفيرة العصبية العضدية بالشلل، أو ما يسمى بالشلل الولادي، أو شلل إرب Erb`s palsy، ولحسن الحظ، يحصل الشفاء التلقائي عند معظم الأطفال الذين يعانون من هذه الحالة، ولكن يبقى عند بعضهم ضعف يختلف من طفل إلى آخر في حركة الذراع.
ما هي الضفيرة العضدية؟
هي شبكة من الأعصاب تتكون في كل جهة من خمس جذور عصبية تخرج من النخاع الشوكي في الرقبة، وهذه الجذور تتحد فيما بينها وتمر إلى منطقة الإبط ثم تتفرع مكونة في النهاية الأعصاب الرئيسية المسؤولة عن الحس والحركة في الكتف والعضد والمرفق والساعد واليد.
ما المقصود بشلل الضفيرة العضدية الولادي؟
هو أذى يصيب الضفيرة العضدية خلال الولادة يؤدي إلى الضعف الحركي في عضلات الكتف والذراع واليد، ويمكن القول إن طفلًا أو طفلين من كل ألف طفل يتعرضون إلى إصابة الضفيرة العضدية.
ومع أن معظم الإصابات عادة تكون طفيفة، وقد لا يلاحظ الوالدان أي أعراض، وعادة ما يكتشف طبيب الأطفال وجود مثل تلك الحالات عند الكشف على المولود، إلا أن الأعراض بشكل عام تختلف حسب نوع الشلل في جذور الضفيرة العصبية:
- شلل الجذور العلوية: يكون الكتف هابطًا، والذراع في حالة دوران للداخل والساعد ملفوف للأسفل وراحة اليد متجه للخلف، وهو ما يسمى ” يد النادل بانتظار البقشيش” .
- الشلل الكامل للجذور: تكون الذراع بأكملها متدلية وأصابع اليد منقبضة، مع عدم الاستجابة لأي رد فعل، ويكون هناك ضعف حركي وتدلّ بشكل كبير.
كما يمكن أن يتأذى العصب الحجابي الذي يسيطر على الحجاب الحاجز الذي يتحرك عند التنفس، ويسبب الضعف الحركي في الحجاب الحاجز صعوبة في التنفس وحركة لا متماثلة في جانبي الصدر عند التنفس إضافة إلى كثرة التعرض لأمراض الرئة المعدية.
ما أسباب الإصابة عند حديثي الولادة؟
- أسباب خلقية بسبب عدم تكوّن كامل أعصاب الرقبة، وهذا نادر جدًا.
- إصابة للنخاع الشوكي أثناء الولادة، والتي قد تتسبب بنقص تروية للنخاع الشوكي، أو إصابة جذر العصب.
- الضغط على أعصاب الرقبة داخل الرحم نتيجة قلة السائل حول الجنين.
- أسباب ثانوية مثل تمزق محفظة مفصل الكتف أو انفصال مركز نمو عظم العضد.
- الولادة المساعدة، وهذه أكثر الأسباب حدوثًا:
في حالة نزول الطفل بالرأس عند الولادة: في حالة ولادة طفل كبير الحجم (أكثر من 4 كيلو غرام)، أو عندما تكون قناة الولادة ضيقة، عادة يسبب ذلك عسر في الولادة، بحيث يصعب نزول الكتف وانحباسه، في هذه الحالة قد يلجأ الطبيب إلى استخدام الملقط أو الشد المفرط والانحناء الجانبي للرقبة، كل هذه العوامل تسبب شد ومط في الضفيرة العصبية في الرقبة أثناء سحب الجنين، بحيث يحدث تمزق في الأعصاب التي تغذي الطرف العلوي.
في حالة نزول الطفل عند الولادة بالمقعدة: عادة المواليد يكونون صغار الوزن عند الولادة، والإصابة تحدث في حالة استخراج الرأس والجزء الأخير الذي قد يسبب استطالة النخاع الشوكي داخل قناة النخاع الثابتة، ما يسبب تمزقًا في الأعصاب التي تغذي الطرف العلوي.
كيف يتم تشخيص الإصابة؟
يعتبر الفحص الجسدي الذي يقوم به الطبيب الخبير هو الطريقة الأمثل للتشخيص، والذي يظهر ضعف وقلة الحركة في إحدى اليدين، وقد تكون الإصابة أحيانًا في كلتا اليدين.
ويجب الانتباه إلى أن كسر عظم الترقوة يمكن أن يشبه إصابة عصبية في الضفيرة العضدية (لكن في هذه الحالات وبعد اندماج الكسر، تعود وظيفة اليد إلى طبيعتها)، ولذلك من المهم تدوين عدم وجود كسر في الترقوة والكتف وأعلى الذراع وذلك من خلال إجراء الأشعة السينية، علما أنه قد يحدث خلع الكتف في أي وقت، وذلك لعدم وجود حماية عضلية للكتف.
كيف يتم العلاج؟
تعتبر المعالجة الفيزيائية الفورية مهمة جدا لمنع تيبس وضمور العضلات غير الفعالة مستقبلًا، ولتسريع شفاء الأعصاب، ويقوم بها المعالج الفيزيائي أو ينفذها الأهل، بعد أن يتعلموا كيفية تطبيق التمارين، على يد الطبيب أو المعالج الفيزيائي.
ثم يتم إجراء تقييم للحالة في الأسبوع الثالث، وإذا تبين أن الحالة:
1- شلل في الجذور العصبية العلوية فقط: يجب إجراء العلاج الطبيعي المناسب، وليس هناك حاجة لأي جهاز، والشفاء التلقائي قد يحدث خلال ثلاثة أشهر، ويصل إلى 93٪ من الحالات بحلول عمر أربعة أشهر.
2- الشلل التام في كافة الجذور العصبية: في هذه الحالات يكون هناك قطع وإصابة كاملة للأعصاب، وهذه الحالات بحاجة إلى تدخل جراحي، لأنها لا تشفى لوحدها، ففي نهاية الشهر الثالث يتم اتخاذ القرار النهائي بإجراء العملية أو عدم إجرائها، وينصح بعملها في عمر ما بين 5-12 شهرًا، وتصبح أقل فائدة لعمر أكبر من سنة، وينصح في بعض الحالات بإجراء الجراحة في سن المدرسة لتصحيح تشوه أو إعاقة دائمة نتيجة إصابة الضفيرة العضدية.
كيف نتابع طفل يعاني من الضفيرة العضدية عند الولادة؟
- إذا كان هناك إصابة في الجذور العلوية تتم المتابعة وفق ما يلي:
راحة تامة للطرف العلوي.
تقييم حالة الطفل بعد يومين، وبعد أسبوع، وبعد ثلاثة أسابيع، ثم يتم البدء بالعلاج الفيزيائي.
في الشهر الأول: إذا حصل شفاء تلقائي يجب تكملة العلاج الفيزيائي لعمر 6-8 أشهر، أما إذا لم يتم الشفاء التلقائي فيجب إجراء صورة للكتف.
في الشهر الثاني: إذا حصل شفاء تلقائي يجب تكملة العلاج الفيزيائي كما ذكرنا، وإن لم يتم الشفاء التلقائي فيجب إجراء تخطيط للعضلات والأعصاب لمتابعة التحسن الوظيفي لها.
في الشهر الثالث: إذا حصل شفاء يجب تكملة العلاج الفيزيائي لغاية 6-8 أشهر، ويجب ملاحظة أن الشفاء تتم معرفته بوظيفة المرفق، أي أن الطفل قادر على ثني المرفق، وإذا تبين أنه لا يوجد شفاء تلقائي يجب إجراء تخطيط للأعصاب والعضلات مع إجراء صور رنين مغناطيسي، ومن ثم وضع الخطط لإجراء العملية الجراحية ما بين عمر 4-5 أشهر.
- إذا كان هناك إصابة في كل الجذور:
في هذه الحالة يجب إجراء عملية جراحية في الشهر الثاني أو الثالث.