قوانين أجازت تملّك الأجانب للعقارات في سوريا.. هذه أبرز مخاطرها

tag icon ع ع ع

أحمد صوان

لم تكن القوانين السورية الصارمة فيما سبق تسمح للعرب أو الأجانب بالتملّك العقاري في سوريا، إلى أن جاء القانون رقم /11/ لعام 2008، الذي فتح الباب أمام تملّك غير السوريين لدور السكن، وأعقبه القانون رقم /11/ لعام 2011، الذي أتاح للأجانب تملّك جميع أنواع العقارات في سوريا، وقد أثار صدور هذين القرارين كثيرًا من التساؤلات في الأوساط السورية حول الغاية منهما، خاصة مع توقيت صدور الأخير الذي تزامن مع بدء الثورة السورية.

كان المشرّع السوري ينتهج سياسة التشدد في السماح بتملّك الأجانب، مبررًا ذلك بمقتضيات السيادة، وبكون التملك في سوريا يشكل مكسبًا كبيرًا لأي أجنبي، بسبب طبيعتها ومناخها وموقعها الذي يتوسط العالم، والأسعار الزهيدة للعقارات فيها.

ويحظر المرسوم التشريعي رقم /189/ لعام 1952 بشكل مطلق تملّك الأجانب للعقارات في سوريا، وهو يتضمن الأحكام التالية: 

  • حظر إنشاء أو تعديل أو نقل أي حق عقاري في أراضي الجمهورية العربية السورية لاسم أو لمنفعة شخص طبيعي أو اعتباري غير سوري (أي منع التملّك العقاري لغير السوري).
  • منع غير السوري من إجراء عقود إيجار واستثمار زراعي في الأراضي المذكورة لمدة تزيد على ثلاث سنوات لاسمه أو لمنفعته.
  • كما يقضي المرسوم بسقوط حق الوارث في الإرث والانتقال والوصية إذا انتقل العقار لغير سوري بطريق الإرث أو الانتقال أو الوصية أو بسبب تصفية وقف، وعندها ينتقل فورًا إلى إدارة أملاك الدولة لقاء دفع قيمته المقدّرة.

لاحقًا ومع صدور القرار رقم /3287/م/ ن/ بتاريخ 14 من تموز 2002، بدأ التخفيف من حدة هذا المنع، إذ إنه مُنح الحق لغير السوريين من أبناء البلاد العربية أن يكتسبوا حقوقًا عينية عقارية شرط الحصول على رخصة من وزير الداخلية، كما سمح لهم باكتساب الحقوق العينية العقارية في مناطق الاصطياف دون شرط الرخصة.

ما مخاطر القانونين الجديدين لتملّك غير السوريين

أهم الأحكام الجديدة الواردة في القانون رقم /11/ لعام 2008 (الخاص بتملّك العرب والأجانب):

  •  ألغى هذا القانون المرسوم السابق الذي كان يحظر تملّك غير السوريين.
  •  نصت المادة الأولى من القانون على أن “منع تملّك الأجانب هو الأصل والسماح بذلك هو الاستثناء”، وقد سمح القانون للأسرة غير السورية أن تتملّك عقارًا بقصد السكن الشخصي بشرط ألا تقل مساحته عن مئتي متر مربع، وحظرت بيعه أو التصرف به قبل مضي خمس سنوات.
  •  في حال انتقال العقار لغير السوري بطريقة الإرث أو غير ذلك، يسقط حقه فيه ويُجبر على نقل ملكيته إلى مواطن سوري خلال مدة سنة، تحت طائلة نقل ملكيته إلى إدارة أملاك الدولة لقاء دفع قيمته.
  •  نصت المادة /4/ من هذا القانون على استثناء خطير، إذ إنها منحت رئيس الجمهورية الصلاحية المطلقة بإصدار مرسوم في حالات الضرورة للسماح بالتملّك للشخص غير السوري طبيعيًا كان أم اعتباريًا دون التقيد بأحكام هذا القانون.
  • كما سمح القانون للأجنبي بتأجير العقارات لمدة لا تزيد على 15 سنة، علمًا أن التشريعات السابقة كانت تحظر التأجير لأكثر من ثلاث سنوات.

 أهم الأحكام الجديدة الواردة في القانون رقم /11/ للعام 2011 (الذي ينظم تملك الأشخاص غير السوريين طبيعيين كانوا أم اعتباريين للحقوق العينية العقارية في سوريا).

  •  نص القانون على أن الأصل جواز تملّك غير السوريين خلافًا للقانون السابق.
  •  نصت المادة /1/ منه على منح مجلس الوزراء حق إعطاء الاستثناءات من أحكام القانون، وأن يمنح حق التملك لغير السوري دون أي ضوابط، وقد جاءت المادة مطلقة من أي تحديد أو شروط. ومن المعروف أن التشريع في كل دول العالم يكبح جموح السلطة التنفيذية ويقيّد صلاحياتها لتمارسها ضمن ضوابط القانون، إلا أن المشرّع السوري لم يدرك خطورة هذه المادة التي تتمثل في إمكانية قيام مجلس الوزراء بمنح ملايين الاستثناءات، بل قد يكون بإمكان السلطة التنفيذية بيع نصف مساكن سوريا وتمليكها لغير السوريين بموجب هذه المادة.
  • فرض القانون /11/ لعام 2008 قيدًا على المالك غير السوري يمنعه من التصرف بالعقار الذي تملّكه بموجب هذا القانون قبل مرور خمس سنوات، لكن القانون الجديد عدّل المدة وخفضها إلى السنتين فقط.
  • منح القانون غير السوريين حق تملّك العقارات التي آلت إليهم إرثًا أو انتقالًا أو وصيّة بموجب استثناء غير مشروط يُمنح من مجلس الوزراء (المادة /3/ فقرة ب).
  • من الجدير بالذكر أن تاريخ صدور هذا القانون هو 10 من نيسان 2011، أي بعد شهر من بدء الاحتجاجات واندلاع الثورة السورية.

ملاحظات حول القانونين

1- هذان القانونان هدما السور العصيّ على الاختراق الذي كان يحمي العقارات السورية من خطر انتقالها إلى أشخاص ومؤسسات أجنبية.

2- النصوص الواردة التي تحصّن قرارات وزير الداخلية من المراجعة تُعتبر غير دستورية، لأنها تنتزع صلاحيات السلطة القضائية حين تحجب عن المواطن حقه الدستوري باللجوء إلى القضاء.

3- المادة التي تمنح رئيس الجمهورية الصلاحية المطلقة بإصدار مرسوم للسماح بالتملّك للشخص غير السوري طبيعيًا كان أم اعتباريًا دون التقيد بأحكام هذا القانون، هي مادة خطيرة تهدد انتقال الأملاك في سوريا لشخصيات ومؤسسات أجنبية.

4- القانون /11/ لعام 2008 سمح لغير السوريين بتملّك دور السكن فقط، أما القانون /11/ لعام 2011 فأتاح للأجانب تملك الحقوق العقارية بشكل مطلق، ولم يحصرها بعقارات السكن وحسب.

5- من يراقب صدور سلسلة القوانين العقارية في سوريا منذ عام 2011 وحتى اليوم، يدرك أن النظام أصدرها بطريقة “ممنهجة” و”خبيثة”، إذ يمهد كل قانون للقوانين التي تليه، وجميعها تؤدي في النهاية إلى نتيجة حتمية هي مصادرة الملكيات العقارية لـ”المعارضين السوريين” من خلال: نقل ملكيتها، وإتلاف المستندات العقارية، والتلاعب بقيود السجل العقاري بطريقة قانونية، وإحداث التغيير الديموغرافي في سوريا وذلك بتهجير فئات من السكان وإحلال غيرهم.

من هنا نرى أن القانونين موضوع هذا المقال قد فتحا الباب أمام تمليك غير السوريين، وخاصة من خلال القانون رقم /10/ لعام 2018 الذي يتضمن ثغرات عديدة لسلب الملكيات العقارية من أصحابها وتمليكها للأجانب الذين سيسهمون بإعادة الإعمار، وسيتملكون العقارات لقاء أدوارهم بذلك، وهذا ما يوجب العمل على إلغاء هذين القانونين بكل مفاعيلهما لعدم دستوريتهما، واعتبار جميع عقود تمليك الأجانب التي تمت بموجب أحكامهما باطلة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة