سجون المعارضة.. غياب للتنظيم واعتقالات تعسفية

tag icon ع ع ع

طارق أبو زياد – حلب 

تحرير مناطق واسعة من الأراضي السورية وانتشار الأسلحة بيد الشعب، خلق جوًا من الفوضى العارمة، دعت إلى ضرورة وجود محاكم لضبط التجاوزات، وبالتالي إنشاء سجون لمعاقبة مرتكبيها، لكن تنوع فصائل المعارضة جعل لكل فصيل سجونها الخاصة، ليصبح التعامل مع الحالات وفقًا لرؤية هذا الفصيل وتصوره للقضاء والأحكام.

أبو البراء، مقاتل في حركة أحرار الشام الإسلامية، اعتقله فصيل معارض في طريقه نحو تركيا لزيارة أقاربه، تحدث لعنب بلدي عن طريقة اعتقاله، مفضلًا عدم ذكر اسم الفصيل، إذ اضطر إلى سلوك طريق التهريب من معبر باب السلامة لعدم امتلاكه جواز سفر، “عند توجهي للمنطقة اعتقلني حاجز بحجة أن عبوري إلى تركيا من أجل الدخول إلى مناطق سيطرة داعش، واتهموني بأنني واحد من عناصرها بسبب شكل لحيتي وهيئتي”.

“اقتادوني في سيارة وأنا معصوب العينين، كانت معاملة عناصر الحاجز جيدة وأعلموني أنه سيتم أخذ بعض المعلومات مني والتحقق من هويتي، ومن بعدها سأكمل طريقي إلى تركيا، لكن لحظة دخولي للمعتقل اختلفت المعاملة، بدأ الشتم والصراخ، ولم يخل الأمر من بعض الصفعات والركلات أحيانًا”.

وأضاف أبو البراء “أخذوا معلوماتي الشخصية وسلمت أغراضي وصوروني وأعادوا تفتيشي، ومن ثم اقتادني عنصر إلى الزنزانة، فتح الباب ورماني بداخلها، هنا بدأت بالصراخ عليهم محاولًا إقناعهم أنني من أحرار الشام ولا علاقة لي بداعش”، كان مع “أبو البراء” 10 أشخاص كلهم اعتقلوا بتهمة الانتماء إلى داعش، أجابه أحدهم “سكوت أحسن ما تجبلنا البلا محدا رح يرد عليك”.

عدوى سجون الأسد

صباح اليوم التالي، استدعي أبو البراء إلى التحقيق وكان معصوب العينين ومصفد اليدين إلى الخلف، وكان المسؤول عن اقتياد السجناء إلى المحقق هو واحد من المعتقلين أنفسهم، ويسمى بـ “السخرة”، وهو وصف يطلق على السجناء صغار العمر الذين يتولون خدمات معينة داخل السجن.

وتابع “دخلت إلى المحقق، وفور دخولي بدأ يلوح بالكابل الكهربائي الذي بيده، وقال: لا تخاف كلنا بدنا خلافة إسلامية والدولة على صح، أجبته بأن داعش لا تمثلني وأنا لا أنتمي إليهم، فضربني وقال: اسمها الدولة الإسلامية مو داعش يا كلب، استمر بالتحقيق قرابة نصف ساعة، وكانت الأسئلة تافهة جدًا، ومثل علي أنه متيقن من انتمائي لداعش، وأمر بعدها بإرسالي إلى الزنزانة الفردية لأشاور عقلي”.

الزنزانة الفردية

“المنفردة” هي مكان بعرض 60 سنتيمترًا وبطول متر واحد وارتفاع متر ونصف، ولا يوجد فيه أي مكان للتهوية ولا بطانية ولا أي شيء، تم احتجاز “أبو البراء” فيها لليوم الذي تلى التحقيق، “في صباح اليوم الثالث كانت الفاجعة، حيث فتح الباب وأدخلوا ثلاثة أشخاص معي وأغلقوا الباب بصعوبة، لم نكن نستطيع أن نجلس أو نتوقف حتى، فارتفاع الزنزانة لا يكفي للوقوف فكنا بداخلها وكأنها علبة كبريت، ولكن لم يطل الأمر طويلًا، فبعد ساعات تم إخراجي وإعادتي إلى الغرفة الجماعية”.

يحتوي السجن على 8 غرف جماعية وأكثر من 10 منفردات، تغص جميعها بالمعتقلين، معظمهم متهمون بالانتماء لـ “داعش”.

في اليوم ذاته، استدعي أبو البراء إلى التحقيق مرة أخرى، لكن مع تغير في المعاملة، “لم تعصب عيناي وقابلني المحقق بوجهٍ حسنٍ، وبدأ كلامه بالاعتذار، كان قد تأكد من انتمائي للأحرار من خلال المحادثات التي وجدت في هاتفي، لم أستطع الرد عليه وكان جوابي: الحمد لله أنكم تأكدتم الله يعطيكم العافية”.

أعيدت أغراض المقاتل في صفوف الحركة ولم تنقص أمواله شيئًا، وأوصلته سيارة إلى الحاجز حيث اعتقل، وأمروه بحلق لحيته تجنبًا لاعتقاله مرة أخرى، كما استلم وثيقة تفيد ببراءته.

توجد قرابة 10 سجون في الشمال السوري، بحسب “أبو عبد الملك”، أحد أمنيي جيش الفتح، وتتبع أغلبها لفصائل معارضة تأخذ قرارات الاعتقال من نفسها دون الرجوع إلى محكمة أو ما شابه، ما جعل الأمر فوضويًا، ولا ينكر الأمني وجود بعض حالات الانتقام الشخصية، “نسعى لتوحيد الكادر الأمني في الفصائل عن طريق جيش الفتح وإيجاد مرجعية تصدر أوامر الاعتقال والدّهم وغيرها”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة