مالك العبد المجيد – بلجيكا
داخل بناء من أربعة طوابق تعمل منظمة “طاولات السلام” في مدينة أنتويربن، على توفير الخدمات للاجئين، على اعتبار أن المدينة تضم التجمع الأكبر منهم في عموم بلجيكا.
“طاولات السلام”، منظمة سورية في بلجيكا ظهرت أوائل العام 2015، وترعى “فعاليات الحوار، تعليم اللغة، مدرسة المدينة”،
يدير المنظمة السوري عمر نحّاس، الذي يقود نشاطات تعليم اللغة، ويساعده عبد الرحمن مواس، في منصب معاون المدير، بينما يمثل مروان النبهان، فريق المتطوعين السوريين، وهو منسق عام لطاولات السلام، ويمثل حسن سباط فعالية “الحوار”، إضافة إلى أسماء المواس مديرة لـ”مدرسة المدينة”، وجميعهم سوريون. |
وخدمات يقدمها فريق “المتطوعون السوريون”، الذي تأسس حزيران الماضي.
طاولات..
بدأت “الطاولات” في 2011 بعمل مسرحي تزامن مع بداية الثورة في سوريا للتعريف بما يحدث فيها، وفق عمر نحّاس، الحامل للجنسية البلجيكية والمقيم في أوروبا منذ عام 1989.
مع بداية عام 2015 وارتفاع عدد اللاجئين، أجرت المنظمة تقييمًا لاحتياجات الوافدين الجدد، بحسب نحّاس، وقال إنه تواصل مع منظمات بلجيكية، أمّنت بعض المستلزمات وقدمت خدمات لإقامة أنشطة مختلفة، كتحضير الطعام السوري والبلجيكي، وتنظيم الاحتفالات باسم اللاجئين السوريين، من أبرزها “هيومانيزم” و”تويرك هويس”.
ويستفيد من فعاليات المنظمة 150 لاجئًا سوريًا، وفق مديرها، إلى جانب عشرة لاجئين من جنسيات أخرى، ومثلهم يحملون الجنسية البلجيكية.
جميع من يعمل في المنظمة متطوعون، ورغم أن “طاولات السلام” لا تتلقى دعمًا، وفق القائمين عليها، إلا أن بلدية أنتويربن تدعمها في بعض الأنشطة بنسبة تصل إلى 60% من كلفتها، إضافة لتبرعات يقدمها بلجيكيون أثناء حضورهم الأنشطة التي ترعاها المنظمة.
حوار..
ولدت مبادرة “بيت التسامح” مع بداية مشكلة تواصل اللاجئين والمجتمع البلجيكي، لـ”تقديم صورة إيجابية عن اللاجئ السوري كون أنه كان حدثًا طارئًا وجديدًا، وفق نحّاس.
ويقول عضو “طاولات السلام”، حسن سباط، إن “بيت التسامح” ظهر في المناسبات الدينية والثقافية لكل من المسلمين والمسيحيين، مستفيدًا من المناسبات لخلق جو من التواصل، إلا أنه تحول لمشروع “الحوار”، الذي أضيف عليه تطبيق عملي مثل تدريبات التحدث بالهولندية، إضافة إلى ما يتعلمه اللاجئ في المدارس.
ويرى اللاجئ السوري سامر، أحد المستفيدين من المشروع، أنه ضروري لتنمية مهارات التحدث باللغة الهولندية وتكوين علاقات مع بلجيكيين يعيشون بالقرب منه.
تعليم اللغة
نحّاس يدير أنشطة تعليم اللغة الهولندية للاجئين السوريين حديثي الوصول، موضحًا أنه ليس هناك منهج محدد، وإنما ما يقدمه من معلومات تأتي رديفة لما يتلقاه اللاجئ داخل المدارس الحكومية.
ويستند مدير المنظمة إلى طرائق تدريس اللغة ومرجع “تعليم الإنسان المضطهد” للمفكر البرازيلي باولو فريري، الذي يشرح تنمية المهارات الشفوية والكتابية في تعلم اللغة، ويبسط المعلومة لتصبح في متناول الجميع، وفق نحّاس.
فعالية تعليم اللغة لاقت إقبالًا واسعًا من اللاجئين، وخصوصًا السوريين، وفق اللاجئ السوري عمر، الذي يرى نفسه يتقدم في المهارات اللغوية، عازيًا السبب “لأن الشرح باللغة العربية وعبر وسائل شرح متطورة”.
وهناك نشاط تكاملي لتعليم اللغة، يشرف عليه السوري جود البارودي، تحت اسم “مفاتيح اللغة”، ويُدرّب على كيفية نطق اللغة، إضافة إلى استخدام كلمات باللغة الهولندية أكثر تخصصًا في مجال الدراسة وسوق العمل، حسب حاجة كل شخص، ويقدم النشاط خدماته لـ 30 شخصًا، وفق ما تحدث القائم عليه لعنب بلدي.
مدرسة المدينة
يهدف مشروع “مدرسة المدينة” إلى ترسيخ وتمكين اللغة العربية لدى أبناء اللاجئين بغية الحفاظ عليها وتجنب نسيانها، ضمن مجتمع يتحدث الهولندية ويدرسها في المدارس، كما تقول السورية أسماء المواس، التي تدير المدرسة.
وتقدم المدرسة مناهج مستوحاة من الكتب المطروحة في الدول العربية، بحسب المواس، إذ تدرّس مبادئ اللغة العربية والرياضيات والتربية الدينية بشقيها الإسلامي والمسيحي، إضافة إلى حصص في الرسم والفنون، ويستفيد من المدرسة 30 طالبًا من أبناء اللاجئين، وتتراوح أعمارهم بين 4 إلى 16 عامًا، ومعظمهم سوريون.
توفيق، والد أحد الأطفال المستفيدين من خدمات المدرسة، عبّر عن رضاه على اعتبار أن ولده (6 سنوات) “لم تنم لديه مهارات اللغة العربية”، مشيرًا في حديثه إلى عنب بلدي أنه “حريص على إكسابه مفاهيم أولية في التربية الدينية كونه يدرس في مدارس هولندية، إضافة إلى مفاهيم وأسس الرياضيات”.
المتطوعون السوريون
يقدم فريق المتطوعين خدماته بسبع لغات (العربية، الفرنسية، الإنكليزية، الهولندية، التركية، الكردية، والأمازيغية المغربية)، بينما يتحدث كل متطوع على الأقل لغتين بمستوىً “لا يقل عن جيد”، وفق أحد أعضائه، السوري يوسف قويقة.
ويسعى الفريق، كما يقول قويقة، إلى “إعطاء صورة مشرقة عن اللاجئ السوري، لعلها تكون نواة لتشكيل جالية سورية فاعلة ومترابطة، تحتل المرتبة الأولى بين جاليات العالم في بلجيكا”.
ليست بلجيكا الدولة الأوروبية الوحيدة التي شهدت إقبالًا من اللاجئين السوريين، وبينما لم يكن من السهل عليهم تدبير أمورهم، برزت محاولات فردية مختلفة، وصفها الكثيرون بـ”الخجولة”، في حين نشأت منظمات حاولت رأب الصدع الذي يعيشونه ضمن مجتمع جديد مختلف في قوانينه وعاداته وتقاليده، ساعية إلى تشكيل جسم يكون نواة لـ”لوبي” سوري ضاغط على القرار السياسي لصالح اللاجئ في أوروبا.