"حزب الله" يستولي على "هريرة" وأنظاره نحو وادي بردى

حِزام العاصمة العسكري بيد الأسد.. وملكية القلمون تنتقل إلى “الحزب”

tag icon ع ع ع

عبادة كوجان – عنب بلدي

بسط “حزب الله” اللبناني وقوات الأسد سيطرتهما على قرية “هريرة” في ريف دمشق الشمالي الغربي، الجمعة 22 تموز، في هجوم مفاجئ استمر ثلاثة أيام، أعقبه انسحاب عناصر “جبهة النصرة” وحركة “أحرار الشام الإسلامية” من القرية، لتتركز المعارك منذ ذلك الحين في الجرود المجاورة، والجبل الشرقي لمدينة الزبداني.

سياسة الأسد وحلفائه في إدارة المعارك، كانت حاضرة في هريرة، من خلال تكثيف القصف البري والجوي التمهيدي عليها، كغطاء

بات “حزب الله” المتحكم الرئيسي بالشريط القلموني الغربي، ابتداءً من مدينة القصير في ريف حمص الغربي، وحتى وادي بردى، فتخضع له عمليًا كل من المدن والبلدات التالية: القصير، قارة، يبرود، فليطة، رأس المعرة، عسال الورد، سرغايا، وصولًا إلى مشارف وادي بردى.فيما لا تزال جيوب مقاومة تبديها فصائل المعارضة في الزبداني المحاصرة، والتي يتبع فيها “الحزب” سياسة الأرض المحروقة، إلى جانب فرضه حصارًا كاملًا على مضايا وبقين المجاورتين.

مرافق لتقدم القوات البرية، والتي تكبّدت خسائر بشرية اعترف بها إعلام “الحزب” والنظام على حد سواء، إلا أنها لم تكن كفيلة في إيقاف المعركة، فحسمت لصالحهما سريعًا.

لماذا أصر “الحزب” على هريرة؟

تتبع هريرة لناحية مضايا إداريًا، وتشكل امتدادًا جغرافيًا لها بحيث تبعد عنها نحو ثلاثة كيلومترات فقط، ما جعلها في دائرة اهتمامات “حزب الله” اللبناني الذي بات يمسك بزمام الأمور في القلمون الغربي شمالًا، وصولًا إلى مدن وبلدات سهل الزبداني (بلودان، الزبداني، سرغايا، مضايا، بقين).

كما تعدّ هريرة بوابة منطقة وادي بردى الشمالية، والخاضعة بمعظمها لسيطرة فصائل المعارضة، وأبرزها (وادي بردى، كفر العواميد، كفير الزيت، دير قانون، دير مقرن، عين الفيجة)، وهو ما عزز استراتيجيتها، فالسيطرة عليها يؤدي بشكل عملي إلى تضييق الخناق على المنطقة، فمن الجنوب قوات الأسد والميليشيات المحلية، وشمالًا “حزب الله”.

وتحدث أبو محمد البرداوي، مدير المكتب الإعلامي في وادي بردى، عن إشاعات يتداولها أهالي المنطقة تفضي إلى تسليم منطقة سهل الزبداني إلى “حزب الله” بالكامل، بما فيها مضايا وبقين وقراها، مقابل إخراج 40 ألف مدني إلى محافظة إدلب شمال سوريا، مرجحًا أن ما يحدث خلال اليومين الفائتين يسير في ذات السياق.

ورأى البرداوي أن “الحل العسكري بات هو الفيصل، بعدما كذب النظام بوعوده لمندوب وادي بردى”، حينما اجتمع مع علي مملوك، رئيس مكتب “الأمن القومي”، بتاريخ 20 تموز، وأخبره أن اجتماعًا ستجريه “القيادة” ليلًا بخصوص ما حدث، فما كان من قوات الأسد و”حزب الله” إلا أن اقتحمت هريرة في اليوم التالي، وبالتالي هي رسالة واضحة من النظام أن الحلول السلمية لا مكان لها في هذه المنطقة.

هل وادي بردى بخطر؟

huraira-qalamon-2016q12عمليًا، فإن الخاسر الأكبر من سيطرة “حزب الله” على هريرة ومحاولة اقتحام قرية “إفرة” إلى الشرق منها، هي الفصائل المحلية من “الجيش الحر” المتمركزة في قرى وبلدات وادي بردى، إذ تعد هاتان القريتان خط دفاع لها من الشمال والشمال الشرقي، وسقوطهما يعني أن الميليشيات اللبنانية باتت على تماس مباشر مع قرى الوادي.

وتدخل وادي بردى في هدنة طويلة الأمد مع النظام السوري منذ نحو ثلاثة أعوام، إلا أنها شهدت خروقات متتالية أبرزها العام الماضي، حين صعّدت قوات الأسد من قصفها على المنطقة، ما خلّف نحو 45 قتيلًا بين المدنيين، وأضرارًا مادية كبيرة، بالتزامن مع فرض حصار شبه كامل عليها، خلّف أوضاعًا إنسانية غاية في الصعوبة.

وتتحكم فصائل وادي بردى بنبع “عين الفيجة”، وهو المغذي الرئيسي للعاصمة دمشق بالمياه الصالحة للشرب، واستخدم النبع في بعض الأحيان كسلاحٍ ناجعٍ مقابل كل تصعيدٍ أو تهديدٍ يقدم عليه النظام السوري، إلا أن البردواي استبعد قطع المياه في ظل المتغيرات الجديدة، وقال “بعد حضورنا عدة اجتماعات ونتائج اجتماعات لقادة الفصائل، تبين أنه لا يوجد نية في الوقت الراهن لقطع مياه عين الفيجة”، مضيفًا “هذا الأمر مستبعد حاليًا جملة وتفصيلًا”.

لا ريب أن العمليات العسكرية في ريف دمشق تسير وفقًا لأهواء الأسد وحليفه اللبناني، ولا يمكن الفصل بين محاور الريف الدمشقي من وجهة نظر النظام وحلفائه، فجميع المعارك و”المصالحات” تهدف بالمقام الأول إلى تأمين حزام العاصمة العسكري لصالح الأسد، ووأد أي خطر يهدد القصر الرئاسي في العاصمة.

وما معارك الغوطة الشرقية والغربية، ومصالحات قدسيا والهامة، وإحراق سهل الزبداني وتسليمه لـ “حزب الله”، وخنق وادي بردى، وتعزيز الهدن أو “الاقتتال” جنوب دمشق وفي القلمون الشرقي، إلا خطة وضعت قبل أعوام وتسير في الاتجاه المرسوم لها، كما تؤكد معظم التحليلات السياسية والعسكرية التي لا ينكرها الإعلام الرسمي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة