موسم الكركدن “Rhino Season”.. سرقة الحياة والثورة معًا

camera iconأبطال فيلم "Rhino Season" (الصورة من موقع الفيلم)

tag icon ع ع ع

بدأ المخرج الإيراني بهمان غوبادي فيلم “Rhino Season” أو “موسم الكركدن” بعد ترجمته للعربية، بتوجيه الرسائل قبل المشهد الأول، عندما أهدى الفيلم إلى صانع جالة، الشاب الذي قضى في مظاهرة تصفق لحراك الربيع العربي في مصر وتونس عام 2011، وفرزاد كامنجار، وهو معارض إيراني أعدمته السلطات بعدما وجهت له تهمًا ملفقة عام 2009.

يقتبس غوبادي عمله السينمائي هذا عن قصة واقعية عاشها الشاعر الإيراني صادق كامنجار، الذي قضى 27 عامًا من حياته في أقبية سجون الخميني، إبان سقوط حكم الشاه في إيران، وقيل لعائلته إنه مات في السجن، لتبكي العائلة ابنها الغائب على قبر مزيف طوال هذه المدّة.

يجسد الممثل بهروز وثوقي دور البطولة باسم “ساحل فرزان”، وهو شاعر سني المذهب متزوج من فتاة شيعية وابنة ضابط في حكم الشاه، يقع سائق سيارتها أكبر رضائي في غرامها، وينتهز وقوع الثورة الإيرانية التي ابتعدت عن مسارها، لينتقم لعواطفه المرفوضة.

تحكم سلطات الخميني على الشاعر بالسجن 30 عامًا بتهمة كتابة القصائد السياسية، وتحكم على زوجته “مينا دراخشاني” بالسجن عشر سنوات، بسبب تسترها على زوجها.

ويعكس العمل الحالة المدنية لإيران أيام حكم الشاه، ثم مرحلة الثورة التي استغلها الخميني وتحكم بمسارها حين عاد إلى إيران بعد نفي الشاه له لأكثر من 14 عامًا، بدأها من تركيا وأنهاها في باريس، ثم تختلف الحكاية، وتغيب مباهج الحياة المدنية عن العمل، دون أن يسلم أي من النظامين “الشاه والخميني” من المحسوبية والظلم.

تخرج الزوجة من سجنها حاملة طفلتين على ذراعيها، إذ تعرضت للاغتصاب على يد السائق العاشق، الذي تحول بالسياسة والاستبداد إلى رجل نفوذ في النظام الجديد.

وتخبرها السلطات أن زوجها توفي في سجنه، لتغادر بعد بكائها على قبر مزيف إلى اسطنبول، وتعمل في رسم الوشوم وتكتب جملًا من قصائد زوجها على أجساد الزبائن، لتجمع ثمن تذاكر السفر إلى أوروبا.

يخرج “ساحل” من سجنه ويساعده أحد أصدقائه في معرفة عنوان “مينا” في اسطنبول، يكتفي بمراقبتها ورؤيتها من بعيد، ليقول المخرج إن ثمة شرخًا في الزمن لم يعد قابلًا للإصلاح، وبدا ذلك خلال لقاء واحد للحبيبين دون كلمات أو نظرات متبادلة، لتكتب الزوجة على ظهر زوجها كلماته التي تحفظها.

يجتهد المخرج في إيصال المعنى بغير الكلمة، حيث يوظف ملامح البطل الصامت غالبًا للتعبير عن مخزون ألم إنساني أنيق يلجمه الصمت، وكأن غوبادي يقول إن البطل استنفد الكلام في القصائد أو أيام الشباب في السجن.

وتعمل موسيقى كيهان كلهور على ترسيخ النص المفقود أو الغائب نسبيًا عن مساحة الفيلم، إذ توحي الكمنجات الفارسية هنا بالحسرة والحزن المرسوم على جبين رجل فقد حياته لمجرد وقوعه في أيدي سلطة لا تقرأ الشعر، ولا ترحم الاختلاف.

يوظف غوبادي الإضاءة وحركة الكاميرا والألوان لتشارك البطل المهزوم أفكاره، فتلمس وجدان المشاهد بسلاسة، وصولًا إلى ذروة يتصاعد فيها الرمز، لبلوغ نهاية ليست سعيدة، ولكنها تحصل على أيدي الطغاة دائمًا.

يتراجع البطل في المشهد الأخير، ويبتعد عن الكاميرا ليتضاءل أمام اتساع الكون، ليقول غوبادي عبر اللقطة البعيدة جدًا، إن الحياة واسعة حتى لو حاول المستبدون تضييقها.

الفيلم من بطولة بهروز وثوقي، ومونيكا بيلوتشي، وبيرين سات، ويلماز أردوغان، وأخرجه وكتبه وأنتجه بهمان غوبادي، وهو متاح على شبكة “Netflix”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة