رسالة إلى حبيبي خلف القضبان

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مشاركة

حبيبي… أخط لك هذه الكلمات في حلكة الليل، وأخربش هلوساتي وذكرياتي.

كيف حالك يا أنا؟.. فإذا بطيفك يزورني كل ساعة، فيسقي دمعي بذرة السكينة، ثم ألثم صورتك معذّبًا، فتغلي ذكريات الشوق بداخلي، لأركع لله حامدة، وأتوسله ببشرى تغلف ألمي ونُواحي، عليّ أقتات منها فأحيا..

لا تقلق علينا.. فلنا الله.. وأصدقاؤك الرائعون، إذ لم يتوانوا عن السؤال عنك، والدعاء لك، والاتصال بنا للاطمئنان على حالنا، فأنا أعرف أنك بضعٌ منهم، ولأجلهم خرجتَ، وفي سبيل حريتك وحريتهم اعتُقلت. فهنيئًا لك بهم، ولهم بك وبوطننا المحرر، وها أنا أقرأ كل يومٍ كتاباتهم عنك، ورسائلَهم لك، وشغفهم بك، فهل يصل صوتي إلى مسامعك؟

آه يا أنا..

يتراءى لي أن كاهلك قد أُثقل مما حملتَ، ولكن أعود ليقيني بأنك صامدٌ على مبادئك فلا مَساس! وكلما ترنحت بي الذكرى، وتخيلتك تتعذب وتتألم، أتذكر كلماتك عن اعتقالك الأول وعن الحرية داخل المعتقل.

أتدري يا أنا؟..

لقد علّقتُ ورقةً من دفتر خواطري مع وردةٍ أهديتني إياها يومًا فوق سريري، وأقرأها كل يومٍ مع ورد المساء، كأنك تحادثني كما اعتدنا سابقًا، عندما يرتحل الناس إلى أحلامهم، إذ كنا نتحدث ونحن نعبق بطيب وردتنا، وبرائحة عنب بلدنا الداراني، فينتعش قلبي كلما تذكرت، وتحثه هذه الوريقة على الصبر، فهذا قدرنا واللهُ خيرٌ حافظًا لك ولي ولأهلينا وللوطن.

أعلمُ أنك لا تريدني أن أبكي، وأنا أعدُ بذلك. ولكن…. لا تلمني إن سمحتُ لدموعي أن تتساقط ليلًا، حين ترتعش الذكرى، إذ لا أخفيك أنني أتذكر عندها كلمات عبارتك التي كنت ترددها لي دائمًا «رب السجنُ أحبُّ إليّ مما يدعوني  طغاةُ قومي إليه»، كما وأستذكر قول أبي فراسٍ الحمداني، وأعيدها تكرارًا فأمسح بها دمع عيني:

أقُولُ وَقَدْ نَاحَتْ بِقُرْبي حمامَةٌ

                أيَا جَارَتَا… هَلْ تَشعُرِينَ بِحَالي

مَعاذَ الهَوَى! ما ذُقتِ طارِقةَ النّوَى

                وَلا خَطَرَتْ مِنكِ الهُمُومُ ببالِ

أتَحْمِلُ مَحْزُونَ الفُؤادِ قَوَادِمٌ

                عَلى غُصُنٍ نَائِي المَسَافَةِ عَال

أيَا جَارتَا… ما أنْصَفَ الدّهْرُ بَينَنا!

                تَعَالَيْ أُقَاسِمْكِ الهُمُومَ، تَعَالِي

تَعَالَيْ تَرَيْ رُوحاً لَدَيّ ضَعِيفَةً

                تَرَدّدُ في جِسْمٍ يُعَذّبُ بَالي

أيَضْحَكُ مأسُورٌ وَتَبكي طَلِيقَةٌ

                وَيَسْكُتُ مَحزُونٌ وَيَندبُ سالِ

لَقد كنتُ أوْلى مِنكِ بالدّمعِ مُقلَةً

                وَلَكِنّ دَمْعي في الحَوَادِثِ غَالِ

اشتقتك يا أنا..

وفي شغاف قلبي نبضٌ من حروفِ اسمك يسري…

 حبيبتك..




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة