ماوريسيو ساري.. إما النجاح في دوري الأبطال أو الإقالة!

المدرب الإيطالي ماوريسيو ساري (FoxSport)

camera iconالمدرب الإيطالي ماوريسيو ساري (FoxSport)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – فاضل الحمصي

بدأت المطالب بإقالة ماوريسيو ساري، مدرب يوفنتوس الإيطالي، تشكّل صداعًا بالنسبة للمدرب الإيطالي، الذي لم يُمضِ بعد سوى أزيد من نصف موسم بقليل على رأس الإدارة الفنية للسيدة العجوز.

وجاء تعيين ساري خلفًا للإيطالي المحنّك ماسيمليانو أليغري، وذلك رغم السيطرة شبه المطلقة للبيانكونيري مع الأخير على البطولات الإيطالية، إذ ارتأت إدارة اليوفي أن إقالة أليغري وتعيين ساري جاء في إطار خطة عمل طويلة المدى لتغيير عقلية النادي الإيطالي، وإكسابه المزيد من الجماهيرية حول العالم.

 

لماذا تم اختيار ساري تحديدًا؟

يعتبر ماوريسيو ساري مدربًا هجوميًا غير تقليدي، وتمكن خلال السنوات الماضية من إلهام العديد من المدربين في إيطاليا، وشجع الأندية الإيطالية على تغيير نهجها الدفاعي والانتقال إلى تطبيق الأفكار الهجومية بجرأة أكبر.

عدد من المحللين رأوا الخطوة على أنها حلقة في سلسلة طويلة من التغييرات بدأ النادي بتطبيقها قبل سنوات، فبعد إنشاء ملعب جديد، وتغيير أيقونة النادي (اللوغو)، وتغيير لباس الفريق بناءً على نصائح كبار مصممي الأزياء في العالم، جاء الدور على تغيير الأسلوب داخل الملعب، وبالتأكيد يعني ذلك التخفيف من النهج الدفاعي والاعتماد على اللعب الهجومي، ذي الشعبية الجارفة على مستوى العالم.

حصول ذلك سيعني بالضرورة زيادة شعبية الفريق، وبالتالي زيادة في الإيرادات المالية من خلال مبيعات منتجات النادي وعقود الرعاية والإعلانات.

ماوريسيو ساري مدرب نادي يوفنتوس الإيطالي (يوفنتوس تويتر)

ماوريسيو ساري مدرب نادي يوفنتوس الإيطالي (يوفنتوس تويتر)

تكتيك ساري

من المعروف عن ساري أنه ينتمي إلى مدرسة كرويف، التي تعتمد على الاستحواذ والسيطرة على مجريات المباريات، والاعتماد على التمريرات الكثيرة التي ترهق الخصم وتريح لاعبي فريقه.

ويعتمد المدرب الإيطالي على البناء من الخلف، مع وجود لاعب وسط متأخر يقوم ببناء الهجمات، حيث تبدأ عنده مهمة الخروج السليم بالكرة عبر التمرير القصير والدقيق، ويبتعد أسلوب ساري عن الكرات الطويلة المعرضة للضياع في وسط الملعب، كما يركز بشكل دائم على وجود لاعبين يشغلون المساحة بين الوسط ومنطقة جزاء الخصم، ويمكنهم التحول للأطراف أو التوغل خلف خطوط الخصم، ويوجه ساري فريقه للتسديد حالما تتاح لأي لاعب الفرصة.

اعتمد ساري على هذا التكتيك مع الفرق التي دربها في السنوات الأخيرة، وهي نابولي وتشيلسي، وأخيرًا مع يوفنتوس، وقد كانت هذه الخطة التكتيكية تؤتي أكلها وتعطي أفضل النتائج مع نابولي، كما حققت النجاح مع تشيلسي، ولو كان نجاحًا غير مكتمل، لكنها لم تحقق مع يوفنتوس حتى الآن أي نجاح.

المدرب الإيطالي مرن تكتيكيًا، وقد جرب مع اليوفي حتى الآن خطة 4-3-1-2 ولم ينجح، واستخدم 4-3-3، ونجحت إلى حد ما، لكن نجاحها كان يعتمد على وجود الجناح الطائر دوغلاس كوستا، الذي يعاني من إصابات متكررة تجعله غائبًا عن الكثير من المباريات، وباتت خطط ساري التكتيكية عبئًا على الفريق بسبب عدم قدرتها على توظيف اللاعبين بالطريقة المثلى.

 

هل يتمكن ساري من تدارك الموقف؟

بالنظر إلى تاريخ ساري، يمكن الإجابة ببساطة عن هذا السؤال بنعم، لأن ساري مدرب مرن قادر على استنباط تكتيك جديد يناسب الفريق، كما يُعرف عنه اهتمامه الشديد بالتفاصيل، فلا تكاد الورقة تفارق يده، ويسجل عليها الكثير جدًا من الملاحظات، ومن شدة اهتمامه بالتفاصيل قال عنه رئيس نادي نابولي، دي لورانتيس، “يفكر في كرة القدم طوال الوقت.. لا أعرف أين يجد الوقت للاهتمام بزوجته وبيته”.

أما لاعبوه السابقون، والذين تطوروا على يديه، فجميعهم تقريبًا يجمعون على حنكة ساري وتكتيكه المحكم، وقال عنه لاعب نابولي السابق ماريك هامسيك، “أصبحنا نحفظ تحركات بعضنا البعض، ساري مدرب من الصعب إرضاؤه.. إنه مهووس بالتكتيك”. أما ألبيول، لاعب نابولي السابق، فقال، “أحلم بالتدريبات التي يطلبها ساري وأنا نائم، التحركات التي يطلبها مني تشغل أفكاري طوال الوقت”.

 

جماهير اليوفي وإدارته لا يعرفون الصبر!

مع أول خسارة تلقاها الفريق في الدوري الإيطالي أمام لاتسيو، عبّرت مجموعة من جماهير يوفنتوس عن رغبتها في إقالة ماوريسيو ساري.

وقالت صحيفة “ديلي ستار” البريطانية إن فئة من أنصار اليوفي طالبت البرتغالي كريستيانو رونالدو، مهاجم الفريق، بطرد ساري، ونقلت الصحيفة قولهم، “ساري لا يستحق رونالدو، إنه لا يلعب على نقاط قوته، إنه يفسده، أقيلوه ووقعوا مع بوتشيتينو”.

وبعد تلقي اليوفي هزيمته الثالثة في الدوري الإيطالي، وكانت أمام هيلاس فيرونا، كشفت صحيفة “لا ريبابليكا” عن وجود مطالب داخل يوفنتوس لإقالة ساري من تدريب السيدة العجوز، وإعادة ماسيمليانو أليغري من جديد. وكشفت الصحيفة أن رئيس نادي يوفنتوس، أندريا أنيلي، غير مقتنع بما يقدمه ساري.

وبعد كل تلك التقارير الصحفية، حسم فابيو باراتيتشي، المدير الرياضي لنادي يوفنتوس، في تصريحات نقلها موقع “فوتبول إيطاليا”، الجدل بالقول، “نحن سعداء بما نقدمه، ونحقق أهدافنا ونسير على الطريق الصحيح”.

وأضاف، “نمتلك أفكارًا جيدة مع ساري ومحددة طبقًا لمستقبله مع النادي، وأعتقد أن السقوط في مباراة لن يؤثر على مسيرته معنا”.

كذلك دافع الحارس المخضرم جيان لويجي بوفون عن ساري، وقال، “الانتقادات ضد ساري؟ كان ضروريًا تغيير جلد الفريق من أجل الانسجام مع أسلوب لعب جديد، الأمر يحتاج لبعض الوقت، وكان من الصواب تجربة أشياء مختلفة لتحقيق أهدافنا”. وأضاف، “أتمنى بقاء ساري مع الفريق لأن ذلك يعني أننا سنفوز بشيء في نهاية المطاف”.

مهاجم نادي يوفنتوس الإيطالي كريستيانو رونالدو (نادي يوفنتوس)

مهاجم نادي يوفنتوس الإيطالي كريستيانو رونالدو (نادي يوفنتوس)

ساري ولعنة بداية العام!

تعتبر فترة بداية العام نذير شؤم بالنسبة لساري، إذ ارتبطت هذه الفترة بالنتائج السلبية خلال مسيرة ساري الطويلة.

ومع اليوفي يتكرر الأمر ذاته، فخسر اليوفي خارج ميدانه من نابولي في 26 كانون الثاني الماضي، ثم خسر من هيلاس فيرونا في 8 من شباط، وتعادل بصعوبة من ركلة جزاء مع ميلان في ذهاب نصف نهائي كأس إيطاليا، وحتى الأداء أمام بريشيا وسبال لم يلق أي رضى رغم تحقيق الفوز.

وتاريخيًا، يعاني ساري في بدايات كل عام، فمن بين الخسائر الـ12 التي تلقاها كمدرب لتشيلسي، هناك ست هزائم حدثت ما بين كانون الثاني وشباط.

ومع نابولي تلاشى جزئيًا حلم الفوز بلقب الدوري الإيطالي في عام 2018، وكذلك خرج من بطولة الدوري الأوروبي أمام لايبزيج.

وفي العام الذي سبقه مع نابولي كان قد خرج من دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا على يد ريال مدريد، كما خرج من نصف نهائي كأس إيطاليا أمام يوفنتوس.

وفي شباط من عام 2016 واجه يوفنتوس في ملعب آليانز ستاديوم وخسر بهدف دون مقابل، وأعقب ذلك تعادلان مع ميلان وفيورنتينا.

ماوريسيو ساري (Goal)

ماوريسيو ساري (Goal)

ساري قد لا يكمل موسمه مع اليوفي.. وقد يكون البطل!

لا يزال ساري متصدرًا للدوري الإيطالي، ومنافسًا على بطولة كأس إيطاليا، وفرصه بتحقيق دوري أبطال أوروبا قائمة، ولا يمكن حتى الآن التنبؤ فيما إذا كان سيقال أم سيكمل موسمه مع اليوفي ويصير “البطل”.

لكنه يدرك تمامًا أن الصحافة الإيطالية لن ترحمه في حال التعثر، وهي المعروف عنها اهتمامها بالتكتيك بشكل كبير، وسيجد المدرب التكتيكي القدير نفسه أمام إظهار زائد عن حده للفشل التكتيكي من الصحافة المحنكة في هذا المجال، وبعدها قد يجد نفسه مقالًا من التدريب تحت ضغط الإعلام، ويبدو المحك الحقيقي له هو دوري أبطال أوروبا، وإن كانت هذه المحطة رحيمة به وجعلته يواجه ليون الفرنسي، إلا أن المحطات الاخرى ستكون أصعب، وأي نتيجة باستثناء التأهل للنهائي ستعد فشلًا لن تغفره الصحافة الإيطالية وجماهير اليوفي.

تعتبر النتائج والطريقة التي سينهي فيها ساري موسمه مهمة للغاية، فنجاح ساري مع يوفنتوس سيعني تغيير الكرة الإيطالية للأبد، وتخليها عن الدفاع واعتمادها أكثر على الهجوم والضغط العالي، لكن فشله لن يعني نهاية أسلوبه الذي أثبت نجاحه مرات كثيرة، ولا يمكن إنكار تأثيره على الكرة الإيطالية، حيث صارت العديد من الفرق مهتمة بتغيير أسلوبها واعتماد أسلوب البناء من الخلف وتطبيق ضغط على خطوط الخصم الخلفية. وربما لولا ساري لما تجرأت على تطبيقه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة