بين “S-400” وحزب “العمال”.. ما مصير علاقة المد والجزر الأمريكية- التركية؟

camera iconصورة تعبيرية تجمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي جو بايدن وبينهما منظومة الدفاع الجوي الروسية "S-400" وعلم حزب العمال الكردستاني، 16 شباط 2021(تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

تثير تصريحات تركيا التي أكدت تمسكها بمنظومة الدفاع الجوي الروسية “S-400″، ومن بعدها الاتصال بين وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، ونظيره الأمريكي، أنتوني بلينكن، تساؤلات عن طبيعة حالة المد والجزر في العلاقات بين الدولتين العضوين في “حلف شمال الأطلسي” (الناتو).

وشهدت العلاقات توترًا في عهد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، خاصة مع تقارب روسي- تركي، في وقت لم تتضح بعد ملامح توجه الرئيس جو بايدن، وكيف تمسك أنقرة بخيوط علاقاتها في موقعها الوسط بين الخصمين الدوليين موسكو وواشنطن.

تركيا في موقع المرتاح

المحلل السياسي المهتم بالشأن الروسي، المقيم في روسيا، نصر اليوسف، أوضح لعنب بلدي أن الوضع الحالي بالنسبة لتركيا مثالي، وقال، “تركيا تغازل روسيا لتثير غيرة الغرب وتغازل الغرب لتثير غيرة روسيا، فبالتالي تستطيع الاستفادة من الطرفين”، مستبعدًا أن تتخذ تركيا مواقف حادة كالتخلي عن طرف لمصلحة آخر (روسيا والناتو).

وأشار المحلل السياسي إلى أن تركيا تود عبر مغازلتها للغرب من حين لآخر أن تفهم الروس أن خيارات أنقرة لا تزال مفتوحة، مؤكدًا أن تركيا لن تتخلى عن أمريكا ولا حلف “الناتو” ولن تتوانى عن بذل جهودها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وتبقى مسألة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في سوريا محل خلاف بين واشنطن وأنقرة، إذ تعتبرها تركيا امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني” المحظور والمصنف إرهابيًا، بينما تحظى القوات بدعم أمريكي.

ويرى المحلل السياسي نصر اليوسف أن الولايات المتحدة لا تتحالف مع “قسد” كقوة عظمى أو كحليف أساسي، وإنما تريد بندقية رخيصة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، فهي بالتالي لن تخسر تركيا التي ترى “قسد” تهديدًا لأمنها القومي.

مد وجزر

وأكد وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، أمس الاثنين، في اتصال هاتفي مع نظيره التركي تشاووش أوغلو، الأهمية الطويلة للعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا، ومصلحتهما المشتركة في مكافحة الإرهاب، وأهمية المؤسسات الديمقراطية، والحكم الشامل، واحترام حقوق الإنسان، بحسب موقع وزارة الخارجية الأمريكية الرسمي.

وتعهد الجانبان خلال الاتصال على تعزيز التعاون ودعم الحل السياسي للصراع في سوريا.

وأعرب الوزير عن تعازيه لمقتل 13 رهينة تركية في شمالي العراق، إذ قال بلينكن، “رأينا بأن إرهابيي حزب العمال الكردستاني يتحملون المسؤولية”، في موقف واضح من الحزب الذي تعده أنقرة تهديدًا لأمنها القومي.

ماذا عن منظومة الدفاع الروسية

وحث الوزير بلينكن تركيا على عدم الاحتفاظ بمنظومة “S-400″، بعدما أعلنت، في 11 من شباط الحالي، عدم التراجع عن استحواذها على أنظمة S-400″” رغم العقوبات الأمريكية، بعد حديث وسائل إعلام غربية عن إمكانية تخليها عن المنظومة في حال إيقاف أمريكا دعمها لـ”قسد” في سوريا.

وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، في مقابلة مع قناة “TRT” التركية، وقتها، إن تركيا لن “ترجع خطوة إلى الوراء بخصوص منظومة صواريخ الدفاع الروسية (S-400)”.

وأضاف كالين أن تصريحات وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، “أُسيء فهمها”، لكنه لم يخض في تفاصيل، مشيرًا إلى أن محادثات تجري مع واشنطن بشأن الخلافات، لكن لا ينبغي توقع حلول سريعة للمشكلات.

وكان آكار قال، في 9 من شباط الحالي، إن أنقرة ستقترح تفعيل صواريخ “S-400” بشكل جزئي فقط في المفاوضات مع الولايات المتحدة.

وفي عام 2020، شهدت العلاقات التركية- الروسية عدة نقاط اتفاق وخلاف، إذ تحسنت العلاقة بين أنقرة وموسكو عندما رفضت أمريكا بيع منظومة الدفاع الجوي “باتريوت”، وطيارات حربية من طراز “F-35” (من الجيل الخامس) لتركيا، التي التفتت إلى روسيا لاستقطابها إلى جانبها.

وكذلك تطورت العلاقات بين البلدين على عدد من الأصعدة، ولا سيما الصعيد الاقتصادي المتمثل بصفقات تجارية بين البلدين، أهمها تمرير خط الغاز عبر تركيا إلى أوروبا.

بينما أُثيرت الكثير من الخلافات بين تركيا وروسيا، ومنها دعم روسيا لقوات النظام السوري في هجومه على مناطق نفوذ تركيا شمال غربي سوريا، وأزمة شرق المتوسط التي اتخذت فيها روسيا موقفًا محالفًا لليونان، وفي ليبيا دعمت تركيا حكومة “الوفاق” الجهة الشرعية المدعومة من مجلس الأمن، في حين تحالفت روسيا مع الجانب المقابل بزعامة خليفة حفتر.

تركيا بعيون أمريكا.. كيف تبدو؟

الدبلوماسي السوري بسام بربندي، الذي شغل سابقًا منصب السكرتير الأول بالسفارة السورية في واشنطن، شرح لعنب بلدي آلية تفكير وعمل الإدارة الأمريكية الجديد برئاسة جو بايدن.

وأوضح أن إدارة بايدن تأتي “بسياسة أمريكية ممزوجة بنكهة عالمية، فهي تريد تحقيق المصالح الأمريكية باستخدام الدبلوماسية القصوى، مستفيدة من إرث الإدارة السابقة التي مارست الضغط الاقتصادي الأقصى، مع إضافة الاهتمام بحقوق الإنسان و الديمقراطية وحرية التعبير كقيم أمريكية تتماشى مع سياستها”، وفق قوله.

وأضاف الدبلوماسي، لعنب بلدي، أن الإدارة الأمريكية ترى أن تركيا حليف مهم للولايات المتحدة في “الناتو”، وأن هناك مصالح كبيرة بين البلدين.

واستدرك أنه بمنظور الإدارة الأمريكية، يجب على تركيا إيجاد حل لمدى تطور علاقتها العسكرية مع موسكو، التي تعتبر “عدوًا، ومنافسًا استراتيجيًا لحلف (الناتو)”، لافتًا إلى أنه لا يمكن أن تكون تركيا في حلفين متناقضين بنفس الوقت.

وأكد بربندي أن واشنطن تتفهم قلق أنقرة من وجود ونشاط حزب “العمال الكردستاني” في سوريا، سياسيًا وعسكريًا، مبينًا أن أمريكا تحاول التعامل مع كل ملف بشكل منفصل على المدى القريب وليس بشكل صفقة متكاملة بطريقة الإدارة السابقة.

لكن هذا يحتاج إلى وقت وجهد وحسن نية من الطرفين، بحسب بربندي، إلى جانب تنازلات متبادلة وحوافز اقتصادية وعسكرية وسياسية للوصول إلى نتائج تخدمهما.

صفقة مصلحية.. ما تصنعه تركيا كافٍ؟

ويرى المحلل العسكري العقيد حاتم الراوي، في حديث إلى عنب بلدي، أن تركيا عقدت صفقة “S-400” من باب تمرير المصالح.

وقال، “فمن يطّلع على سلسلة صواريخ الدفاع الجوي وأحدثها منظومة (+HİSAR-A) تركية الصنع، يجد أن تركيا ليست بحاجة إلى هذه الصواريخ (S-400) أصلاً”، وفق تعبيره.

ويذهب الراوي إلى أن تركيا عندما أقدمت على هذه الصفقة أعطت لنفسها فرصة التراجع عنها لأنها أصلًا لا تحتاج إليها.

وأكد أن “تركيا لن تعكّر مزاج الحليف الأمريكي من أجل الرضا الروسي المقدور على شرائه”، مشيرًا إلى أن أمريكا أيضًا لن تفرّط بالحليف التركي من أجل “قسد”، فـ”الولايات المتحدة قادرة على استبدالهم بأبناء المنطقة متى تشاء”، وفق قوله.

“+HİSAR-A”.. أحدث الإصدارات الدفاعية التركية

وفي منتصف كانون الأول 2020، استكملت مؤسسة الصناعات الدفاعية في الرئاسة التركية اختبار القبول النهائي لمنظومة الدفاع الجوي “+HİSAR-A”، لتدخل بعدها المخزون الدفاعي للجيش التركي.

وذكرت وكالة “الأناضول” التركية شبه الرسمية حينها، أنه جرى إنهاء اختبار النظام الصاروخي بنجاح، باستخدام رأس حربي من إنتاج معهد أبحاث وتطوير الصناعات الدفاعية التابع لهيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية التركية (توبيتاك).

بمقدور نظام “+HİSAR-A” إصابة ستة أهداف في وقت واحد، وبفاعلية تبلغ 360 درجة، كما يمكنه توفير دفاع فعال ضد الطائرات من دون طيار وصواريخ “كروز”، وصواريخ “جو- أرض”، وكذلك حماية الوحدات الثابتة والمدرعة المتحركة، وفق “الأناضول”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة