يعرف ترشيد الإنفاق اصطلاحيًا بـ”الرشد الاقتصادي”، وهو حسن تصرف الحكومة في إنفاق الأموال، ويتضمن ضبط النفقات، وإحكام الرقابة عليها، والوصول بالتبذير والإسراف إلى الحد الأدنى، وتلافي النفقات غير الضرورية، وزيادة الكفاية الإنتاجية لقطاعات الاقتصاد والحكومة المحلية، ومحاولة الاستفادة القصوى من الموارد الاقتصادية والبشرية المتوفرة للدولة.
وتعد مكافحة الفساد والحد من الهدر من أهم العوامل التي يسعى القائمون على ضبط النفقات إلى تحقيقها من أجل تحقيق كفاءة أعلى.
ويتوقف نجاح عملية ترشيد الإنفاق على عدد من العوامل، منها تحديد أهداف واضحة ودقيقة للبرامج الحكومية، سواء كانت أهدافًا طويلة أم متوسطة الأجل، وتحديد الأولويات في ظل محدودية الموارد، فيتعين تحديد المشاريع والبرامج وفق سلم للأولويات حسب درجة إشباعها لحاجات الأفراد الأكثر إلحاحًا.
وتسعى الحكومات بشكل عام إلى قياس برامج الإنفاق العام، بمعنى تقييم مدى كفاءة وفعالية أداء الوحدات والأجهزة الحكومية عند قيامها بتنفيذ البرامج والمشاريع الموكلة إليها.
حكومة النظام السوري، عمدت منذ تصاعد النزاع في سوريا إلى اتباع سياسية ترشيد الإنفاق الحكومي وضبط الإنفاق وتخفيضه، إذ أمر رئيس الوزراء السابق، وائل الحلقي، في 2012 بترشيد استخدامات الطاقة الكهربائية والمياه والاتصالات الهاتفية، واختصار تداول الورقيات وضبط آلية المِنح والمكافآت لدى الوزارات والجهات العامة.
وطلب الحلقي بإعادة النظر بوضع السيارات المخصصة من حيث العدد وكميات الوقود والصيانة وآليات الخدمة، بما يخفف من نفقات صيانتها ووقودها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين محطات وقود مؤتمتة تعمل ببطاقات ذكية، للحد من مظاهر الخلل وسوء الاستعمال والهدر في وقود الآليات الحكومية.
الحكومة الجديدة، برئاسة عماد خميس، تابعت السياسة نفسها، فعملت على دمج الوزارات والمؤسسات وإغلاق وسائل إعلام شكلت أذرعًا للنظام السوري خلال الثورة، إضافة إلى عزمه بيع سيارات الوزارات الحكومية إلى الموظفين في المزادات العلنية.
ويرى محللون اقتصاديون أن ترشيد النفقات العامة لا يتحقق بمجرد رفع الشعارات، أو بمحض الصدفة، وإنما هو سلوك واع مدروس، مبني على مبادئ وقواعد مضبوطة يسخّر أفضل الآليات والتقنيات التي أفرزتها التجارب الإنسانية، وهذا ما لم تظهره حكومة النظام حتى الآن.