دييغو.. من أي كوكب أنت؟

camera iconمارادونا في كأس العالم 1986 في المكسيك مع المنتخب الأرجنتيني (غيتي)

tag icon ع ع ع

عروة قنواتي

شعرتُ وأنا أتجهز لكتابة الزاوية بأنني سأضيع وقتي وأبذل جهدًا بلا فائدة، بحثًا عن عنوان يليق بالحدث الأهم.

أي عنوان يليق برحيل الأسطورة؟ كررتُ التجربة وأفرغت طاقتي باصطياد عنوان للذكرى، عبثًا أحاول!

استسلمت، وقراري كان اقتباس الجملة التي أطلقها المعلّق الأرجنتيني الشهير فيكتور هوغو موراليس بعد تسجيل مارادونا هدف القرن في مرمى إنجلترا في مونديال المكسيك 1986، دييغو من أي كوكب أنت؟!

إذًا، أقفل يوم الـ25 من تشرين الثاني الحالي ساعاته الأخيرة بالخبر الحزين، وأذن بإغلاق آخر صفحات الأسطورة الكروية دييغو أرماندو مارادونا عن عمر قارب الـ60 عامًا.

إن كان هذا التاريخ أقفل صفحات الحياة، فإن كتاب الذكريات لن يقفل ولن يطوى في نابولي الإيطالية وفي بلاد الفضة وعلى مرأى ومسمع وأنظار كل من يمت بصلة لكرة أمريكا الجنوبية، حتى في أوروبا يسمع صدى صوت دييغو قادمًا من التاريخ، بكل نجاح وفشل، بكل إخفاق وإنجاز، بكل خطيئة وصواب.

مارادونا الذي لعب لأندية برشلونة ونابولي وإشبيلية وبوكا جونيورز وأرجنتينوس جونيورز وأولد بويز، ولمنتخب التانغو لمدة 17 عامًا، كان من أمهر وأفضل وأنجح من لمس وداعب وتلاعب وراوغ بالكرة، كان توأم الكرة في المستطيل الأخضر كما كانت كرة القدم هي الحياة له.

اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي وصحف ومجلات ومحطات وإذاعات العالم قبل أيام بوفاة النجم اللاتيني الذهبي، يشبه اشتعال الملعب في نهائي مونديال 1986.

ويشبه اشتعال ملعب “نابولي” لدى دخول مارادونا في أول تمارينه مع الفريق الايطالي منتصف الثمانينيات، ولحظة خروجه الحزينة من مباراة الأرجنتين ونيجيريا في مونديال الولايات المتحدة 1994 مصابًا، وبعدها لم يعد أبدًا لارتداء قميص التانغو.

أثار رحيله الجدل بين عشاق الكرة في العالم حول أدائه الرياضي الكروي وحياته الشخصية، ولكن أسماء مهمة سبقت ورافقت وجاءت بعد مارادونا صُعقت لخبر وفاته، وتسابقت لنشر الصور وكتابة كلمات الوداع بحزن.

بين رفاق المنتخب والأندية والخصوم كان دييغو حاضرًا بأهدافه الجميلة، ولمساته التي لا تنسى، وبكل صورة ظهر فيها بحالة تحدٍّ مع مدافع أو لاعب وسط أو حارس مرمى.

كان لكلماته التي أطلقها في تصريحات إعلامية سابقة أكبر الأثر في حياة من عشقه وأحبه وتابعه كملهم كروي لا يتكرر، مارادونا قال “رؤية الكرة، الركض وراءها يجعلني أسعد إنسان في العالم”، “ارتكبت أخطاء ودفعت ثمنها. لكن الكرة لا تزال نقية”.

وقال أيضًا، “لو كنت أشارك في عرس ما وكنت أرتدي بدلة بيضاء، وحصل أن جاءتني كرة متسخة بالوحل لكنت حاولت ترويضها من دون أدنى شك”.

لم يحفل تاريخ مارادونا بإنجازات مميزة أو متوسطة على مستوى التدريب، لربما كانت الكرة تحبه لاعبًا وقائدًا في أرض الملعب، فنجح في اللعب وفي السحر داخل المستطيل، أما على أطرافه بالقرب من دكة البدلاء فكان سيئ الحظ، إذ لم يكتب لمشواره النجاح.

من الصعب أن تصوغ الكلمات والأسطر للحديث عن الأسطورة وخبر رحيله وقد سبقك أعلام الكرة والرياضة والسياسة والفن في الكرة الأرضية، لم يتبقَّ شيء يكتب ويقال بعدما ذكره كانافارو و لينيكر وبلاتيني و فالدانو وليونيل ميسي و سيميوني.

وأهم من كتب وقال في الرحيل، كان أسطورة البرازيل والكرة العالمية بيليه “يا له من خبر حزين، خسرتُ صديقًا عظيمًا والعالم خسر أسطورة، ذات يوم آمل أن نلعب كرة القدم معًا في السماء”.

وداعًا دييغو، لروحك السلام ولكرة القدم كل العزاء.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة