رحلة اللجوء إلى أوروبا يرويها بلال البرغوث في “ثلاثة لاجئين ونصف”

camera iconالشاب السوري بلال البرغوث، 15 من كانون الثاني (حسابه في فيس بوك)

tag icon ع ع ع

ينتظر الشاب السوري بلال البرغوث صدور روايته الثانية التي تحمل اسم “ثلاثة لاجئين ونصف”، من إحدى دور النشر في مدينة اسطنبول التركية.

وتجسد الرواية منحى أدبيًا مختلفًا في أسلوب الكتابة الذي اتبعه بلال، وتتناول قصة أربعة لاجئين من جنسيات مختلفة، ينشدون اللجوء في أوروبا، والوصول إليها، عبر طريق صعب وعر لا يحمل أي معنى مريح من معاني السفر.

اللاجئ الرابع، الذي تحول إلى نصف لاجئ في عنوان الرواية، لم يتمكن من مغادرة المياه الإقليمية للبلد الذي يسعى إلى مغادرته، إذ أُعيد إليها لتنتهي بذلك قصة لجوئه قبل بدئها.

رواية “ثلاثة لاجئين ونصف” التي ستصدر قريبًا

وفي “ثلاثة لاجئين ونصف” بلال ليس كاتبًا لمعاناة الآخرين عن بُعد، فالشاب استمد قصته وأحداثها من الطريق الذي سار عليه حين لجأ إلى أوروبا في خريف 2015، واستفاد مما احتفظت به الذاكرة، ليحوله بعد تلك السنوات إلى حكاية واقعية تروى.

وقال بلال، في حديث إلى عنب بلدي، “لم أكتب هذه الرواية لكسب التعاطف أبدًا، بل من أجل تأريخ جزء من القضية السورية عايشه سوريون كثر، وعلى أمل أن تقرأ أجيالنا القادمة عن الخيارات التي تدفعنا إليها أوطاننا”.

ومع انطلاق الثورية السورية عام 2011، بدأ بلال بدراسة طب الأسنان في جامعة “دمشق” التي سرعان ما انقطع عنها جراء الأوضاع الأمنية التي سادت تلك الفترة، فبقي في مدينته (دوما شرق دمشق) التي وقعت فيما بعد تحت وطأة حصار قوات النظام السوري إلى جانب مدن وبلدات الغوطة الشرقية في دمشق.

وفي منتصف عام 2015، خرج بلال من دمشق باتجاه الشمال السوري، ثم أكمل طريقه إلى تركيا، ومنها انتقل في خريف العام نفسه إلى ألمانيا، حيث يستقر اليوم.

وشهدت سوريا خلال سنوات الثورة موجات لجوء جماعي إلى دول الجوار والدول الأوروبية، ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين على قوائم الأمم المتحدة نحو 5.6 مليون لاجئ، بحسب تقارير أممية.

واجه بلال في مشوار البحث عن مستقبل واضح، وحياة لا يعلو فيها صوت البندقية، حاجز الحنين إلى بيته ومدينته التي أمضى فيها طفولته وشبابه، فالبلاد لا تقطع حبل مواطنيها السرّي بمجرد رحيلهم عنها.

واستطاع بعد التعامل مع بيروقراطية إنجاز الأوراق الثبوتية، على حد تعبيره، دراسة لغة البلد المضيف، التي تشكل أولى خطوات فهم المجتمع، ومعايشة الواقع، لاستئناف التعليم والحياة العملية من حيث توقفت، وهذا يفضي بطبيعة الحال إلى الاندماج بالمجتمع.

ونشر بلال في عام 2019 رواية “ممالك البحر الأحمر” لتكون روايته الأولى، وهي جزء من عمل روائي ثلاثي يندرج في إطار “الفانتازيا التاريخية” التي تحاول تسليط الضوء على الواقع المعاش اليوم، عبر الجغرافيا والمواقف.

وتطلّب هذا العمل الروائي بحثًا معمقًا في تاريخ منطقة حوض البحر الأحمر، والممالك التي قامت حوله، ما يمنح الرواية صبغة واقعية بلغة فصيحة تعكس الحقبة الزمنية التي جرت فيها الأحداث.

ولبلال ديوان شعر، وهو عبارة عن مجموعة من قصائد الشعر الحر موزعة على ثلاثة فصول، وهي “شغف” و”غضب” و”منفى”، ويجري العمل على نشره، بانتظار انحسار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، وعودة مظاهر الحياة الأدبية ومعارض الكتب، التي تشكل المنصة لإطلاق الأعمال الأدبية.

وقال بلال لعنب بلدي، “كل ما أكتبه أكتبه من روحي وتجربتي، ومن الوجوه التي أراها وتؤثر بي، ومن آلام وطننا، وضياعنا الجماعي في ذلك الوطن”.

وفي أيلول 2020، جرى تصوير عمل “يوميات منفردة” في برلين، من إخراج رحماني موسى، وبطولة الأخوين ملص، وهما معتقلان سابقان، وكتب بلال السيناريو الخاص بالعمل المكوّن من ثماني حلقات، لتسليط الضوء على الجوانب النفسية لحالة المعتقل، هذه الحالة التي يرى الكاتب أنها تخص جميع السوريين، وهي حالة مستمرة منذ سنوات طويلة في عهدي الأسد “الأب والابن”، بالإضافة إلى حالة المعتقل في كل البلدان الديكتاتورية التي تعتبر آراء المعتقلين أشد قسوة من ضرب المدافع.

ويرى بلال أن العقبات التي تقف في وجه العمل الأدبي للكتّاب الشباب تتجلى بعدم تبني دور النشر لأعمالهم، التي ترفضها بعض هذه الدور لجرأة المحتوى الفكري، أو لوجود تفاصيل لا تنسجم مع دار النشر.

وضرب مثالًا على ذلك، بأن إحدى دور النشر طلبت منه تخفيف حدة الجرأة في المحتوى السياسي، رغم أن الدار كانت ضمن بلد يعايش ثورة وانتفاضة ضد تكميم الأفواه وقمع الحريات، الأمر الذي اعتبره بلال رفضًا للخروج من عباءة الكتابة التقليدية التي تتسالم وتتصالح مع واقع المنطقة المأساوي.

يدرس بلال اليوم سنته الثانية في كلية الصيدلة التابعة لجامعة “برلين الحرة” (Freie Uni Berlin)، ويعمل على مشروعين روائيين هما، “كوكائين تحت ظل الأرزة”، و”حرّاس برلين”، وينتظر ردود دور النشر لطباعتهما قريبًا.

وخلال الأسابيع القليلة المقبلة، سيُعرض “يوميات منفردة” الذي كتب له السيناريو، وحضّر لعمل درامي جديد، يحمل طابعًا ثوريًا عربيًا شاملًا، يتناول البلدان التي عايشت الربيع العربي، ويندرج في إطار الكوميديا السوداء، على أن يجري تصويره في الصيف، إذا تقلصت إجراءات الحظر الصحي المفروضة بسبب انتشار جائحة “كورونا”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة