“الآن.. هنا”.. توثيق روائي لعذاب المعتقلين

الكاتب عبد الرحمن منيف وغلاف رواية الآن هنا (تعديل عنب بلدي)

camera iconالكاتب عبد الرحمن منيف وغلاف رواية "الآن.. هنا" (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

تحفر أيام الاعتقال في ذاكرة المعتقلين ذكريات لا تزول مع كل ما يعانونه من عذاب وألم في سبيل قضية آمنوا بها يومًا.

تدور رواية “الآن.. هنا” للكاتب السعودي الراحل عبد الرحمن منيف حول قصص معتقلين من دولتين من وحي الخيال، هما “عمورية وموران”، تتشابه قصصهم إلى حد التطابق مع قصص المعتقلين العرب.

ما بين رجال صادقين ومؤمنين بمعتقداتهم، ودفعوا ثمنها حياة كاملة وعمرًا سُرق منهم في الظلام، وعذابات لا تنتهي في أثناء وبعد الخروج من المعتقل، يمضي منيف في سرد الحكاية ضمن أكثر من 500 صفحة.

تنتمي الرواية إلى أدب السجون، وهو الأدب الزاخر بقصص المعتقلين وتفاصيلها والعذابات النفسية والجسدية التي تعرضوا لها طوال سنين الاعتقال، لكن رواية منيف لا تتوقف حدودها عند جدران السجن وعذاباته، بل يمضي باتجاه المستقبل ويعود من خلال أحداثها إلى الماضي، فيما يشبه رواية توثيقية للعالم العربي والحياة السياسية فيه.

تطرح الرواية من خلال صفحاتها أسئلة أساسية مع خروج المعتقل من السجن، هل يخرج السجن منه؟ ولأي مرحلة يستطيع سجين سابق تعرض لما يتعرض له المعتقلون، نسيان ما جرى واتخاذ القرار بنسيان ما مضى؟

بحسب الرواية، وقصة أحد أبطالها، طالع، الأمر لن يتوقف أبدًا، وسيستمر طويلًا، بل ويلعب دورًا كبيرًا في مسار حياتهم أيضًا.

كما رصد منيف في الرواية أوضاع السياسيين أصحاب الادعاء، وهم من تركوا رفاقهم في السجون وفرّوا إلى الخارج، وكيفية تعاملهم مع الناجين من الرفاق ونظرتهم إلى “النضال” في وجوه جلاديهم.

لا يوجه منيف الاتهامات، ولا يغرق في تفاصيل وجهات نظر هؤلاء السياسيين، إذ إن مواقف بسيطة وسريعة، لا تحتل عددًا كبيرًا من الصفحات، كافية لشرح الحالة وإيصال الفكرة المرجوة منها، خاصة مع اعتيادهم على الشعارات الرنانة التي يعتقدون أنها كافية لتغيير المسار، دون أي تخطيط ومراجعات لإنقاذ الحياة السياسية في بلادهم.

منيف فضل شرح تفاصيل المعتقل والجلاد والعلاقة بينهما، فهنا تكمن الحياة، في تفاصيل سنوات هؤلاء القابعين في زنازين الظلام والعذاب الذي لا ينتهي.

وسبق للكاتب السوري الراحل سعد الله ونوس، أن كتب عن الرواية متسائلًا “كيف نعيش حياتنا اليومية ونساكن هذا الرعب الذي يربص بنا هنا.. والآن؟ أي صملاخ بليد يحجب عن أسماعنا الصراخ والأنين كي نواصل نومنا كل ليلة؟ أي ذاكرة مثقوبة تلك التي تتيح لنا أن نتناسى الآلاف الذي يهترئون في السجون.. هنا والآن؟”.

ونُشر تعليق ونوس على الغلاف الخلفي للرواية الصادرة في طبعتها الثامنة عن دار “التنوير” عام 2016، بينما صدرت طبعتها الأولى في عام 1991.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة